طباعة هذه الصفحة

فضاء “مسرح القوس” بحديقة باستور بمعسكر

حينما تنبت النخبة المسرحيات من تحت الأرض

معسكر: أم الخير.س

«The Ander ground “، مكان لجأت إليه فرقة من هواة المسرح بمعسكر في العشرية السوداء، فاتخذته ملجأَ لإنتاج مسرحيات تتحدى الظروف، وتحاكي الواقع، وهو الموقع الذي اعتكف فيه هؤلاء للتنسك فنيا، تحت غطاء جمعية الشروق للثقافة والمسرح، واختاره بعض الأدباء الجزائريين لميلاد أعمال أدبية على غرار “وحم أعلى المجاز” بقلم عبد الرزاق بوكبة و7 أعمال أدبية نشرت على أوسع نطاق في الدول العربية الشقيقة.
يقع الفضاء تحت ممر علوي بحديقة باستور في قلب مدينة معسكر، شاعرية المكان وخصوصيته المطلقة ساهمت بشكل كبير في إثراء تلك المواهب، وصناعة جمهور خاص بمسرح القوس المتخذ من الأشكال الهندسية المعمارية التي تعود لفترة الحكم العثماني وصفا لاسم على مسمى، حيث يساهم جمهور مسرح القوس بإمكانياته في استقبال الفرق المسرحية ودعمها لوجستيا ومعنويا، الأمر الذي قال عنه أحد مؤسسي جمعية الشروق التي يتبع لها فضاء مسرح القوس، أنه الجمعية وصلت لأعظم أهدافها وهي صناعة جمهور مشبع ثقافيا ويعيد للمسرح صيته وعلاقته القديمة بالجمهور، وأضاف الفنان المسرحي شيخاوي هواري أنه متفائل جدا لمستقبل مسرح القوس بما أنه استطاع استقطاب جمهور عريض من لدن العزوف الذي يشهده المسرح على الصعيد المحلي، كما استطاع فضاء مسرح القوس أن يجذب هواة في عمر الزهور يعشقون ممارسة هذا الفن على ركح بسيط صنعته أناملهم الصغيرة بشهادة من الفنان مؤسس جمعية الشروق للثقافة والمسرح ،الذي أشار أن المسرح يصنع رجل الغد ويبني الشخصية وما على النخبة الفنية الشابة إلا المضي قدما على خطى السابقين على ركح مسرح القوس.
وذكر حسين مختار الفنان المسرحي الشاب، صاحب الأدوار المتألقة في عدة عروض مسرحية، أن للمكان خصوصية يستشعرها كل زائر لهذا المقر أين تمارس فيه التدريبات وتقام عليه العروض المسرحية لفرق من مختلف مناطق الوطن، وهي نفس الخصوصية التي تدفعهم إلى طلب إقامة عروضهم المسرحية في ذلك الجحر المقوس، بدون مقابل مادي يبرره الشغف الكبير بأب الفنون.
ولعل الفضل يعود لتلك الخصوصية وشاعرية الفضاء في أن تستطيع نخبة الفنانين بجمعية “الشروق”، إنتاج عدة أعمال مسرحية متميزة صنعت الحدث في المنافسات الوطنية والعربية، تناولت عدة مواضيع في الفكاهة والدراما وخاصة العروض ذات البعد الإنساني الذي لا يحده الزمان والمكان، وأعاب المشرف على تسيير فضاء مسرح القوس انعزال الفنانين المحليين وغيابهم عن ممارسة المسرح بدافع الإقصاء أو التهميش من طرف المؤسسات الثقافية المحلية، مشيرا إلى أن العلاقة بين هذه المؤسسات هي في الواقع شبه منعدمة، لكن الفنان يجدر به أن يفرض وجوده بتقديم زبدة الإنتاجات الفنية دون تذمر، محتكما إلى مسيرة جمعية الشروق الشاقة لكن المليئة بالتميز والنجاحات المتكررة، استطاع من خلالها فضاء مسرح القوس منذ بداياته في التسعينيات تقديم أعمال كللت بالنجاح في عدة محافل ثقافية وطنية وعربية، على غرار مسرحية “الجرعة” التي أثارت موجات من الإعجاب لدى الجمهور والتي تناولت موضوع الأنظمة السياسية التي وصلت للحكم عن طريق الرعب، في حكاية تروي واقع حال الدول الشقيقة التي هزيها رياح اللا استقرار، بإسقاط رائع على تجارب الجزائر في فترة العشرية السوداء، أين حازت المسرحية بشرف تنويه لجنة التحكيم في المهرجان الوطني للمسرح المحترف بجرأة العرض ووصفه “بالاتجاه المسرحي الجديد”.
كما نذكر مسرحية “المتوحشة” التي يعكف المنتج والمشرف على مسرح القوس حسين مختار على إعدادها، حيث يتوقع لها النجاح بحكم تناولها لموضوع التحرر وتطرقت في معظم مشاهدها إلى إنصاف المراة الجزائرية المحافظة، وهي المسرحية التي قال عنها حسين مختار أنها ستولد من رحم الجحر “مسرح القوس” لتصنع إنجازا عظيما، كونها تحاكي الواقع الاجتماعي الجزائري بطريقة سلسة تمتزج بالجد والهزل يرتكز فيها على الوفاء للنص الأصلي “ المتوحشة “ للكاتب جون انوي.
وأضاف الشاب حسين مختار، أن 15 فرقة مسرحية قدمت عروضها بفضاء مسرح القوس في حديقة باستور، في حين تحمل أعضاء مسرح القوس وجمهوره الوفي مسؤولية استقبال الفرق المسرحية الوافدة لتقديم عروضها حبا وشغفا بأب الفنون دون أن تطلب مقابلا ماديا، وحاول حسين مختار أن يبرز أهمية التكافل بين الفنانين وجمهورهم مما يساهم من جهة في استعادة جمهور المسرح المفقود عموما وكذا تبادل التجارب والخبرات الفنية.