طباعة هذه الصفحة

الأديب مصطفـى رمضـان ..

رجـل الإصـلاح وأيقـونـة الأدب

يعدّ الأديب الراحل مصطفى رمضان الذي كان على رأس الفرع المحلي لجمعية العلماء المسلمين، أحد الشخصيات الفكرية والإصلاحية بولاية غرداية، حيث سعى طيلة مشواره في حقل الثقافة إلى نشر الفضيلة وروح التسامح والتعايش والقيم الإنسانية النبيلة في المجتمع، وقد استرشد بإسهاماته الأدبية والفكرية عديد أدباء المنطقة، حسب شهادات العديد من أقاربه.
ولد الأديب الراحل في 2 مارس 1947 بغرداية، ونشأ في أسرة ثورية عرفت بالعلم والأخلاق؛ إذ كان والده المجاهد الراحل إبراهيم رمضان أحد سجناء سجن بربروس خلال الثورة التحريرية المجيدة.
وتلقى الأديب مصطفى رمضان تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه والتعليم المتوسط ببلدية القرارة والتعليم الثانوي بقسنطينة، وهو خريج المدرسة العليا للتجارة بالجزائر العاصمة.
حفظ القرآن الكريم وتعلّم أحكامه على يد والده وباشر التعليم بمتوسطة التعليم التقني بغرداية وبمعهدي الإصلاح ثم انتقل إلى ثانوية رمضان حمود أستاذا لمادة القانون والاقتصاد، واشتغل لفترة بشركة سوناطراك وكان صحفيا بيومية الشعب، كما عمل مراسلا للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بلندن في سبعينيات القرن الماضي، وكان أول مراسل لها من الجزائر، وكتب عدّة مقالات صحفية بعديد المجلات الصادرة في لندن، حسب ما أفاد به شقيقه عبد المجيد رمضان كما كان أيضا مراسلا لمجلة “المجاهد الأسبوعي”، لسان حال حزب جبهة التحرير الوطني، وأنتج برامج بإذاعة غرداية وحرص خلال مشواره على التأليف ثم أسّس دار “نزهة الألباب” للنشر والتوزيع، التي تعد قبلة المثقّفين والأدباء البارزين في الساحة الثقافية الوطنية.
ولم يكن مصطفى رمضان، الذي وافته المنية بغرداية في 25 ماي 2018، أديبا فحسب، بل كان أيضا واعظا ومرشدا اجتماعيا، فكان يلقي الدروس الدينية بعديد مساجد الولاية، كما كان عضوا في الفرع الولائي لجمعية العلماء المسلمين بغرداية، ورئيسا للفرع الولائي لاتحاد الكتاب الجزائريين كما كان عضوا بالمجلس الشعبي الولائي، حسبما ذكر شقيقه.
وتميّزت كتاباته بالطابع الاجتماعي الإصلاحي، حيث كتب في أحد مؤلّفاته أنّ “أفراد المجتمع سواء على المستوى المحلي أو الوطني يتمتعون بنوع من الوعي الجماعي، وذلك بفضل التاريخ الواحد والقيم الإسلامية المشتركة والوطنية الموحدة بينهم”، متأثرا في ذلك بثلة من المفكرين والشعراء البارزين، أوّلهم والده المجاهد إبراهيم رمضان، والأديب الثائر رمضان حمود، وشاعر الثورة مفدي زكرياء والشيخ البشير الإبراهيمي، إلى جانب كبار أدباء العرب في العصر الحديث.
ويرى الأستاذ مصطفى رمضان، الذي نشأ في بيئة أدبية ثريّة بتوغّلها في الثقافات العربية والأمازيغية والعالمية، أنّ الأدب المحلي يعد من روافد الأدب الجزائري الذي يعكس تنوّعا ثقافيا وتاريخيا ثريا، وقد تطوّر عبر عديد المراحل التاريخية، كما أنّ الأدب الجزائري في نظره هو انعكاس لرواية التحرر الوطني والهوية الوطنية، وهذا ما تعكسه مؤلّفاته، خصوصا في السلسلة القصصية حول أبطال الجزائر، حسب ذات المتحدّث.

منزل مصطفى رمضان...قبلة العلماء والأدباء

كان منزل الأديب والمصلح الراحل وجهة للفنانين والكتاب والمؤلّفين والشعراء بولاية غرداية، الذين كانوا يتوافدون عليه من كلّ حدب وصوب، فكان آنذاك قبلة لكلّ المثقفين الراغبين في تحصيل العلم وحضور النقاشات الفكرية التي كانت تدور حول كلّ ما يتعلّق بالأدب المحلي والثقافة والحضارة الإسلامية. وقد استقى منه الكثير من الأدباء الذين كانوا يلازمونه في ذلك الوقت، وجلّهم الآن من أبرز الكتاب المحليين بغرداية، حسبما أوضح من جهته الكاتب عبدالمجيد مبسوط .
وأضاف الكاتب، في نفس السياق، أنّ “مجمل مؤلّفات مصطفى رمضان كانت تحمل أدبا بناء ذا أثر اجتماعي وأخلاقي، حيث كانت مؤلّفاته ونقاشاته الفكرية تركّز على الأخوّة والتسامح، وكان يحمل صفات المشايخ الذين سعوا لنشر الفضيلة في المجتمع’’.
وخلّف الأديب مصطفى رمضان رصيدا ثريّا من المؤلّفات، حيث قدّم للمكتبة الجزائرية أزيد من 27 كتابا، من بينها كتب ‘’نزهة الألباب في رياض الدين والآداب’’ و’’ الإسلام والحياة “، و’’حوار حضاري حول قضايا العصر”، و’’خواطر حول الوضعية الاجتماعية والعلاقات الإنسانية بغرداية’’، و’’بيوغرافيا المجاهد إبراهيم رمضان ومسيرته العلمية والنضالية والاجتماعية’’، وسلسلة قصصية للأطفال حول أبطال الجزائر.