طباعة هذه الصفحة

القضية الصحراوية 24 سنة من الانتظار ولكل مقام مقال

صويلح: الجانب القانوني واضح وساطع هو انتهاك صارخ للقانون الدولي

نورا لدين لعراجي

لا يوجد هناك اختلاف حولها في المحافل الدولية

شكلت القضية الصحراوية في جوانبها السياسية والقانونية والاجتماعية، الحيز الكبير من «منتدى الشعب»، الذي استضاف فيه مجموعة من الضيوف، يتقدمهم المناضل رئيس الحكومة الصحراوي الأسبق، رئيس الجامعة الصيفية وعضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو المناضل أحمد محمد الأمين. كما استضاف الناشط الحقوقي المعتقل في السجون المغربية البشير الاسماعيلي، إضافة إلى الدكتور عضو مجلس الأمة بوجمعة صويلح، الذي قدم عرضا قانونيا للقضية الصحراوية، من خلال حديثه عن كل الجوانب التي تقر بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بعد 24 سنة من الانتظار أمام تماطل المجتمع الدولي، رغم الحشد الكبير الذي تجلبه القضية من مؤيدين ومساندين ومتعاطفين.
قال صويلح أن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة لم يأت بالصدفة، «بل كان نتيجة ظروف داخلية ودولية»، مضيفا أن الاستعمار في الستينات كان للخلاف الموجود بين الكتلة الأفرو- آسيوية، والاتحاد السوفياتي والدول الغربية والدول الأخرى حول تاريخ انهاء الاستعمار دون قيد أو شرط، وأن يكون الإنهاء فوري، على أساس طلب تاريخ آنذاك –1961-1962 ليكون أخر تاريخ لإنهاء كل الاستعمار، وتم تغيير مادة في القانون الدولي بحيث أصبح بمثابة إنهاء الاستعمار وخلقت في 1962 آلية أو ميكانيزم لتنفيذ هذا القرار، وصدرت لجنة تصفية الاستعمار وسميت آنذاك لجنة الـ24.
ويتساءل الحقوقي صويلح أنه منذ ذلك وبعد كل هذا التاريخ «نذهب إلى الأمم المتحدة، ونقف أمام لجنة تصفية الاستعمار وهي اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وخلال مرتين في السنة نخرج بتقارير مجلس الأمن». ومن باب هذا التماطل والتعسف في حق القضية الصحراوية أراد صويلح أن يقدم في هذا الشأن خبرة قانونية تتعلق بالأوضاع العامة التي تحيط وتتعلق بالقضية، فذكر بأن الجانب القانوني لا غبار عليه في القضية، فهو واضح وساطع بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي، سواء الإنساني من خلال اتفاقيات جنيف 4، أو البروتوكولات اللاحقة (البروتوكول الأول والثاني)، «ما بالنا بالقانون الدولي الواسع لحقوق الإنسان، ابتداء من إعلان 1948 إلى غاية يومنا هذا، ونحن نطبق في بنود هذا الإعلان».
 الدكتور صويلح أكد أنه بالرجوع إلى المحافل الدولية وهيئات الأمم المتحدة، يمكننا أخذ الهيكل القضائي، الذي هو الهيئة الاستشارية أو محكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة أصدرت حكم استشاري في قضية الحال أي القضية الصحراوية، فصلت فيه وأكدت أن القضية هي قضية تصفية استعمار، وشبيهة بقضية ناميبيا ويجب أن تحل وفقا لإعلان 15/14 وأن المغرب لا حقوق يدعيها على الإقليم ولا تواجد لروابط إنسانية في الإقليم، ولا أي دعاء ديني على أساس ادعاء الأمير. وقال صويلح «لو سايرنا هذه النظرية لوصلت الإمارة إلى غاية حدود طشقند، وبالتالي النظرة التوسعية يصفها المتدخل بأنها شبيهة مع النظرة التوسعية للجنس الألماني الذي يدعي أنه أينما يكون هناك جنس أصفر يكون مرادف الدولة له»، موضحا في هذا الشأن على أنه أينما امتدت الإمبراطورية المائية امتدت، كإمبراطورية الدب أو إمبراطورية الحيتان وسلطات أعماق البحار وغيرها، وهنا يقصد الدكتور صويلح العلاقات الثنائية الدولية آنذاك، أمريكا والاتحاد السوفيتي
