طباعة هذه الصفحة

أدخل القضية الجزائرية إلى أروقة الأمم المتحدة

مؤتمـر “باندونـغ”.. أول انتصار دبلوماسي للجزائر

تحل، اليوم الخميس، الذكرى 69 لانعقاد مؤتمر باندونغ؛ هذا الحدث التاريخي المهم الذي ساهم في تسريع مسار تصفية الاستعمار في عدة دول إفريقية، على غرار الجزائر التي تمكنت بفضل نجاح دبلوماسيتها الناشئة آنذاك، أن تنتزع استقلالها، لتواصل بنفس روح نوفمبر النضال لنصرة قضايا التحرر العادلة في العالم، على غرار القضيتين الفلسطينية والصحراء الغربية.
شاركت الجزائر في المؤتمر، كعضو ملاحظ، وذلك بعد سنة فقط من اندلاع ثورة التحرير الوطني المظفرة، في الفاتح نوفمبر 1954، بوفد من الرعيل الأول من أبناء جيل نوفمبر، من بينهم حسين آيت أحمد وامحمد يزيد وسعد دحلب والطيب بولحروف، الذين استطاعوا بفضل التزامهم الثوري كسب التأييد الدولي لقضيتهم العادلة.
شكل مؤتمر باندونغ تحولا أساسيا في تاريخ الدبلوماسية الجزائرية والقضية الوطنية على حد سواء، حيث أصدر قرارا ينص على حق الشعب الجزائري في تقرير المصير والاستقلال.
وانتهى المؤتمر بإصدار لائحة تدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة العادية للجمعية، وهو ما اعتبر أول انتصار دبلوماسي مدوّ تحققه الثورة.
وسرعان ما أتى مؤتمر باندونغ أكله، إذ تم قبول عضوية ست دول آسيوية وافريقية في الأمم المتحدة في ديسمبر من نفس السنة، بينما انضمت ست دول أخرى ما بين 1956 و1957. وخلال السنوات العشر التي تلت المؤتمر، انتزعت 31 دولة إفريقية استقلالها من بينها الجزائر.
ومن الجوانب المهمة لمؤتمر باندونغ، أنه أسهم في إرساء أسس وأشكال من التعاون، مثل حركة عدم الانحياز التي تأسست بعد 6 سنوات، والتي تعد الجزائر من الأعضاء المؤسسين لها وهي لم تكن قد استرجعت بعد سيادتها، حيث شاركت في المؤتمر التأسيسي الذي انعقد في بلغراد بيوغسلافيا في الفترة ما بين 1 إلى 6 سبتمبر 1961، وحصدت خلاله الحكومة الجزائرية المؤقتة آنذاك الاعتراف الرسمي من قبل المشاركين الذين طالبوا باستقلال الجزائر وبوحدتها الترابية.
وعن “روح” باندونغ، صرح المجاهد والدبلوماسي السابق نورالدين جودي، أن المؤتمر كان حدثا “هاما” ونقطة تحول “حاسمة” في العلاقات بين العالم الثالث والقوى العظمى، مؤكدا أنه سمح لدبلوماسية الحرب التي بادرت بها جبهة التحرير الوطني بإيجاد مجال أول للعمل من أجل تحسيس الرأي العام الدولي بالقضية الوطنية.
 وفي تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، بمناسبة إحياء الذكرى 69 لباندونغ، أكد جودي أن المؤتمر “كان بالتأكيد حدثا مهما ونقطة تحول حاسمة في العلاقات بين دول العالم الثالث والقوى العظمى، خصوصا القوى الاستعمارية والإمبريالية”، مشيرا الى أنه بالنسبة للجزائر، كان للمؤتمر أهمية “خاصة”، سيما بعد أن وجهت لها الدعوة لحضور المؤتمر في سنة 1955، أي بعد ستة أشهر من اندلاع الكفاح المسلح في الفاتح نوفمبر 1954.
 يرى جودي أن “دبلوماسية الحرب التي بادرت بها جبهة التحرير الوطني وجدت في هذا المؤتمر مجالا للعمل من أجل تحسيس الرأي العام الدولي بقضيتنا وبكفاح مسلح صعب للغاية في حرب غير متكافئة أمام قوة مسلحة استعمارية مدعمة بحلفائها من حلف الشمال الأطلسي (الناتو)”.
 وذكر عميد الدبلوماسيين الجزائريين بأن الثورة الجزائرية أرسلت وفدا هاما ضم حسين آيت أحمد وامحمد يازيد ومحمد الصديق بن يحي، في مهمة “إقناع المؤتمرين بالاعتراف بجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي وحيد لنضال الشعب الجزائري”.
وأردف قائلا، إن “اعتراف مؤتمر باندونغ بجبهة التحرير الوطني كان بمثابة أول انتصار كبير حققته الدبلوماسية الجزائرية الفتية التي أعلنت عن انتصارات أخرى على المستوى الدولي”.
 وأوضح جودي، أن “المبادئ التي أقرها الزعماء الأفرو-آسيويون والأوروبيون كانت منسجمة مع المبادئ المدرجة في طبيعة ثورة الفاتح نوفمبر 1954”.
وتابع جودي قائلا، إن “عدم الانحياز الذي أوصى به المؤتمر، سيبقى بالنسبة للجزائر مبدأ ثابتا تدافع عنه سياستنا الخارجية بشراسة”.. “مواقفنا التي دافعنا عنها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن تؤكد ذلك، كما قال، بشكل واضح خاصة فيما يتعلق بالحقوق الثابتة للشعبين الفلسطيني والصحراوي وبناء نظام عالمي أكثر عدلا وإنسانية وتوازنا”.