طباعة هذه الصفحة

زغاريد الفجر و الحناء للاحتفال بمولد سيد الخلق

عادات تزيد في التماسك الاجماعي في طريق الزوال بمعسكر

أم الخير.س

لا تزال النسوة بمناطق مختلف بولاية معسكر، يحافظن على تقاليد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تسعى ربات البيوت إلى ترسيخ الذكرى الكريمة و إعطائها صبغة متميّزة لدى الأبناء والأحفاد.كيف ذلك تجيب عنه “الشعب” في هذا الاستطلاع.
تظهر ملامح الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في كل الشوارع والأحياء، أياما قبل حلول الموعد، حيث يبادر الشباب بوضع طاولات مزينة بمختلف الألوان الباهية على الأرصفة و الأزقة القديمة .إقبال غير مسبوق على شراء الشموع و البخور المتنوعة، و إن كان عموم الشباب من باعة لوازم الاحتفال يغتنمون فرصة المولد النبوي الشريف، لكسب الرزق، إلا أن القيمة الاجتماعية و العقائدية المضافة إلى نشاطهم، تعتبر  من مزايا المحافظة على التقاليد الدينية.
جانب آخر رصدناه في جولتنا بمدينة معسكر، ترويه أسطح العمارات والبيوت، التي تعلق عليها الرايات الوطنية عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وفي وقت مضى من لا تتوفر لديه راية وطنية، يكتفي بتعليق قطع من القماش مزخرف و بهي اللون، على السطح أو نافذة البيت.
على هذا المنوال يمرّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في منطقة معسكر و ضواحيها دون سماع الزغاريد المدوية في الساعات الأولى من فجر المولد النبوي، و هنا ، تروي السيدة “ خديجة 63 سنة “ مضمون الاحتفالية ومغزاها الديني والاجتماعي قائلة:« مولد النبي ذكرى عزيزة علينا و ما زلت أذكر، ما اعتدت عليه في صغري حين كانت والدتي توقضني من النعاس العميق لنزغرد في الساعات الأولى من الفجر، التي ولد فيها خير خلق الله”.
 أما عن التقاليد المتعارف عليها في المنطقة، فقالت السيدة خديجة :« تختلف من عائلة إلى أخرى حسب عادات نسب الأسرة فهناك من يحتفل بالذكرى بإقامة مأدبات  “ الكسكس و العصبان “ و هناك من يقيم مأدبة “ الرقاق بالدجاج” و هي المأدبة التي  يذبح لها خصيصا طير “ السردوك “ في العشية ، كما تلتقي جميع العائلات في بعض العادات التي لا تزال قائمة منها وضع الحناء للأطفال و إشعال الشموع ليلة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف”.
عادات  في طريق التلاشي
و أوضحت “السيدة خديجة “أن سكان معسكر يحافظون على بعض العادات و التقاليد القديمة على غرار، الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إلا أن الاحتفالات بالذكرى فقدت بريقها القديم”.
 و استذكرت “ السيدة خديجة “، أيام كانت تقام فيها احتفالات المولد جماعيا، حيث كان يجتمع الجيران و الأسر ذات القرابة لإحياء الذكرى، كان الجميع يشارك في المدائح الدينية و إقامة مأدبات العشاء و طبخ طعام المولد .
لكن الأمور تغيرت بتغير الظرف والزمن، حيث أصبحت كل ربة بيت تقيم “ الكسكسي” الخاص بعائلتها ، ثم تبعث بطبق لأقرب جيرانها، حتى زالت روابط الخصوصية في السنوات الأخيرة بفعل التمدن و امتزاج ثقافات أخرى بثقافتنا الاجتماعية، لدرجة أن بعض الأسر لا تقيم المولد إلا بإشعال الشموع و وضع الحناء للأطفال .
 و واصلت “السيدة خديجة “ بنبرة المتحسر  على الحال، “أصبحت حين أوقض بناتي في فجر المولد ليزغردن، إن لم يرفضن، لا أسمع سوى بعض الأصوات قادمة من أماكن مبعثرة، بينما أذكر، في زمن غير بعيد، كان الرجال يجوبون شوارع المدينة في مسيرة طويلة مشيا على الأقدام، و هم يستبشرون بذكرى المولد النبوي الشريف طيلة 10 أيام، مرددين التباشير و المدائح الدينية في سيد الخلق”.
وانطلقت السيدة خديجة في ترديد الأشعار المنبعثة من النفوس وذكرت منها”سيدنا سيدنا و عزيز علينا ..
نلغوا بصلاتو و صلاة نبينا ..
يا البدر الطالع و النور عليه،
 سيدنا محمد صلوا عليه  ...” .
 وحسب السيدة خديجة  كانت تستمر هذه المسيرات لعشرة أيام قبل ليلة المولد النبوي الشريف و كانت زغاريد النسوة تتعالى من نوافذ البيوت كلما مرّ موكب التباشيير معلنة أن حدثا غير عادي يجري بالديار.