طباعة هذه الصفحة

عودة البنت غير الضالة

أعمالها حبل سُرة يربطها بتربة البلد

الدكتورة الشاعرة ربيعة جلطي

ذكرت الدكتورة والشاعرة ربيعة جلطي بأن رحيل الروائية والأكاديمية هو خسارة كبيرة للمشهد الثقافي والأدبي والأكاديمي، واصفة إياها بأنها الجزائرية التي يتردد اسمها كثيرا في دهاليز جائزة نوبل، وإنها المرأة الشجرة المثمرة الحانية الأغصان جذعها من تربة جيجل ..
واعتبرت الشاعرة ربيعة جلطي في حديثها لـ “الشعب “، بأن رحيل آسيا جبار فجأة هو مفاجأة للجميع، ليلتفت أخيرا من كان من قبل يغض البصر عنها، وعن كتاباتها، ووجودها وتفردها.وذكرت بأن المبدع الحقيقي هو من يمتلك تلك القدرة على أن يفاجئ ويُدهش حتى آخر سطر من حياته ..لم يكن هذا الفن غريبا على كاتبتنا فقد تجلى مع روايتها الأولى ( العطش ) 1957 وما أتبعتها من أعمال منذئذ طوال عقود من الزمن . هي ليست لا أحد، إنها لون من ألوان القوس الإبداعي في العالم العربي والعالمي، بامتياز إنها الروائية، وإنها الشاعرة، وإنها القاصة، وإنها المؤرخة، وإنها المخرجة التي وقفت متوثبة وراء الكاميرا، وإنها كاتبة مسرح، وإنها المتربعة على عرشٍ فريد للخالدين بالأكاديمية الفرنسية، وإنها الأستاذة التي تشغل كرسيها في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، وتحاضر بأكبر جامعات العالم، وإنها الجزائرية التي يتردد اسمها كثيرا في دهاليز جائزة نوبل، وإنها المرأة الشجرة المثمرة الحانية الأغصان جدعها من تربة جيجل ..
لعل فاطمة الزهراء إمالاين حين قررت الكتابة تحت اسم مستعار” آسيا جبار” قد لبست جبة النساء جميعا، ورافعت عن المرأة بذكاء وشجاعة . إلا أنها لم تكتب من خلف مزلاج باب الحريم المبلل بالأنين والشكوى، بل انتقدت الحالة بحس إنساني عميق وفلسفي تأملي ومعرفة تاريخية ثرية. لم تجرّم الرجل بل كانت توجه أصبع الاتهام إلى العقلية الذكورية المتخلفة والمتسلطة كل ذاك بلغة بشجاعة فكرية وأسلوب جمالي مغر لا يخلو من همس ولا ينقصه الإبهار، نقرأه في العديد من أعمالها وأراه يتجلى بقوة حسب رأيي في (بعيدا عن المدينة)بشكل خاص. أما حول توقفها للكتابة عن الجزائر أكدت الشاعرة ربيعة جلطي بأنه ليس سرا أن آسيا جبار لم تتوقف أبدا عن الكتابة عن الجزائر، فبينما كانت تجوب مدن العالم، ظلت رواياتها وقصصها حبل سُرة قوي لم يكن فقط يربطها بتربة البلد، بل كان أيضا يجرها نحو البلد، وأهل البلد، وذاكرة البلد وهواء البلد. إلا أن البلد لم يبادلها كل ذاك الوله، كان العشق من طرف واحد، فلم تحظ فاطمة الزهراء بالعناق الذي تستأهله.وفي الأخير تمنت الدكتورة جلطي بأنه بعد أن أضحت “ فاطمة الزهراء آسيا جبار” فكرة عقب رحيلها، تأمل أن تعود نجمة في سماء البلاد وتاريخه الرمزي الثقافي، وأن تحظى بالاهتمام في دوائر النقاش، وقاعات الدرس، ومخابر الترجمة، وخلوة القراءة.