طباعة هذه الصفحة

صرخة أمهات ( احتجاز جثامين الشهداء وصمـة عـار عـلى جبــين العالم أجمع)

بقلم: جلال محمد حسين نشوان

من الصور التي تظل منقوشة في الوجدان، صور أمهاتنا الماجدات اللواتي ينتظرن عودة جثامين أبنائهن الشهداء الذين يحتجزهم النازيون الجدد.. إنها رحلة الإنتظار الموجعة ولهيب الشوق الذي يحرق النفوس، رحلة الألم المسكون بهموم الوطن وجراحه الغائرة،
تشرد الأذهان وتذبل المآقي ويبقى الأمل بعودة الجثامين الطاهرة ليواروا الثرى وتحتضنهم الأرض الفلسطينية المقدسة، رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته، فلقد عطروا تراب الوطن بدماءهم الطاهرة، ودفعوا الثمن الأغلى على طريق الملحمة النضالية الفلسطينية المتواصلة لتحقيق طموحاتنا وعلى رأسها اقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
لقد لبوا نداء الوطن، فحينما تكون جراحات الوطن عميقة، جاء الأبطال ثواراً ومحررين ليثروا الإنسانية بإبداعاتهم النضالية التي أشعلت قناديل الحرية في كل بقاع الأرض.
 حقاً:
 لا توجد كلمات أو حروف تصّور مشاعرنا ونحن نشاهد بطولات فلذات أكبادكن، ولا توجد أبجديات نستطيع أن نصيغ منها كلمات نصف بها عظمة تلك التضحيات ... هذا قدر أمهات فلسطين أينما كنَّ، وهذا قضاء الله فينا، فلنكن على قدر تلك الرّسالة الإلهية وعلى قدر عظمة كوننا فلسطينيين نقاتل المحتل واجتثاثه من وطننا.
 أمهاتنا الماجدات
أبناؤكن هم أبناءٌ لكل الشعب الفلسطيني، وفي كل مكان يتواجد فيه أحرار فلسطين، عيون تبوح بكثير من الحزن على فقد أبنائهن الشهداء ممّن تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامينهم في ثلاجات الموتى، دون أن تفلح كل الجهود الرسمية والشعبية والحقوقية التي بذلت في تحرير تلك الجثامين من الثلاجات. الإحتلال الصهيوني الإرهابي لا يكتفي بإستهداف أبناء شعبنا وقتلهم بل يتعدى ذلك إلى حرمان أهالي الشهداء من نظرة الوداع ومراسم الدفن التي أوصت بها الديانات السماوية ككرامة للميت وروحه. أن هؤلاء العمالقة لن يكونوا مجرد أرقام فهم رموز للنضال الفلسطيني بأسمائهم ونضالاتهم التي تعتبر نياشين عز على صدر كل حر وشريف في هذا العالم. أن الاحتلال يحاول من خلال احتجازه لجثامين شهدائنا اخفاء جرائمه وآثارها، مبينة أن عدة دراسات وتحقيقات أثبتت قيام الإحتلال الصهيوني الإجرامي بسرقة اعضاء الشهداء دون أن يحرك العالم ساكناً أمام كل هذه التجاوزات.
 الأم الفلسطينية التي وبرغم كل محاولات الاحتلال لارضاخها وكسر ارادتها، تصر أن تكون الرمز والنموذج الأمثل على صلابة الفلسطيني الذي يتمسك بالأمل برغم الألم.
وفي الحقيقة:
تتعدد أشكال ومظاهر التضامن مع أمهات الشهداء ممن يتوشحن الأسود غالباً، فكافة الشرائح الاجتماعية تزور أمهات الشهداء للوقوف إلى جانبهن في هذه المحنة القاسية والتي تنوء من حملها الجبال.
 السادة الأفاضل:
