طباعة هذه الصفحة

الفنّان التشكيلي مصطفى بوسنة

الفنون التشكيلية على درب الاستثمار..

برج بوعريريج : رابح سلطاني

يقول أستاذ الفنّ التشكيلي مصطفى بوسنة، إنّه في كلّ مرة يُنشر فيه خبر عن بيع لوحة بسعر معين، يتجلّى لكثيرين أنّه مبالغ فيه، وهنا تطرح أسئلة كثيرة حول الاستثمار في الفنّ، وهل يمكن أن يتحوّل الإنتاج الفنّي إلى صناعة بديلة يمكن أن تشكّل رافدا هاما للدخل الإجمالي للدول.

يرى مصطفى بوسنة أنّ الصناعة الثقافية عامة، ذاتُ مردودٍ ملموس إن عرف الفاعلون كيف يمدّون جسور الصلة مع الجمهور، فتزدهر “الصناعة الثقافية” بفروعها المتشعّبة، ولا تعود الثقافةُ عبئاً على ميزانية الدولة ووزارة الثقافة.
ويعتبر مصطفى بوسنة، الاستثمار في الفنّ التشكيلي واحدا من مفاتيح التنمية المستدامة، من خلال المساهمة في بناء الاقتصاد المحلي، ممّا يجعل هذا الاستثمار يأخذ دور القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، وعلى خلفية القدرة الابتكارية لهذه الصناعة أصبحت السياسات الاقتصادية في العالم داعمة للإبداع والفنّ التشكيلي بصورة أكبر على حدّ قوله، مشيرا إلى أنّ الفنّ التشكيلي، يشكّل رافدا وداعما للاقتصاد الوطني، وقال “منذ مدّة، كان تحديد مفهوم قطاع صناعة الفنّ التشكيلي موضع نقاش، حول ماهية رأس المال الفكري الابداعي، وأثره على القطاع الاقتصادي، فعلى الرغم من توسّع مفهوم الصناعات التشكيلية مع نهاية القرن الماضي، إلا أنّ التطوّر المستمر في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعي، ساهم في توسّع دائرة هذه الصناعة لتشمل كافة محتويات الإبداع الانساني الذي يتميز بالحرفية والمهارة العالية”.
وأضاف: “لذلك، تم اعتبار الاستثمار في الفنّ سمة من سمات الفعل الإبداعي الإنتاجي، وهو العنصر الأساسي المكوّن لمحتوى الصناعات الثقافية المعاصرة، القائمة على هندسة اقتصاديات المعرفة، في كافة فروع الفنون الجميلة والتصميم وصناعة الفنّ الرقمي”.
ويفصل أستاذ الفنّ التشكيلي أكثر في طبيعة العلاقة بين الفنّ التشكيلي والاستثمار، بالقول إنّه عندما نمزج الفنّ التشكيلي بمفهوم الاستثمار نصل إلى مصطلح صناعة الفنّ المرتبط بعجلة الإنتاج للسلع، والفنون التشكيلية أصبحت جزءا من تلك الصناعة التي تعبر عن القطاع المساند للصناعات الإبداعية، وهذه الصناعة تهدف بالأساس إلى استغلال الإبداع لتوليد الثروة وزيادة فرص العمل، ويكون ذلك من خلال الاستثمار في الفنّ التشكيلي من خلال ربط الإنتاج  بالإبداع من أجل المزيد من الربح، فالصناعات الفنية الإبداعية في الدول الغربية تعتبر جزءا مهما من الاقتصاد العام، حيث يتم إنتاج الفنّ وتوزيعه من خلال الوسائل الرقمية الحديثة، والذي قد يكون له قيمة تجارية من خلال الاستثمار في عدّة مجالات منها الفنادق والشركات والمستشفيات والبنوك.
وفي حديثه، عن ثقافة اقتناء الأعمال الفنية والثقافية في الجزائر، اعتبر بوسنة أنّ الاقتناء الذاتي والمستمر بمجتمعنا الجزائري، قد يقود إلى نشاط وفهم مختلف لأهمية العمل الفني وبمعرفة المقتني بالقيمة الاستثمارية والمادية، مع تزايد الاهتمام بالاستثمار في الأعمال الفنية واعتباره جزءا من أصول أو ممتلكات لها قيمتها المادية ترتفع مع مرور الزمن، ممّا يسهم في نشاط هذا القطاع ودخول المؤسّسات الاستثمارية والمصاريف فيه باقتناء الأعمال الفنية، واعتبارها جزءا من الأصول لها، وبالتالي يسهم ذلك بشكل كبير في النشاط الاستثماري وتشجيع المستثمر المستقل على الدخول في هذا الجانب، ويساعد في النشاط الفني.
ويعتقد المتحدّث بأنّ عملية الاستثمار في صناعة الفنّ التشكيلي بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي، يعتبر من أهم دعائم الاقتصاد، حيث تساهم تقنية المعلومات في مجال الفنون على الزيادة في الإنتاجية والنمو الاقتصادي للبلاد، كما تساهم في تعزيز كلّ أشكال التعبير الثقافي والتسويق الذاتي، إذ لا يقتصر الاستثمار في الفنّ على بيع اللّوحات، أو المقتنيات الفنية عالية القيمة، مستشهدا في ذلك بمتحف اللوفر باريس، الذي سَمح سنة 2006 بعرض فيلم “شيفرة دافنتشي” في إحدى القاعات، ما جذب إلى خزينة المتحف 2،5 مليون دولار، وبعدها توسَّع في زيادة مداخيل المتحف، وافتتح ملحقات له عبر دول العالم مقابل عقود فارهة.