طباعة هذه الصفحة

وصف القمـة بأنها «شاملة جامعة بقرارات استثنائية».. البروفيسور مراد كواشي لـ «الشعب»:

«إعلان الجزائر» أسّس للثقـة والشفـافيـة

فضيلة بودريش

 انضمام دول جديـدة يرفع من حجـم الاحتياطي ويمنح المنتـدى تأثيرا أوسع

أكد البروفيسور مراد كوتشي، أن إعلان الجزائر تاريخي في مضمونه، حاسم في قراراته، يؤسس للشفافية والوضوح والثقة ويشجع على تكثيف التعاون بين منتجي ومستهلكي الغاز في العالم. ويرى أنه فصل في توجهات دول المنتدى، راسما مستقبل مسار إنتاج واستهلاك الغاز بشكل أكثر وضوحا وعدالة، على خلفية أن الإعلان نص مدافعا عن أهمية تبني العقود طويلة الأمد المشجعة للاستثمارات. وثمن الخبير قرار المنتدى الجريء، الرافض لأي محاولات أو تدخلات بخلفية سياسية للتضييق على الأسعار، لأن ذلك من شأنه الإضرار بأسواق الغاز، بما هو الوقود الأمثل والطاقة الأنظف. ووصف كواشي قمة الجزائر السابعة، بأنها جامعة شاملة.

أكد الأستاذ الجامعي والخبير المهتم بشؤون الطاقة البروفسور مراد كواشي، أن قمة الجزائر توجت بقرارات استثنائية على أعلى مستوى. ويرى أنها أفضت إلى قرارات مفصلية، كان يُتوقع التوصل إليها، وجاءت تصب في خدمة جميع الأطراف ذوي المصلحة سواء المستهلكين، أو المنتجين والمصدرين، وشهدت انضماما مهما لبعض الدول الإفريقية الملتحقة مؤخرا تحت لواء هذا المنتدى، والباحثة عن تكثيف التعاون، من أجل أن تتمكن من استغلال ثرواتها الطبيعية، على غرار موريتانيا والسينغال والموزمبيق، على اعتبار أنها تتمتع بإمكانات غازية كبيرة، لكن بسبب قلة الموارد المالية والتكنولوجيا، تأخرت نوعا ما عن استغلال مواردهما الغازية.
ويؤكد الخبير، أن عملية تأمين التعاون في إطار المشاريع المشتركة وتأمين السوق من الاضطرابات الخارجية، يعد هدفا أسمى، كانت تسعى إليه دول المنتدى، لأن السوق الغازية في السابق شهدت اضطرابات خاصة منذ وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وعدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر. ويضاف إلى كل ذلك، قرار البيت الأبيض، القاضي بوقف تقديم تراخيص لإنشاء مصانع للغاز الطبيعي. واعتبر الخبير كواشي، في سياق متصل، أن كل هذه الاضطرابات الخارجية، أثرت كثيرا على السوق، مرجعا مصدر العديد من الاضطرابات إلى العاملين السياسي والعسكري.

قرارات تدافع عن مصلحة المنتجين والمستهلكين

وأكد الخبير، أن قرار حماية السوق من أي اضطرابات خارجية يؤدي إلى استقرار السوق، ويخدم مصالح كل الأطراف؛ منتجين ومستهلكين أو مصدرين. وأشار إلى دور الجزائر الريادي والقائد وجهودها الكبيرة من أجل السعر العادل للغاز والمرضي للمنتجين والمستهلكين، لأن المصدّرين مطالبون بتوفير رؤوس أموال ضخمة وضخها في عمليات الإنتاج، ولأن التصدير يمون المستهلكين للدفع بعجلة الاقتصاد العالمي نحو نمو وحركية أكبر.
 ووقف الخبير كواشي على القرارات المسجلة في إعلان الجزائر، وذكر بأنها مهمة جدا، من حيث أنها جاءت جامعة وشاملة، تدافع عن مصالح جميع الأطراف في سوق الغاز العالمية.
ويضيف الخبير، أن عملية تكثيف التعاون في إطار المشاريع المشتركة، ضروري جدا، كون الاستثمار في الطاقة، يتطلب رؤوس أموال ضخمة وأبحاثا كذلك مكلفة وخبرات وتكنولوجية مطلوبة، وكل العملية تتطلب التنسيق بين الدول المصدرة فيما بينها، من أجل تطوير تقنيات حديثة لاستكشاف وإنتاج وتصدير الغاز، وفي إطار الانتقال الطاقوي واستغلال الطاقات البديلة والمتجددة والمتطلبة لتكنولوجيات عالية.
ورفض إعلان الجزائر كل محاولة تسقيف الأسعار لدواع سياسية. وقال البرفسور بخصوص هذا، إن هذا القرار بالدرجة الأولى من شأنه توفير الحماية للمنتجين، في ظل تسجيل، فيما مضى، تدخلات غير مقبولة وغير مبررة في السوق الغازية، ومحاولة الدول الأوروبية تسقيف أسعار الغاز، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. علما أن هذه المحاولات والإجراءات لتسقيف السعر، تتعارض مع مبادئ الاقتصاد الحر والمتمثلة في حرية الأسعار، على اعتبار أن الأسعار تحدد وفق قاعدتي العرض والطلب، وأي محاولة لتسقيف الأسعار تعد ضربا وخرقا لمبادئ الاقتصاد الرأسمالي الحر المنادي بحرية التجارة وحرية الأسعار. وواصل الخبير في تفصيله لهذا البند، واصفا هذا القرار بالمهم جدا، كونه يحمي خاصة الدول المنتجة والمصدرة، والكثير منها تعرضت إلى ظلم كبير في أوقات سابقة، بحسب تقديره، أي عندما كانت تصدر الغاز بأسعار هزيلة جدا، بينما في الوقت الراهن أصبح الغاز يصدر بسعره العادل ويرضي بذلك جميع الأطراف.

