طباعة هذه الصفحة

رئيس الجمهورية جعل الصناعة السينمائية في قلب أولوياته

كلمة الـسرّ.. تشجيـع المواهـب واستقطاب الكفاءات

أسامة إفراح

«إن دور السينما مهم ومحدّد في صناعة فكر الفرد الجزائري والمجتمع ككل، وليس للتسلية فقط”.. بهذه العبارة أكد السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على أهمية الفن السابع ودوره في تشكيل إدراك الفرد، خاصة وأننا في عصر الصورة. من أجل ذلك، أمر رئيس الجمهورية بتشجيع كل المواهب والطاقات السينمائية، داخل الجزائر، واستقطاب الكفاءات من أبناء الجالية الوطنية، بجعل 2024 “عام انطلاق الإنتاج السينمائي”. ولكن هذا الاهتمام ليس وليد اللحظة، بل نجده متواصلا طيلة عهدة رئيس الجمهورية.

شهد السابع عشر من ديسمبر الجاري عقد اجتماع كل من وزيرة الثقافة والفنون، ووزير المالية، والمدير العام للميزانية، والمديرة العامة للضرائب، ومدير أملاك الدولة، ورئيس جمعية البنوك والمؤسسات المالية، وإطارات من وزارة الثقافة والفنون. وتطرّق الاجتماع إلى مختلف الإجراءات المتعلقة بالنهوض بالصناعة السينماتوغرافية، من خلال إعادة النظر في ميكانيزمات تمويل ودعم الإنتاج السينمائي، واستغلال الخواص قاعات السينما، وتوفير التسهيلات الجبائية والتحفيزات البنكية للاستثمار في هذا المجال. وقالت وزارة الثقافة، إن هذا الاجتماع “عقد تنفيذا لقرارات مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 10 ديسمبر 2023”.. فما هي هذه القرارات؟
خلال مجلس الوزراء، وبخصوص “مشروع الصناعة السينماتوغرافية”، كلّف السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وزيرة الثقافة باستحداث هيئة وطنية، توكل مهامها إلى أهل القطاع، للإشراف على العمل السينمائي، وتشجيع النهوض به في هذا المجال الحيوي، خاصة مع بروز بعض الأعمال الدرامية الراقية والمواهب الشبانية، في التمثيل والإخراج، خلال السنوات الأخيرة.
كما أمر السيد الرئيس بتشجيع كل المواهب والطاقات السينمائية، داخل الجزائر، واستقطاب الكفاءات من أبناء الجالية الوطنية، بفسح المجال أمامهم لتقديم أعمالهم وإسهاماتهم، وذلك بجعل 2024 “عام انطلاق الإنتاج السينمائي”، حسب بيان رئاسة الجمهورية، الذي جاء فيه أيضا: “تلتزم الدولة بتمويل الأعمال السينمائية إلى غاية 70 في المائة، من خلال قروض بنكية، مع مساعدة أهل القطاع على بناء استوديوهات تصوير ومدن سينمائية، تعيد للجزائر مجدها وبريقها السينمائي”.
ويظهر جليا من مخرجات مجلس الوزراء حرص الرجل الأول في الدولة على مجال الصناعة السينمائية، ففي مجلس الوزراء المنعقد يوم 8 جانفي 2023، أكد رئيس الجمهورية أن الهدف من إنشاء الثانوية النموذجية للفنون هو سدّ للفراغ الثقافي والفني، لدى الجيل الناشئ، لتقوية أسسنا الثقافية والفنية من أجل مواجهة التحديات، التي تنطلق من مرجعياتنا الثقافية، على غرار الفن السينمائي، والمسرحي والموسيقي.
وبذات المناسبة، شدّد رئيس الجمهورية على أن “دور السينما مُهم ومحدّد في صناعة فكر الفرد الجزائري والمجتمع ككل، وليس للتسلية فقط”.
أما في مجلس الوزراء المنعقد في 20 فيفري 2023، وبخصوص مشروع القانون المتعلّق بالصناعة السينماتوغرافية، أمر رئيس الجمهورية بتأجيل مشروع القانون لإثرائه، مع الأخذ بعين الاعتبار، مجموعة من التوجيهات، منها عقد جلسات خاصة بقطاع السينما، بإشراك الفاعلين ومهنيي القطاع الجزائريين، داخل الوطن وخارجه. كما أكد رئيس الجمهورية حرصه على أن يتضمن القانون الجديد الخاص بالفنان آليات التكفّل بالجوانب الاجتماعية لكل المبدعين الجزائريين، على اختلاف فنونهم، عرفانا بما قدموه ويقدمونه من صور جميلة عن الجزائر.
ومن توجيهات الرئيس أيضا، أن يكون القانون محفزا، ومشجعا حقيقيا للرغبة ويعطي القدرة، على الإنتاج السينمائي وفق نظرة إبداعية، تعيد للجزائر بريقها، بهذا النشاط الحيوي داخل المجتمع. وأن يراعي القانون مختلف التحولات والتطورات، في مجال العمل السينمائي، بما يتجاوب مع تطلعات الشباب الراغبين، في التخصص بهذا المجال. مع ضرورة ضبط آليات واضحة لتمويل المشاريع السينمائية، بما يتوافق وقوانين الجمهورية.

