طباعة هذه الصفحة

جمعية شريف للتّكفل وإدماج الطّفل المتوحـّد

400 حالـة توحــــّد مشخّصـــة بقالمـة

قالمة: آمال مرابطي


مراكـز للبزنسة وليـس للتّكفــل بالـبراءة

التَّوَحُّد أو الذاتية هو اضطراب يظهر عادةً لدى الأطفال قبل السنة الثالثة من العمر، وهو يؤثر على نشأة الطفل وتطوره بثلاث طرق: اللغة وكيفية التكلم، كيفية الاستجابة للآخرين والتواصل معهم وكيفية التصرف في مواقف معينة. ويساهم التشخيص المبكر والمعالجة المُرَكّزة، على تحسين قدرة معظم أطفال التَّوَحُّد في إقامة علاقات والتواصل مع الآخرين،  وبالتالي خدمة أنفسهم عندما يكبرون.هذا ما وقفت عليه “الشعب”، في حديثها مع رئيسة جمعية شريف للتكفل وإدماج الطفل المتوحد بقالمة، هميسي سامية، ناشطة في مجال الطفولة، سيدة كرّست جهودها من أجل هذه الفئة البريئة لبناء مستقبل واعد.
 تأسّست جمعية شريف للتكفل وإدماج الطفل المتوحد سنة ٢٠١٣، وهي جمعية ذات طابع اجتماعي، يتواجد مقرها بقالمة، على يد مجموعة من أولياء أطفال التوحد برئاسة المستشار الدكتور سامية هميسي بعدما أوصدت في وجوههم كل الأبواب للتكفل بأبنائهم في ظلّ غياب المختصّين المؤهّلين في المراكز الخاصة، بهدف تأهيلهم وتحسين قدراتهم.
وفي هذا الصدد، صرحت سامية أنّ الجمعية ساهمت في تغيير واقع هذه الفئة من خلال إحصائهم، إذ يقدّر عددهم بقالمة وحدها ٤٠٠ طفل يعاني من التوحد.
نقص الكفاءات لتشخيص المرض
حاولت الجمعية حسب هميسي سامية توفير الخبرات اللازمة لتشخيص وتأهيل أطفال  التوحد، لدرجة أنّها استوردت ولأكثر من مرة خبرات عالمية معترف بها ومشهود لها بكفاءتها في هذا المجال، من بينها الدكتور شفيقة منصور غربية من لبنان، حيث قامت بدورة تدريبية لأخصائيين وأولياء ذوي التوحد لمدة 3 أيام سنة 2013، قدّمت من خلالها منهج التّحليل السلوكي التطبيقي واللفظي، إلى جانب الدكتور محمد فؤاد عطية شرشر دكتور متخصّص في تحفيز الخلايا الجذعية، الذي أحدث طريقة في علاج اضطراب التوحد خلال شهر جوان من نفس السنة.
وأكّدت سامية أنّ الهدف وراء النّشاطات التي تقوم بها جمعيتها هو إنشاء هياكل مختصة في رعاية وترقية التربية الخاصة بأطفال التوحد، وكذا دعم أولياء المتوحدين من خلال تزويدهم بمعلومات عن التوحد وأعراضه  وتوجيههم في طريقة التعامل معهم، وأيضا العمل على الكشف والتكفل المبكّرين بالمرض، كما تعمل الجمعية على ترسيخ التبادلات مع مختلف الجمعيات المهتمة بهذا النوع من الإعاقة من أجل ضمان التكفل اللازم والشامل للطفل المتوحد عبر كافة مناطق الوطن، وتوفير كل ما هو ضروري لعلاج هذه الشريحة.
وقالت سامية هميسي، إنّ الجمعية تعمل على توفير ما هو ضروري من مواد تعليمية وبيداغوجية بشتى الطرق المتاحة، من أجل إدماج المتوحّدين ضمن الهياكل التّعليمية العادية والوطنية، والتدخل لتوفير التكفل اللازم.
 الكشف المبكّر...يجنّب المرض
 وفي حديثها لـ “الشعب”، قالت رئيسة جمعية شريف للتكفل وإدماج الطفل المتوحد بقالمة، إنه على الأب الذي يشتبه في إصابة ابنه بأعراض التوحد أن يتجه مباشرة إلى مختص في الأمراض العقلية والعصبية، وطبيب نفساني حتى يتسنّى له الكشف المبكر عن الاضطراب والتكفل المبكر بالمريض، الذي من شأنه التخفيف من حدة الإصابة والشفاء التام.
وأوضحت رئيسة الجمعية أنّ الواقع المعاش يكشف عن صعوبات ومعاناة يعيشها الأولياء بسبب عدم قبول أبنائهم في المؤسسات التعليمية أو الملاحق التابعة لمديريات النشاط الاجتماعي، وهو ما يسبّب لهم نوع من الإحباط وأحيانا الاكتئاب الذي يؤدي في غالب الأحيان إلى التفكك الأسري، وهو ما وقفت عليه الجميعة من خلال تسجيلها لحالات الطّلاق وسط العائلات التي يتكون أحد  أفرادها من طفل يعاني من التوحد، بالإضافة إلى المشاكل المالية التي تثقل كاهلها في ظل  غياب تكفل الدولة ودعمها المادي للأولياء، وغياب المراكز المتخصّصة التابعة للدولة، ومنظّمات المجتمع المدني التي من شأنها تغيير الوضع بمساعي مختلفة مع السّلطات الرّسمية ذات الصّلة.
مراكــــز  لــــــ “البزنســــة”
 أكّدت رئيسة الجمعية أنّ هناك من استغلّ هذه الوضعية وفتح مراكز خاصة بالأطفال المصابين بالتوحد بهدف جني أرباح لا أكثر ولا أقل، ويدّعي أصحابها أنّها مراكز متخصّصة لعلاج مثل هذه الحالات، إلاّ أنّها في الحقيقة مجرّد حضانة معتمدة من طرف مديرية النشاط الاجتماعي، في ظل غياب رقابة حقيقية لردع مثل هذه التجاوزات، والمذهل في الأمر أنّهم يخصّصون لهم مبالغ خيالية تفوق طاقة الولي بكل المقاييس، تصل إلى غاية 30000 دج للطفل الواحد.
هذه المراكز حسب هميسي سامية متواجدة عبر التراب الوطني، ولا يقتصر الأمر على مستوى قالمة فقط، ويزداد عددها يوما بعد يوم بسبب الرقابة، وليس لولي الأمر المغلوب على أمره إلاّ الانصياع لها، أملا في شفاء ابنه من جهة، والتخفيف من الضغط الذي تعيشه الأسرة ببقائه في البيت من جهة أخرى.
وكشفت هميسي سامية أنّها تعي جيدا المعاناة التي تعيشها أسرة الطفل المتوحّد،ولعلّه الأمر الذي أعطاها دافعا لإكمال بحوثها ودراستها حول هذا المرض حتى تساعد على معالجة الكثير من الأطفال من خلال دورات تدريبية للأولياء بغية إرشادهم إلى الطريقة التّربوية السّليمة لأطفال التوحّد.