بعد العملية الكرونولوجية التي وصف فيها بداية النظريات التوسعية ومطالب حقوق الإنسان في تصفية الاستعمار.
 وأشار صويلح إلى أنه في المحافل الدولية كلها لا يوجد هناك اختلاف في القضية الصحراوية، وحق هذا الشعب في تقرير مصيره، معقبا في السياق نفسه حول الطرح المتداول في الاتفاق أو التفاوض غير الرسمي بأفكار طرحها المغرب وهي الدمج، أو الضم، يقول بشأنها أن أفكارا سابقة طرحت في مسألة ناميبيا لما كانت حكومة جنوب إفريقيا في عهد «الأبرتايد»، وحكومة مالان، اللذين طالبوا بضم هذا الإقليم، وانتهت الأمور إلى استقلال ناميبيا تحت حركة تحرر صوافو. متسائلا «لو نحاول اليوم طرح هذا الاسقاط لمحاولة معالجة القضية الصحراوية، من منطلق قواعد القانون الدولي ونحاول تطبيقها على هذا الواقع أو هذه المقولات، أو ما يعرف بقضية الانتداب (أ،ب) الذي عرفناه في قضية فلسطين مثلا وفي قضايا أخرى مماثلة، فهو لم يأت بالجديد لأنه ذهب مع نظام عصبة الأمم»، مشيرا إلى أنه لما أنشئت الأمم المتحدة جاءت بقانون جديد وهو نظام الوصاية الدولية، حيث منحت في 1947 قانون لكل الأقاليم التي كانت تحت وطأة الاستعمار بتقديم تقارير حول كيفية انهاء الاستعمار والتخلص من السيطرة كما هو الشأن في القضية الصحراوية الآن، مضيفا أن اسبانيا في تلك الفترة لم تقدم تقريرا عن مصير الصحراء الغربية، لأنها تحت سيطرتها وتواجدها إلى غاية 1975 وبمؤامرة ـ قال عنها القانوني ـ أن خطة جرت لتقسيم الإقليم بين موريتانيا والمغرب، بالمقابل يتنازلون لاسبانيا عن كل المصائد المائية في المياه الاقليمية والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية، ثم يسمحون لها باستنزاف الثروات الطبيعية والمعدنية التابعة للاقليم، كما يمنحونها تراخيص الاستغلال، وهو وضع كارثي، يقول بوجمعة.
اليوم وفي خضم هذا التماطل في تقرير المصير يمكن ربطه بقضية الحكم الذاتي التي يتحدث عنها المخزن، يقول بشأنها المحامي وأستاذ القانون على أن هذه الكلمة اليوم لا وجود لها وغير مستعملة في القانون الدولي وغير معترف بها في تطوير قواعد القانون الدولي.
واعتبر صويلح أن قضايا الاستعمار اليوم انتقلت إلى موجة أخرى من قضايا التحرير بحيث لم تبق قضايا جامدة أو في شكل قانوني محدد، وحسبه اليوم المغرب يدعي بالحكم الذاتي، مؤكدا أن القرار الصريح لحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها مدون في سبعة بنود «لا يحق تأخير استقلال شعب تحت ذريعة التأخر الاقتصادي أو الاجتماعي أو الفكري أو غير ذلك».
كما ينص القانون الصريح في متضمنه: لا يحق المساس بالسلامة للتراب أو بالتقويض الجزئي، لا يحق استعمال القوة العسكرية، لكن ماهو على أرض الواقع يختلف تماما عن ما هو موجود في منابر الأمم المتحدة، مما يجدر بنا طرح التساؤل التالي: إلى متى يظل الوضع هكذا؟
لتكون الإجابة طبعا على شفاه كل شباب البوليساري وأبناء الساقية الحمراء وواد الذهب، بعد 24 سنة طال فيها الانتظار كثيرا.