طباعة هذه الصفحة

يرى أنّ المكتبات الرقمية أضعفت الكلاسيكية.. كريم العيداني:

وضع استراتيجية لتشجيع المطالعة.. ضرورة قصوى

رابح سلطاني

ثمّن الشاعر كريم العيداني استحداث مكتبات عمومية لتشجيع فعل المطالعة لدى الجزائريين والمواطنين بشكل عام، غير أنّ غياب استراتيجية واضحة المعالم تحفّز على المطالعة، جعلت من النشاطات الفلكلورية المرتبطة بالمناسبات والأعياد الوطنية، تطغى على الفعل في عمومه.

يقول الشاعر العيداني إنّه بعد إعادة بعث مكتبات المطالعة العمومية بإنشاء ملحقات تابعة للمكتبة الوطنية، أصبح التفكير في القراءة هدفا أساسيا جعل الدولة الجزائرية تولي عناية خاصة للكتاب، ببناء مكتبات عمومية تساهم في نشر الثقافة وتحيي شغف المطالعة لدى المواطن الجزائري، وفعلا تم بناء مكتبة في كلّ بلدية تقريبا عبر كلّ ولايات الوطن، غير أنّ غياب الاستراتيجية التي تحفّز على المطالعة - حسب المتحدّث - جعل تلك الهياكل أجسادا بلا روح، نظرا لغياب القراء عن هذه المكتبات التي أصبحت - بمرور الوقت - صالات لإحياء المناسبات الدينية والوطنية.
ويرى العيداني أنّ الانفجار المعلوماتي في مجال التكنولوجيا وعالم الاتصالات الرقمية، شكل وسيلة مهمة لتوفر الكتاب الرقمي على حساب الكتاب الورقي، ما أثر سلبا على فعل المطالعة الورقية، وقال “الكتاب النادر الذي كان يجعلنا نقطع عشرات إن لم نقل مئات الكيلومترات ونصرف الكثير من المال للحصول عليه أصبح متاحا بأسعار بسيطة ودون مشقّة”، وأضاف “لكن هذا لا يعني أنّ رواد المكتبات انقطعوا تماما عن القراءة فهناك بعض الطلبة والباحثين يفضّلون فضاءات مكتبات المطالعة العمومية بحثا عن الهدوء، بعيدا عن الضوضاء لإنجاز بحث أو استجابة لواجب أكاديمي في كثير من الحالات”.
وقال المتحدّث إنّ المطالعة من أجل المطالعة أصبحت نادرة في عالم مليء بالفوضى والأحداث، وأضاف: “أما بالنسبة للمكتبات الجامعية وبصفتي طالب في كُلْيَة الحقوق، اعترف أنّني لم أزر حرم المكتبة طيلة سنوات دراستي، وهذا له مبرّره فكلّ المراجع موجودة على الأنترنت بصيغة بي دي أف، تجنبنا عناء التنقل إلى المكتبة وعناء البحث الطويل”.
 من جهة أخرى، نوّه العيداني بما يتعلّق بمكتبة في مقهى، مكتبة في حافلة وغيرها.. قائلا “هذا يدعونا إلى الإشادة بالتجربة الرائدة التي قام بها الناشر الجزائري كمال قرور، من خلال مؤسّسته منشورات “الوطن اليوم”، حيث انطلقت التجربة من مدينة العلمة بولاية سطيف وأنشأ مكتبة في كلّ محطات الخدمات بالطريق السيار شرق غرب، كما شجّع وبادر إلى إحياء سلسلة “كتاب الجيب” من خلال نشر كثير من الأعمال الوطنية والعربية والعالمية بصيغة كتاب الجيب، حيث يمكنك المطالعة في أيّ مكان من خلال وجود الكتاب في جيبك”.
واعتبر ذات المتحدّث، انه باستثناء نشاط الصالون الدولي للكتاب لا توجد تجارة رائجة للكتاب في الجزائر، مؤكّدا على أنّ تجارة الكتاب كاسدة قتلتها التكنولوجيا وزاد الطين بلة غرق القارئ في بركة مواقع التواصل الاجتماعي التي قضت على شغف المطالعة، أما المكتبات الخاصة، فقد أصبحت خالية تماما من جماهير القراءة باستثناء موسم الدخول المدرسي بحثا عن المقررات المدرسية.
 وعن تجربته، اعتبر الشاعر العيداني أنّ أغلب مشاريعه القرائية في السنوات الأخيرة كانت بصيغة (بي دي أف) ولا أكاد أحمل كتابا ورقيا بين يدي اليوم إلاّ فيما ندر.. على الرغْم أنه لا يمكن تعويض الكتاب الورقي بالكتاب الرقمي لأسباب يعرفها أغلب الناس، مضيفا أنّ صوت الورقة بين أصابع القارئ، موسيقى لا يستوعبها سوى الراسخين في الفنّ..
وقال: “ترى ما فعلته شاشات الحواسيب والهواتف المحمولة بأعين الناس، وهذا لا ينفي تماما الدور الإيجابي والفعال للمكتبات الرقمية في نشر الثقافة والوعي بين الناس في عالم أصبح بيتا لا قرية صغيرة.. ولك أن تتخيل معي شعورك وأنت تزور مكتبة الكونغرس في الولايات المتحدة الأمريكية وأنت مستلق على سريرك من خلال اللوح الرقمي أو من خلال شاشة الهاتف المحمول”.
 أما عن فكرة البيع بالتوصيل، فقد أشار الشاعر إلى أنّ توزيع الكتاب يبقى محدودا، ويحتاج الانتشار الكبير والواسع إلى ثورة فكرية عارمة وجذرية، تقوم بها المؤسّسات والأفراد مسؤولين ومواطنين للنهوض بالكتاب والمطالعة في الجزائر.