لا غرابة في ممارسات المحتل الإرهابية، حيث يحظى العنف والقتل والدمار بقداسة في فكر الصهاينة وفي كل ذلك ينسبون الأوامر للرب وأدبياتهم الدينية المعتمدة في العهد القديم والتلمود عمادها نصوص تزرع العدوانية ضد كل من ليس يهودياً. فهم حسب زعمهم شعب الله المختار، وما عداهم هم غوييم أي الأغيارأو الأمميون، ولكن تلمودهم يحمل أوصافًا للغوييم تجعل منهم حيوانات بهيئة بشر. ويزعم هؤلاء القتلة بأنهم شعب الله المختار وقد صاغوا نصوصاً في العهد القديم لتخدم فكرتهم هذه ومنها إن امتثلتم أوامري وحفظتم عهدي فإنكم تكونون لي خاصة من جميع الشعوب لأن جميع الأرض لي، ومنها ( لأنك شعب مقدس للرب إلهك وإياك اصطفى الرب إلهك أن تكون له أمة خاصة من جميع الأمم التي على وجه الأرض ونصوصهم الموضوعة تفيض بالعدوانية وروح العنف والقتل والدمار، وفي كل ذلك ينسبون الأوامر للرب مما يجعل نصوصهم التي تبرز منهجهم العدواني هذا النص: “فاضرب أهل تلك المدينة بحد السيف وأبسلها بجميع ما فيها حتى بهائمها بحد السيف. وجميع سلبها أجمعه إلى وسط ساحتها وأحرق بالنار تلك المدينة وجميع سلبها جملة للرب إلهك فتكون ركامًا إلى الدهر لا تبنى بعد، ولو تمكن المجتمع الدولي وبعد مرور 50 عاما على الإحتلال، أن يعالج هذه القضية لما تمادت دولة الإحتلال في انتهاك القانون الدولي من جهة، والخرق المتواصل والخطير لأبسط حقوق الانسان الفلسطيني من جهة أخرى، فهي تضرب بعرض الحائط كافة المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية، إن الاستهتار بآلام الشعب الفلسطيني ومطالباته بأبسط حقوقه الإنسانية التي كفلها القانون الدولي، جعل دولة الإحتلال تحتجز جثامين الشهداء وبهذا الاستهتار البشع جعلت الجميع يضع علامات استفهام كبيرة حيث أكد العديد من الصحافيين استخدام جثامين الشهداء في مختبرات كليات الطب في بعض الجامعات الصهيونية تورط مؤسسات أكاديمية في جرائم يحظرها القانون الدولي، إلى جانب تفشي العنصرية في هذه المؤسسات.
 السادة الأفاضل:
في ظل سياسة الإفلات من العقاب، يحتاج الأمر إلى تفعيل الملف لجهة إعداد خطة لمتابعة الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها، بالاستناد إلى قاعدة معلومات محدثة، وتعاون بين الأطراف ذات العلاقة من القيادة وذوي الشهداء والمؤسسات القانونية. وغني عن التعريف يأتي احتجاز جثامين الشهداء في الثلاجات ضمن سياسة ممنهجة تتيح لهم سرقة المزيد من الأعضاء ويحتجز الإحتلال “جثامين 104 شهداء في الثلاجات، و256 شهيد في مقابر الأرقام إضافة إلى احتجازه جثامين 13 شهيدًا منذ مطلع العام 2022.
 وقد دأب الاحتلالُ على تلك الممارسات الإرهابية لمعاقبة أهالي الشهداء والضغط عليهم، ومحاسبتهم على فعل أبنائهم في إطار سياسة العقاب الجماعي، من خلال التنكيل بهم، وهدم بيوتهم، واعتقال أقاربهم، وإبعادهم عن مكان سكنهم، والتشديد على أفراد عائلتهم أمنياً لردع الآخرين، وإيصال رسالة تحذيرية لمن يفكر في القيام بعملية جديدة. وكعادة المحتلين المجرمين نفي الاتهامات الموجهة إليهم بسرقة الأعضاء إلا أن بعض التقارير والشهادات الحية جاءت لتؤكد صحة تلك الوقائع.