طباعة هذه الصفحة

وضع أطر قانونية وتنظيمية شفافة وغـير تمييزية

تأكيـد السيـادة المطلقـة للدول علـى مواردهـا الغازيــة

علي مجالدي

اختتمت، يوم السبت الماضي، أعمال القمة السابعة لرؤساء وحكومات دول منتدى الدول المصدرة للغاز، في الجزائر العاصمة برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، بالمصادقة على إعلان الجزائر والذي تضمن العديد من النقاط الهامة التي حددت، بحسب العديد من الخبراء، التوجه العام للمنظمة ورؤيتها لسوق الغاز الطبيعي في قادم السنوات على الأمدين القريب والمتوسط.

يأتي الإعلان في ظل أهمية الغاز المتصاعدة في السنوات الأخيرة كمصدر حيوي للاقتصاد العالمي، وكمادة تمتلك أثرًا جيوسياسيًا واستراتيجيًا لا يقل أهمية عن تأثير النفط.
وتضمن البيان عدداً من البنود الأساسية، من بينها التأكيد على السيادة المطلقة للدول المالكة لاحتياطيات الغاز الطبيعي على مواردها ورفض مبدإ تسقيف الأسعار بدوافع سياسية، كما حدث في العديد من المرات خاصة النفط.
علاوة على ذلك، شدّد البيان الختامي على الأهمية البالغة لضمان الطلب على الغاز الطبيعي ووضع أطر قانونية وتنظيمية شفافة وغير تمييزية، إلى جانب سياسات طاقوية وتجارية وجبائية وبيئية يمكن التنبؤ بها لدى الدول المستوردة للغاز ودول العبور.

أطر قانونية وتنظيمية شفافة وغير تمييزية

إحدى النقاط الرئيسية التي تم التركيز عليها في البيان، هي ضرورة ضمان الطلب على الغاز الطبيعي، وذلك من خلال وضع أطر قانونية وتنظيمية شفافة وغير تمييزية وواضحة.
يأتي هذا التركيز في سياق محاولة توفير بيئة استثمارية مستقرة ومواتية للشركات والمستثمرين في صناعة الغاز الطبيعي، مما يساهم في تحفيز الابتكار وزيادة الإنتاجية وتجنب التوظيف السياسي للغاز، بما يخدم مصالح دول أو جهات معينة.
كما جاء في البيان أيضًا، رفض لجميع القيود الاقتصادية أحادية الجانب المتخذة دون الموافقة المسبقة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكذلك أي تطبيق للقوانين والتنظيمات الوطنية خارج الحدود ضد الدول الأعضاء في المنتدى.
يعكس هذا الموقف رغبةً في تعزيز التعاون الدولي وتجنب أي تداعيات سلبية على سوق الغاز الطبيعي، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والأمن الإقليمي.
ويرى الدكتور عبد القادر منصوري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في تصريح “للشعب”، أن دول المنتدى حريصة من خلال هذا الإعلان على حماية مصالحها، لأنه من غير المعقول أن نرى دولا مستوردة أو دول عبور تضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية محاولةََ تطبيق أو تشريع قوانين جديدة بهدف ضرب الاستقرار في أسواق الطاقة وهذا أمر مرفوض، مهما كانت المبررات.
ويضيف الدكتور منصوري، من المهم أن نفهم أن هذا البيان ليس مجرد إعلان، بل يمثل التزامًا حقيقيًا بين دول المنتدى لتعزيز استقرار السوق العالمي للغاز الطبيعي، وهو خطوة مهمة نحو بناء علاقات دولية قائمة على الثقة والتعاون. وبما أن الغاز الطبيعي يعتبر من أهم مصادر الطاقة في العالم، فإن تحقيق الاستقرار في هذا القطاع يعود بالنفع على الجميع، سواء كانت دول مصدرة للغاز أو دول مستوردة أو دول عبور.

التغير المناخي ليس ذريعة لتعطيل الاستثمارات

علاوة على ذلك، وفي خطوة تعكس الالتزام بتعزيز الاستقرار الاقتصادي والبيئي على حد سواء، تضمن البيان الختامي رفضا قاطعا لأي محاولة استخدام التغير المناخي كذريعة لتعطيل الاستثمارات في مشاريع الغاز الطبيعي.
يأتي هذا في سياق محاولة تحقيق التوازن بين الحاجة الماسة للحفاظ على البيئة وتعزيز النمو الاقتصادي، وذلك من خلال استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة.
وفي إطار النقاشات الدولية حول تغير المناخ، يعد استخدام الغاز الطبيعي خيارًا مهمًا للعديد من الدول في تحقيق أهدافها البيئية والاقتصادية. ومع ذلك، فإن بعض الجهات قد تحاول استخدام قضايا التغير المناخي كذريعة لتقييد أو تعطيل الاستثمارات في مشاريع الغاز الطبيعي، مما يثير مخاوف بشأن الاستقرار الاقتصادي والطاقة في العديد من البلدان المصدرة للغاز، لاسيما وأن بعض الجهات المشبوهة تتخذ البيئة كذريعة فقط لتحقيق أهداف جيوسياسية واقتصادية.
يأتي هذا، في وقت تشهد فيه الدول تحركات متزايدة نحو استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة، وتبني استراتيجيات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبالتزامن مع ذلك، يؤكد البيان على أهمية الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة النظيفة والمستدامة، مع التأكيد على ضرورة معالجة التحديات البيئية بشكل جدي وفعال.
وعلى الرغم من أهمية تحقيق التوازن بين الحفاظ على البيئة وتعزيز النمو الاقتصادي، إلا أن البيان يشدد على ضرورة عدم استخدام قضايا التغير المناخي كذريعة لفرض قيود غير مبررة على الاستثمارات في مشاريع الغاز الطبيعي. ومع اعتبار الغاز الطبيعي مصدرًا للطاقة النظيفة والمستدامة، يجب تشجيع الاستثمار في هذا القطاع بما يتماشى مع متطلبات البيئة والاقتصاد على حد سواء.
ويرى العديد من الخبراء، أن قمة الجزائر سيكون لها تأثير كبير على أسواق الغاز الطبيعي في المديين المتوسط والبعيد، خاصة في مجال الاستثمار. يأتي هذا في ظل التوقعات الدولية التي تشير إلى زيادة متوقعة تصل إلى 35٪ في استهلاك الغاز الطبيعي عالميًا بحلول عام 2050.