طباعة هذه الصفحة

دعا إلى دعم الجمعيات المسرحية..بن حديد:

الإنتاج المسرحي للطّفل متعلّق بطبيعـة النّصوص

تندوف: علي عويش

هناك خصوصيات للأعمال الموجّهة للطّفولة ينبغي الالتزام بها

 أشار الممثل والمخرج المسرحي دريس بن حديد، إلى أنّ مسرح الطفل يُعدُّ من أصعب أنواع المسرح إنتاجاً وتقديماً لما فيه من خصوصية؛ ذلك لأّنه يتعلق بفئة عمرية من المتلقّين لهم ضوابط وخصوصيات ينبغي الأخذ بها، من قبيل اللغة البسيطة، الموضوع، الديكور وطريقة التقديم. واعتبر بن حديد أنّ الفئة العمرية للمتلقّين التي تنحصر ما بين 03 إلى 11 سنة، تفرض على المنتجين تبسيط لغة العمل المسرحي، وحصر مواضيعه في الجانب التربوي التعليمي، إلى جانب التقيّد بطريقة أداء يفهمها الطفل دون عناء.
 تحدّث بن حديد بإسهاب لـ “الشعب” عن خصوصيات مسرح الطفل، مُعدّداً جملة من الشروط والمعايير الواجب اتباعها للوصول إلى مسرح يلقى القبول من طرف الأطفال، وقال إنّ “أداء الممثل في مسرح الطفل ينبغي أن يكون قريباً لأداء الرسوم المتحركة حتى تصل تلك المعلومة أو الحركة التي يستسيغها الطفل المتلقّي، وبالتالي، ينبغي تجنّب الحركات التي هي أكبر منه أو تلك التي تثير لديه التساؤلات، بالإضافة إلى الاعتماد على قدر كبير من السينوغرافيا والواقعية لإيصال الرسائل المُراد إيصالها”.
وجدّد بن حديد التأكيد على أنّ مسرح الطفل هو من أصعب المسارح، يشترط السهولة في اللغة والابتعاد عن إقحام الطفل في متاهات فكرية وجودية أو فلسفية وألا نغوص في أمور وجودية، أو إيديولوجية، وبالتالي، فهو عبارة عن توليفة وخَلطة تقدّم جاهزة للطفل.
وأشار المتحدّث إلى أنّ هذا النوع من المسرح له جمهوره العريض بالجزائر، ويلقى رواجاً هائلاً خاصة في المناسبات والعطل المدرسية، معرباً في الوقت ذاته عن أسفه لتراجع مسرح الطفل، واختفاء بريق العديد من المهرجانات المسرحية الموجهة للأطفال، على غرار مهرجان قسنطينة لمسرح الطفل، والمسرح المدرسي في مستغانم إلى جانب مسرح سيدي بلعباس.
وقال بن حديد إنّ المهرجانات التي تقام حالياً لم تصل بعد في نجاحها إلى المهرجانات السابقة الذكر، وأوعز المتحدّث السبب إلى عدم الاهتمام بعنصر الإشهار، وإغفال جانب الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي اللذين يُعدّان عنصرين أساسيين في نجاح أي عمل ثقافي.
ولم يُنكر بن حديد وجود نصوص مسرحية غزيرة موجّهة للطفل، ولكن وقع أغلبها في إشكالية مدى إتقان الكتّاب لهذه النصوص، حيث تقع أغلب الكتابات تحت عنوان مسرح الطفل ولكن جوهرها يخلو من العديد من العناصر الأساسية، فنجد عبارات النص معقدة أو تثير مسائل فلسفية تتجاوز أعمار الأطفال.
وعرّج المخرج المسرحي على مسألة الإنتاج التي ترتبط بوجود نص حقيقي موجّه للطفل، مؤكّداً بأن عملية الإنتاج مكلّفة نظراً لاستخدام عناصر متعددة في الديكور، الموسيقى وربما الاستعانة بشخصيات أكثر.
وأكّد بن حديد أن عودة مسرح الطفل إلى سابق عهده يحتاج إلى التفاتة حقيقية، وإلى دعم الجمعيات التي تنشط في مجال مسرح الطفل. وقال إن “المسرح تكليف وليس تشريفا، فهو يجمع كل الفنون، وبالتالي، فهو يجمع ما تحتاجه هذه الفنون”، ما يستدعي - من باب الضرورة - استعانة مسرح الطفل بعازف ورسام ومغنّ وراقص، بل قد نستعين حتى بنحّات ونجّار.
وجدّد محدّثنا التأكيد على أن الجمعيات تحتاج إلى دعم مادي قوي يتيح لها تقديم مسرحيات تربوية وتعليمية للأطفال بكل أريحية، مشيراً إلى أن صعوبة تقديم مسرح للطفل في الجزائر تزداد صعوبةً كلما اتجهنا جنوباً لثلاثة أسباب رئيسية، أولهما ارتفاع تكاليف التنقل بين المدن في الجنوب مقارنةً بولايات الشمال، وهو ما يقوّض من فرص المشاركة في المهرجانات الوطنية والجهوية، وثانيهما، الفارق الكبير في الكثافة السكانية بين ولايات الشمال والجنوب، والذي يؤثر بشكل ملحوظ على المداخيل، بحيث أن عرض مسرحي واحد في ولايات الشمال قد تغطي فيه تذاكر الدخول كل تكاليف الإنتاج عكس ولايات الجنوب، أما السبب الثالث - حسب المتحدث - فيتعلّق بارتفاع تكاليف الإنتاج في حد ذاتها وبلوغها مستويات قياسية لا تقوى بعض الجمعيات على الوفاء بها.