منفعة متبادلة وإضافة مهمة

وأثار الخبير، مسألة إقدام بعض الدول الغربية على توظيف واستغلال ورقة المناخ للضغط على الدول المنتجة والمصدرة للغاز والطاقات الأحفورية. ويرى الخبير أنها كلمة حق أريد بها باطل، لأن هذه الدول، أوضح الخبير، تسعى من خلال ضغوطات لا أساس لها من الصحة، للتأثير على الدول المنتجة والمصدرة، وكذا التأثير على الاستثمار والأسعار، لكن هذه الدول عادت، في نفس الوقت، إلى استغلال الفحم الحجري في صناعاتها وتنقلاتها، لذلك تظهر حماية البيئة مجرد شعارات يتم توظيفها في كل قمم المناخ، بهدف الضغط على بعض الدول المنتجة والمصدرة للغاز، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، ويثبت أن الدول المصنعة هي المسؤولة عن 98٪ من التلوث العالمي، لأن هذه الدول المصنعة والمنادية بحماية البيئة، عندما تعرضت لأول أزمة تمويل بالطاقة، عادت إلى استغلال الفحم.
وشرّح الخبير مزايا ترقية الغاز كمصدر مرن وزيادة التكنولوجيا والبحث والابتكار، قائلا، إنه أمر منطقي جدا، بالنظر إلى التوقعات المستقبلية في ظل تسجيل زيادة محسوسة في الطلب على الغاز. وعلى سبيل المثال في عام 2024 سوف يزداد الطلب على الغاز بنسبة 1,5٪. ويقدر حجم الطلب في السنة الجارية حوالي 4.13 ترليون متر مكعب، بعدما استقر في العام الماضي عند 4.08 تليون متر مكعب، وهناك توقعات بزيادة الطلب بنسبة كبيرة على الغاز إلى غاية آفاق عام 2050، وهذا ما يحتم، بحسب تأكيد الخبير، ضرورة زيادة الإنتاج وتقوية الاستثمار وإنتاج وتصدير هذه المادة الحيوية، كونها تعتبر من أنظف الطاقات الأحفورية، وكما أن الاقتصاد العالمي مازال بحاجة إلى هذه المادة، في ظل غياب بدائل حقيقية ولأن الانتقال الطاقوي في العالم لم يتم بشكل كافٍ وغير قادر على تعويض مادة الغاز الطبيعي.
وخلص الخبير إلى القول، إن جعل المنتدى منصة رائدة، أمر منطقي، لأن المنتدى يسيطر على احتياطات عالمية كبيرة ونسبة أكبر من الإنتاج والتصدير، بل ويمثل دخول دول جديدة زيادة في حجم طاقاتها الإنتاجية والتصديرية وقوتها العالمية في الأسواق، ويتوقع أن تكون منصة المنتدى نواة أولى لتشكيل منظمة عالمية، مثل «أوبك»، تشرف على تسيير السوق الغازية.
وعن الإضافة المنتظرة من التحاق دول جديدة، فقال إنها تتعلق بالمنفعة المتبادلة والإضافة المهمة. علما أن المنتدى سيستفيد في الزيادة من قوته ونسبة الإنتاج والاحتياطات، ويتم تمكين هذه الدول من استغلال احتياطاتها الكبيرة من الغاز بمساعدة دول لديها إنتاج كبير وخبرة طويلة على غرار الجزائر.