طباعة هذه الصفحة

الخبير الإقتصادي..بوشيخي بوحوص لـ “الشعب”:

هكذا سيتـم الوصول بالنّاتج المحلي الإجمـالي إلى 400 مليار دولار

هيام لعيون

صندوق النقد الدولي يشيـد بالسّياسة الحكيمة للجزائـر

 قطعت الجزائر أشواطا كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية من أجل تعزيز نمو الاقتصاد الوطني، بوضع إجراءات حاسمة وتدابير هامة، وذلك بتبني رؤية استشرافية للقيادة العليا للبلاد، سمحت بالتحكم أكثر في مؤشرات اقتصاد البلد، والتوجه نحو ترقية الصادرات خارج المحروقات وترشيد الواردات بالاعتماد على المنتوج الوطني المحلي، رافقتها الإيرادات الاستثنائية للمحروقات بعد التعافي من الأزمة العالمية الصحية، حقّقت من خلالها بلادنا أداء قويا، كلّها معطيات جعلت صندوق النقد الدولي يشيد بالإصلاحات الاقتصادية والاستدامة المالية للجزائر.

 شدّد الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص، أنّ منع استيراد منتجات يتم إنتاجها محليا، في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، ساهم في خفض الواردات إلى 33 مليار دولار، ويتم كذلك إعادة تكوين احتياطي الصرف من جديد لينتقل من 44 مليار نهاية 2019 إلى 66 مليار سنة 2022 مع نهاية 2023، وصل إلى حوالي 98 مليار دولار، وهو ما جعل صندوق النقد الدولي يشيد بالسياسة الحكيمة التي تنتهجها الجزائر، رغم أزمة كورونا والإغلاق وارتفاع الأسعار عالميا، والتضخم المستور بسبب أسعار النقل والشحن والإمداد.
أما فيما يتعلق بنسبة نمو الاقتصاد الوطني التي بلغت 4.2 % خلال 2023، أكّد الخبير أنّها نسبة عالية مقارنة مع بقية الدول، موضحا أن نسبة النمو تبدأ عادة من 1.5 %، وتعتبر نسبة جد مقبولة، حيث استطاعت الجزائر أن تحقق الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الماضية، بل كانت الزيادة بـ 4.2 % ممّا جعل صندوق النقد الدولي يشيد بهذا المكسب.
كما تطرّق المتحدث إلى تحسين مناخ الأعمال والاستثمار من خلال قانون الاستثمار، حيث أكّد أنّ الجزائر خطت خطوات هامة، وكذلك فيما يخص العقار الصناعي والتحفيزات الجبايية، وتسهيل الحصول على القروض من الجهاز المصرفي، مبرزا أنّ “الأمر سيجلب مستثمرين عالميين من الهند، الصين، تركيا، البرازيل وأيضا من الشركاء التقليدين من الأخوة العرب وكذلك من أوروبا على غرار إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا، السويد وهولندا، وليس فقط في قطاع الطاقة، بل في القطاع الصناعي مثل السيارات والنسيج والمناجم، الحديد والفوسفات والنحاس والقطاع الفلاحي أيضا”.
وبهذا الخصوص، أوضح ذات المتحدّث أنّ الجزائر الدولة الوحيدة في افريقيا والتي أنشأت نظام منح البطالة، ممّا جعل “صندوق النقد الدولي” يشيد بهذا الإجراء، وكذلك الجهد المبذول في مجال التعليم العالي والتربية ومجانية الصحة، كلها تجعل الجزائر الأولى في تجسيد الطابع الاجتماعي للدولة، وهذا منذ بيان أول نوفمبر الذي ينص على بناء دولة اجتماعية تتكفّل بشعبها وتحقق الرفاهية العامة للمجتمع.
وأوضح الأكاديمي بوشيخي في السياق، أنّ الجزائر أصدرت مؤخرا قانونا نقديا ومصرفيا يعتبر من بين الإصلاحات التي مست قانون النقد والصرف 2010، ممّا أعطى ديناميكية جديدة للنظام المصرفي الجزائري، والذي يتكون من ستة بنوك عمومية وأكثر من 15 بنكا أجنبيا، وأيضا مؤسسات مالية وقطاع التأمين، بالإضافة إلى استعمال وسائل الدفع الرقمي، فكل البنوك أصدرت بطاقات تسهّل الحصول على الأموال بل تطبيقات أهمها تطبيق “بريدي موب”، حيث سهل مهمة الجزائريين والتخلي تدريجيا في عدم التعامل بالنقد و«الكاش” بل بمجرد الكبس على الهواتف المحمولة أو الكمبيوتر تتم تسوية العملية المالية.

توقّعـات جـد مقبولـــة

 اعتبر بوحوص تقرير “صندوق النقد الدولي”، الذي توقع تسجيل الجزائر نمو في الناتج الداخلي الخام بنسبة 3.8 % في سنة 2024 و3.1 % في 2025، جد مقبول بالمقارنة مع بقية دول العالم، ولِم لا ـ أضاف يقول ـ توقع 8% بالمائة لو استخدمت كل طاقات الجزائر المتوفرة بمساحة تتجاوز 238 مليون هكتار، وامتلاكها لموارد بشرية وطبيعية هائلة وأتربة نادرة وطاقة شمسية ومياه جوفية كبيرة.
وتحقيق هذا الأمر مرتبط ــ حسب توضيحات الخبير ــ ببعث نظام الشركات الوطنية، وفتح رأسمال للاكتتاب للجمهور العريض وأيضا المزارع النموذجية الجامعية، وتجنيد على الأقل 7 مليون جزائري جاهز للعمل يتكون من 1.7 مليون طالب جامعي في التكوين، و2.3 مليون بطال يأخذ منحة، و3 مليون عامل يشتغل في الاقتصاد الموازي، في اقتصاد رسمي شفاف بفضل الرقمنة والإصلاحات المنتظرة من 2025 إلى آفاق عام 2027.
أما بالنسبة لمسألة التضخم التي توقع صندوق النقد الدولي تباطؤه، قال بوحوص، إنّ “الجزائر لا تعاني من تضخم محلي بل من تضخم مستورد ومفتعل بسبب جشع المستوردين في تضخيم الأسعار، خاصة في السيارات وبعض الخضروات مثل الموز، علما أنّ أسعار السيارات والمنتجات في الصين بدأت تتراجع بعد التعافي من أزمة كورونا، وكذلك التغيرات المسجلة على مستوى الجمارك الجزائرية، وهو ما سينعكس على أسعار السلع المستوردة ممّا يؤكد انخفاضها، وهكذا يتم التحكم في التضخم المستورد.

سياسة تجاريـــة لفائـدة الصـــّادرات

 كما نوّه الخبير الاقتصادي بالمجهودات التي تبذلها وزارة التجارة في سبيل تعزيز التجارة الخارجية التي اعتبرها صندوق النقد الدولي صلبة، معتبرا أنّ “فتح معارض دائمة في عمق افريقيا سيكون بمثابة شبكات للأروقة الجزائرية في الخارج، من أجل تسويق المنتجات الجزائرية في موريتانيا والسنغال وبوركينافاسو، وكذلك فتح ثلاثة بنوك في إفريقيا ممّا يسهل وسائل الدفع من وإلى الجزائر وإفريقيا، ما عزّز نمو الصادرات خارج المحروقات الذي أشاد به “صندوق النقد الدولي”.