السينمـا.. وتخليـد بطـولات
 الشعب الجزائـري

كما سبقت الإشارة إليه، لا يرى رئيس الجمهورية في السينما وسيلة للتسلية فقط، بل لها دور مهم في صناعة فكر الفرد الجزائري والمجتمع ككل.
ولرئيس الجمهورية رؤية معينة لدور السينما في تخليد بطولات الشعب الجزائري، بل إنه استنكر السينما التي تهمل الشهداء وملحماتهم. ففي رسالته بمناسبة اليوم الوطني للشهيد (18 فيفري 2020)، قال رئيس الجمهورية: “إن شبابنا اليوم في أمس الحاجة لكي يحفظ الدروس من الشهداء، تلك الدروس التي تعزّز “العقيدة النوفمبرية” في الأرواح والنفوس، وتحصن الوطن والدولة من التكالبات والمؤامرات، التي أصبحت سمة العصر الراهن”. معتبرا أن كل شهيد من شهدائنا المغاوير، هو قصة بطل تحكى، ورواية تروى، وتاريخ يدوّن كي يشكل الحزام النوفمبري، الذي ينتقل عبره “حب التضحية من أجل الوطن” من جيل إلى جيل.
وأضاف: “وبهذه المناسبة، ونحن في عصر الصورة وتكنولوجيا المعلومات، ومع المشروع الثقافي الذي باشرنا فيه لتطوير العمل السينمائي، فإنني أدعو المنتجين والمخرجين والمؤرخين وكتاب السيناريو، إلى التعاون والتدوين الفني للتاريخ، تاريخ الثورة ونسائها ورجالها”.
قبل أن يقول رئيس الجمهورية صراحة: “بئس السينما التي تهمل الشهداء وملحماتهم وتبخسهم حقهم، في الوقت الذي نرى أمما تسابق لصنع بطولات تلفزيونية وسينمائية لتاريخها”.
وجدّد رئيس الجمهورية، في رسالته بمناسبة الذكرى الـ67 اندلاع ثورة التحرير المجيدة (01 نوفمبر 2021) التأكيد على أهمية الإبداع الفني عامة، والسينما خاصة، في تخليد نضالات الجزائريين، ومن ضمن ما جاء في الرسالة: “أهيب بالمؤسسات التي يقع على عاتقها الاهتمام بتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير، وأدعوها للمبادرة بوضع تصورات وبرامج محددة المواضيع والآجال، وللانتقال بأسرع ما يمكن إلى حفظ وتوثيق المادة التاريخية، بالاعتماد على الرقمنة.. وتوفير الشروط الملائمة للباحثين والمبدعين في شتى الفنون، لإبراز حقيقة النضالاتِ القاسية، والتضحيات الجسيمة من خلال أعمال فنية راقية، وإبداعاتٍ تسمو إلى تضحيات، عانقت عنان السماء في نبل الأهداف والمقاصد الإنسانية العظيمة لثورة نُوفمبر 1954.. إنه لا مناص من استدراك الفراغ في هذا الشأن بإنجازات مبدعة، تضاف إلى تلك الطفرات النادرة في مجال الصناعة السينمائية والإنتاج التلفزيوني والإذاعي، والأعمال الأدبية والفنية المميزة، التي عكست بكفاءة واحترافية نـزرا قليــــلا من تـــاريخ مسيرة النضال الوطني، والكفاح المسلح للشعب الجزائري، الذي يحتفظ في كل قَرية، وفي كل دشرة، وفي كل حي من مدننا، بأحداث ووقائع تشهد على ثورة مجيدة عظيمة، ستظل حاضرة بوهجها في ضمير الإنسانية جمعاء، وعميقة في هوية وذاكرة الأمة، ترسم للجزائريات والجزائريين خط الوفاء للتاريخ وللذاكرة”.
من خلال كل ما سبق، يمكن القول إن النهوض بالصناعة السينماتوغرافية الجزائرية يقع في قلب أولويات رئيس الجمهورية، وهو مشروع راسخ في برنامجه، وقد عبّر عن ذلك في أكثر من مناسبة، منذ بداية عهدته وعلى مدارها. السبب وراء هذا الاهتمام، هو ما للسينما والصورة من أهمية وفعالية في تخليد ماضي الأمة، وتوصيف حاضرها، وتشكيل ملامح مستقبلها.