طباعة هذه الصفحة

تعكس يوميات أطفال عانوا قهر الاستعمار

دودان يعرض راويـة “أطفال الأسلاك الشائكة”

أمينة جابالله

قدّم الكاتب سعيد دودان في العدد الحادي عشر من جلسات “منتدى الكتاب” بالمكتبة الوطنية، رواية “أطفال الأسلاك الشائكة” الصادرة عن دار “سينغ ڤوم”، التي تمّ نشرها بدعم من وزارة الثقافة والفنون، في إطار البرنامج الخاص بستينية الاستقلال.

عبّر سعيد دودان عن أمنيته أن يعد عمله الروائي ضمن الجهد الوطني الرامي إلى الحفاظ على الذاكرة، وحفظ  مآثر الشهداء وكفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، باعتباره يتناول موضوعا يرتبط مباشرة بالثورة التحريرية المجيدة.
وتشكل فصول الرواية لوحة تختلط فيها خيوط الأحداث التاريخية بخيال الإبداع الأدبي لتعبّر عن مأساة إنسانية عاشها أطفال الجزائر في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وقال دودان إن الإعجاب بكفاح ومقاومة الجزائريين وأعمالهم البطولية، كان الشعلة التي أوقدت لهيب الإبداع، وأشعل حماس الروائي لإنجاز عمله، فالثورة الجزائرية ـ يواصل دودان - نالت اهتمام الأدباء الجزائريين، وأنجز حولها عدد كبير من المؤلفات الابداعية سجلت بطولات الأمة الجزائرية ومآثرها..
رواية “أطفال الأسلاك الشائكة” ـ يقول دودان - لا تختلف عن رواية “الأرواح المعذبة” التي أصدرها عن “دار خطاب للنشر” تحت اسم مستعار (س. الحسين)، وهي تطابقها في تمجيد بطولات وكفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر.. غير أنها تتميز بكونها ترصد البطولات والتضحيات من خلال نظرة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 05 و12عاما.
وأضاف يقول: “في مدخل الرواية أشرنا إلى أن كل مناسبة إحياء ذكرى ثورة أول نوفمبر 1954 أو عيد الاستقلال 05 جويلية 1962، نستمع إلى العديد من الشهادات تبرز بطولات وكفاح الكبار، ولكننا نادرا ما نسمع عن شهادة أولئك الذين عاشوا طفولتهم في قلب حرب التحرير وعانوا من الظروف القاسية بسبب القهر الذي كانت تمارسه الإدارة الاستعمارية على أصحاب الأرض، فكانت الشرارة التي أشعلت فتيل إبداع هذه الرواية”.
تجري أحداث الرواية بإحدى القرى بالريف الجزائري أثناء ثورة التحرير المباركة، في مرحلة اشتدت فيها مقاومة الشعب الجزائري ضد المستعمر الغاصب، وفي هذه الظروف يخرج الطفل “علي” بطل الرواية إلى الشارع لوحده وهو لم يتجاوز الخامسة من عمره، وشجعه على ذلك وجود سوق قرب بيته تباع فيه الحلوى وما يشتهيه من في سنه، وحينئذ يفاجأ بمشهد إحضار العساكر لجثة مجاهد على ظهر بغل وإلقائها بساحة القرية على مقربة من المكان الذي كان متواجدا به، ولشدة التأثر لم يعد علي يغادر البيت، وأصبح مكتفيا باللعب رفقة ابن عمه بوعلام، في الحديقة المحاذية للمنزل.. وحتى في هذا المكان لم ينج الطفلان من التعرض للرصاص بسبب الاشتباك بين جيش العدو الفرنسي والمجاهدين.
وتحمل الرواية قائمة طويلة لأطفال أبطال نالوا شرف الشهادة، وهم يترددون على الأسلاك الشائكة من أجل مساندة المجاهدين، فنجد الطفل “موحوش” الذي استشهد في مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس، وهو لم يتجاوز 16 عاما، حيث كان قبل أن يبلغ العاشرة من عمره الرفيق الدائم لعلي وهو يحمل في جيوبه بعض من الخبز والأكل للمجاهدين في منطقة قريبة من مسقط رأسه، إلى جانب كل من “فاطمة”، “تسعديت”، “قادر”، “الوناس”، “بلعيد”، “بوعلام”، “حورية”، “وريدة”، “أعمر”، “آكلي”.. وغيرهم، الذين سجلوا بصماتهم الخالدة خلال مغامراتهم اليومية، بمشاعرهم الرهيفة في قرية “خروبة” وسط أهوال حرب مستعرة تملأها صور الحصار والترهيب والتهجير والقصف والتجويع والأوبئة.