طباعة هذه الصفحة

”رسول الفضة” للشاعر أحمد عبد الكريم

ســــــرد يستعيــــد ســـــــــيرة الشاعر الثائــــــر “عبـــــــــــد اللــــه بــــن كريــــو”

قسنطينة: مفيدة طريفي

 

رفع الشاعر والروائي والمترجم أحمد عبد الكريم الستار عن إصداره الأخير المعنون بـ«رسول الفضة”، وعن الشخصية الرئيسية المتمثلة في الشاعر الشعبي الثائر “عبد الله بن كريو” الذي كان يكتب للحب والإنسانية طيلة الحقبة الاستعمارية..

خلال استضافته، من طرف بيت الشعر بالمكتبة العمومية مصطفى نطور، لتقديم كتابه الأخير، وهو سيرة لشخصية الرواية المحورية “عبد الله بن كريو” شاعر الصحراء الجزائرية، أكد أنّ هذا الأخير عاش متمردا بسبب عدائه للاستعمار الفرنسي من جهة، وعلى العادات والتقاليد السائدة آنذاك، حيث كرّس شعره للإنسانية وللحب السامي والمطلق لحبيبته “فاطنة الزعنونية” وتم بسببها نفيه من الأغواط إلى المنيعة، كما تناول كتابه جانبا من تاريخ الجزائر، باعتبار أنّ مسقط رأسه عرف سنة 1852 محرقة ارتكبت من طرف الجيش الفرنسي في حق سكانها، عندما دافعوا عن أرضهم خلال محاولة اقتحامها، وتم إبادة ثلثي سكان المدينة بعد مقتل قادة فرنسيين..
تحدث عبد الكريم في تفاصيل حياة الشاعر الشعبي “عبد الله بن كريو” قائلا: إنّه شاعر ثائر معروف بقصائد تشكل ثقلا في أشكال التعبير الجمالي لدى الجزائري، حيث تحدث بن كريو بلغة ثالثة بين اللهجة المحلية وعبارات فصحى، تغنى بها عدد من المغنيين الجزائريين من بينهم خليفي أحمد ورابح درياسة.
وأضاف أنّ الشاعر قبل أن يكون مهندسا للكلمات والقوافي، فقد كان قاضيا وكيميائيا ورياضيا مرموقا في وسط مجتمعه، غير أنه توفي أعمى وحرم الزواج من محبوبته ولم يشكل عائلة حتى توفيت، ليرتبط بابنة عمه، وسمى ابنته الكبرى “فاطنة”.. “هو شاعر انجبته الشعرية الجزائرية المعادلة للغة الفصحة”، موضحا أنّ الاهتمام بهذا الشاعر تحديدا واختياره يعود إلى التجربة الشعرية التي خاضها، خاصة وأنّه من جيل الثمانينات الذي جاء في مرحلة صعبة بمهمة التحديث في الشعر العربي بالجزائر، والتي حملوها على عاتقهم”.
وقال عبد الكريم إنّ التزاوج بين الرواية والشعر جاء بعد نشره لثلاث مجموعات شعرية، ثم انتقل بعدها إلى الرواية، لكن لم يخرج عن مفهوم الكتابة رغم الاختلاف فيها، حيث قال إنّ هناك من اعتبرها إدانة رغم أنّ الأمر ارتبط بكثير من أدباء الجزائر، على غرار مالك حداد، كاتب ياسين، وأحلام مستغانمي كانوا شعراء وأصبحوا روائيين، وكانت المشهديات في الرواية شعرا”، وعبر في الوقت نفسه، عن رفضه للقصيدة النثرية التي لا تحمل خيارات شكلية وواعية مملوءة بالتراث، إضافة إلى توفر عنصر الفنية والجمالية، خاصة وأنّها وردت للعالم العربي بتأثيرات عالمية، رافضا استسهال كتابة هذا النوع مع الجيل الجديد، ليؤكد أنّه ليس ضدّ القصيدة العمودية، وإنّما يبتعد عن تلك المرتكزة على النمطية القاتلة والمتكررة فيها، مصرحا “هناك صراع بين القصيدة العمودية والنثرية”..
وقال صاحب رواية “رسول الفضة” إنّ الشعر حاليا أضحى يتيما دون مأوى بعيدا عن الأضواء ومستبعدا عن المشهد الثقافي، مهمشا من الناحية الإعلامية، معتبرا أنّ إقحام الشعر في وظائف أخرى هو خطأ، وجعل الشاعر خطيبا وسياسيا وصحفيا، حيث يجب أن يعبر عن نفسه فقط، والنزول عند طموح الناس دون التنازل عن القيم الجمالية للشعر، وأضاف أنّ الترجمة الشعرية إلى العربية يجب أن تعتمد على المجاز واللغة والصورة، إلى جانب الإيحاء والبلاغة في الانتقال من ثقافة إلى أخرى عبر جسر روحاني للشاعر، وهو ما فعله في ترجمة لديوان “متصوف روحاني” لأكبر شعراء فرنسا “كريستيان بوبان” في ديوانه الذي حمل عنوان “أسود فاتح”.