طباعة هذه الصفحة

مائدة الإفطار الوهرانية في أول رمضان

أطباق بين العصرنة والأصالة.. و«الحريرة” سيّدة المائدة

حبيبة غريب

تتنوّع الأطباق على مائدة الإفطار الوهرانية خلال شهر رمضان الفضيل بين مالح وحلو وسلطات باردة وأخرى ساخنة، عصائر طازجة، حلويات ومرطبات متنوّعة الأشكال والأذواق. وصفات تضرب جذورها في تاريخ الباهية العميق، تتناقلها ربّات البيوت من جيل لآخر، وأخرى عصرية من تلك التي تنشر على الانترنت، تتناقلها مختلف وسائط التواصل الاجتماعي. لكن بين هذه وتلك يبقى طبق “الحريرة” سيّد المائدة الوهرانية دون منازع طيلة 30 يوما من الإفطار.

يتكوّن أول إفطار في رمضان الشهر الفضيل غالبا من طبق الحريرة “المعقودة” “البوراك” سلطات الخضروات الطازجة وسلطة الفلفل الساخنة طاجين الحلو، طاجين مالح غالبا ما يكون طاجين “الزيتون بالدجاج” أو “طاجين المحمر” باللحم المفروم واللوز، إضافة إلى الحلويات الشرقية مثل “الشامية” أو “قلب اللوز” الزلابية”، “السيڨار” وحلوة “إصبع القاضي” دون نسيان الفواكه والمرطبات الباردة.
يكمن السرّ في روعة مذاق طبق “الحريرة” في وهران ومناطق الغرب الجزائري حسب خالتي حليمة 70سنة “في طريقة التحضير واستعمال بعض التوابل والبهارات الخاصة التي تقوم ربّات البيوت بشرائها أيام معدودة قبل حلول الشهر الكريم، ليتم طحنها لتبقى على نكهتها دون أن ننسى استعمال الخميرة المكوّنة من الدقيق الأبيض، الماء والخلّ، إضافة إلى عصير الليمون مع التقديم، مشيرة أنّ طبق “المعقودة” المتكوّن أساسا من البطاطا المعروفة مع البيض والتوابل والزعفران كان دائما مرافقا للحريرة واليوم ومع ظهور البوراك والبيتزا والمملحات التي يحبها كثيرا الشباب بدأ هذا الطبق ينقص تواجده نوعا ما .”
وقالت من جهتها، الحاجة بختة 69 سنة، أنّ مائدة رمضان بوهران، لا تزال تحافظ إلى يومنا هذا على تقليد الطبق الحلو وطبق المالح وهي أطباق رئيسية تشكّل حسبها التوازن في إفطار الصائم.
وأكّدت الحاجة بختة أنّه قبل الحديث عن الإفطار وأنواع الطعام لابد من التذكير أنّ من عادات عائلات وهران تقاسم وتبادل الأطباق مع الجيران خلال الشهر الفضيل، ليجعل ذلك موائد الإفطار متنوّعة الأطباق متعدّدة النكهات ومنسّمة بمشاعر المودة والتآزر والتآخي التي تميز شهر رمضان.”
أما بالنسبة لنوال أم لطفلين في عقدها الثالث “فإنّ تركيبة مائدة إفطار أول يوم من رمضان، لم تبقى من العادات المتوارثة سوى طبق الحريرة وطبق “الحلو” المتكوّن من لحم الخروف والفواكه المجفّفة مثل الزبيب والبرقوق والمشمش واللوز والتي أصبحت تزيّن بالأناناس والكيوي وغيرها من الفواكه الاستوائية.”
 وأصبح تضيف نوال “طلَبُ أسرتي الصغيرة اليوم مركّزا على البيتزا المملحات المتنوّعة والأطباق الحديثة التي يعتمد فيها على الدجاج والفطر والتي تطهى غالبا في الفرن بتقديم عصري ومتميز.”
ومن جهتها، كشفت نادية 28 سنه ربّه بيت أنّ “عائلتها تحب كثيرا الحلويات الشرقية والمرطبات خلال أول يوم من هذا الشهر الفضيل والتي تحضرها هي شخصيا مستمدة وصفاتها من مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، لتطلق بذلك العنان لحسّها الإبداعي في التزيين والتقديم.”
اعتمدت منذ سنوات نادية “على التمر المحشوّ بالمكسرات والحليب أو عصير الفواكه في أول الإفطار ثم الحريرة والبوراك أو غيره من المملحات فالسلطات وبعدها طاجين المالح والحلو، وطبق عصري خفيف في الفرن. لكنّني لازلت “انسم” قهوة السهرة بماء الزهر وهي العادة التي أتمسك بها والتي ورثتها من عند جدّتي”.
وأضافت نادية أنّه بالرغم من الوصفات الجديدة التي تنقلها ربّات البيوت اليوم من مواقع التواصل الاجتماعي تبقى معظم عائلات الباهية متمسّكة بالعديد من الوصفات التي وإن سايرت العصرنة وعرفت بعض التغييرات تبقى محافظة على تركيبتها الأصلية.
ويبقى الطبق المفضّل عند العائلات الوهرانية لأول سحور هو “السفّة”، أو الكسكس المزيّن بالزبيب والقرفة والسكر أو العسل ويقدّم مع اللبن الطازج أو “الرايب” والذي عرف هو الآخر بعض التعديلات في شكل التقديم مع إضافة المكسّرات والتمر وحلوة “الترك” والفواكه الجافة.