طباعة هذه الصفحة

بعد أن أوصد الهاتف النقال محلات «الطاكسيفون»

الـ «3G» و»الويفـــــــــــــي» يهــــــــــــــددان مقاهـــــــــــــي الأنـــــــــترنت بالغلـــــــــــــق

استطلاع: سمير العيفة

«الشعب» تستطلع الوضعية في عنابة
يعد عصرنا الحالي عصر ثورة الاتصالات اللاسلكية بامتياز، حيث أصبحت من أهم مميزات التكنولوجيا، فما إن يستقر السلوك الاستهلاكي على خدمات معينة إلا وتأتي محلها خدمات أخرى أكثر طلبا وراحة وتوفرا بالنسبة للزبائن، لتزيح هذه الأخيرة من مكانها. التكنولوجيا بالمفهوم الحالي تبحث عن الزبائن ولا تهتم بالمتعامل، لأن اقتصاد السوق يعطي الخيارات للمستخدم أو المستهلك وفق ما توفر من آخر الخدمات. هذا ماتوقفت عنده «الشعب» ببونة.

بعد أن أوصد الهاتف النقال محلات «الطاكسيفون» على مستوى الأحياء والمدن ودفع أصحابها إلى البحث عن بدائل أخرى توفر خدمات جانبية في ظل هذه التكنولوجيا الأحدث والأكثر استخداما، كالتوجه الى خدمات «الفليكسي» وبيع إكسسوارات الهاتف النقال وكذا إصلاح وبيع الهواتف النقالة المستعملة، يواجه أصحاب مقاهي الانترنت اليوم تحدي صعب لا يقل خطورة وضررا من ذلك الذي عصف بأصحاب محلات الهاتف الثابت في الجزائر، بعد أن اجتاح الجيل الثالث والموعد مع الجيل الرابع للهاتف النقال في الجزائر الذي يوفر خدمات الانترنت على الهواتف النقالة بدلا من التوجه الى مقاهي الانترنت، بمرونة طالما بحث عنها المستهلك تعفيه من المكوث أمام شاشات الكمبيوتر وإهدار وقته وتقييده بأماكن معينة، يا ترى بماذا يفكر أصحاب مقاهي الانترنت بعد أن اجتاح الجيل الثالث وخدمات «الويفي» الساحات والأماكن العمومية وحافلات النقل الجماعي ؟ هذا ما نريد الإجابة عليه من خلال هذا الاستطلاع الميداني بأهم شوارع مدينة عنابة .

الجيل الثالث، الويفي، نعمة للمستهلك، مأزق لأصحاب مقاهي الانترنت
أجمع أغلب مستخدمي الهاتف النقال وولوج الشبكة العنكبوتية من خلال تطبيقات الهاتف الذكي وكذا توفر خدمات «الويفي» في العديد من الإدارات والفنادق وبعض الساحات السياحية التابعة  للخواص والتي توفر خدمات الانترنت مجانا، أن هذه نعمة طالما بحث عنها المستخدم ، لأنها توفر خدمات الانترنت على مستوى الهاتف المحمول أو الحاسوب الشخصي دون عناء التنقل الى مقاهي الانترنت، تقول فتيحة مهندسة معمارية وجدناها بإحدى الحدائق في جلسة حميمية مع أصدقائها، الحمد لله حاليا تقريبا أصبحنا بعيدا عن العزلة التي عانينا منها طويلا من خلال توفر خدمات الانترنت اللاسلكية يكفيك أن يتمتع هاتفك بخدمات الانترنت لتجد نفسك على تماس مع الشبكة العنكبوتية.
مجموعة من الشباب في العشرينات من العمر وجدناهم على مستوى سوق «بلاصدارم» المغطى لبيع الألبسة، الكل يشيد بدخول الجيل الثالث وتوفر خدمات الانترنت على مستوى شرائح الهاتف المحمول، ما يوفر ولوج الشبكة العنكبوتية بيسر وبالتالي أصبحنا بعيدا عن الحاجة الى التوجه لمقاهي الانترنت.
على أحد الشباب قال لنا قبل هذا كنت أضع جهاز كمبيوتر على مستوى المحل لكن حاليا الحمد لله كل شيء على مستوى هاتفي النقال، كما أن اغلب استخدامي للانترنت هو التواصل عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي والدردشة مع زملاء لي في المهجر، كذلك لدينا العديد من الأصدقاء نتصل بهم بشكل دوري من أجل جلب السلع النوعية وخاصة ما يطلبه الزبائن من خلال الصور والفيديوهات ، فحاليا الحمد لله قبل أن تبيع شيء يطلبه الزبائن على مستوى المحل توفر لهم الصور و الفيديوهات للبضاعة وفق ما يطلبه .
زملاء في مهنة الصحافة ، فاطمة الزهراء صحفية بجريدة صدى عنابة الالكترونية تقول لنا استبشرت خيرا بدخول تطبيقات الجيل الثالث وتوفر خدمات الويفي على مستوى العديد من الإدارات العمومية ،الأمر الذي سهل من مهنتي كإعلامية كثيرا، بعد أن كنا نجلس في طوابير كبيرة أمام مقاهي الانترنت ننتظر دورنا اليوم أصبحنا في منأى عن هذه الأتعاب، كما أن توفر خدمات الانترنت  تضمن للإعلامي السبق الصحفي خاصة إذا تعلق الأمر بالأحداث الجارية اليومية ونقلها من عين المكان مع توثيقها بالصورة والصوت وهذا كنا نفتقده كثيرا.

ماذا يقول المختصون في هذه الظاهرة؟
يقول البروفسور العيفة جمال، أستاذ الإعلام بجامعة باجي مختار عنابة، أن الجزائر متأخرة نوعا ما في مسايرة خدمات وتطبيقات الهاتف النقال مقارنة بنظيرتها من الدول العربية والإفريقية، لكن هذا لا ينفي أن الدولة الجزائرية قطعت شوطا لا بأس به وفي ظرف وجيز استطاعت أن تتخطي هذا العائق و فك هذه العقدة التي طالما لازمت المواطن الجزائري في بلاده خاصة إذا ذهب الى دول أخرى قبل اليوم ووجدها توفر خدمات الانترنت على مستوى الهاتف النقال أو فتح خدمات «الويفي» مجانا في الساحات و الأماكن العمومية، مؤكدا أننا اليوم أمام ثورة اتصالات أهم ما يميزا السرعة في الإحلال والإبدال، بمعنى نقوم يوميا على شيء جديد في هذا المجال، السير بسرعة البرق في الاختراعات مما يحتم علينا كدول و كمستهلكين أن نساير هذه التطورات التي نمثلها بحلقات متسلسلة لا يمكن أن تكتمل السلسلة بإلغاء حلقات معينة ، نفس الشيء لا يمكن أن نمر الى خدمات وتطبيقات الجيل الرابع للهاتف النقال دون المرور بخدمات وتطبيقات الجيل الثالث هذا بالنسبة للاستخدام .
من جهة أخرى يبحث المستهلك اليوم عن الجودة والسعر في الخدمات ، و اغلب من يلج الانترنت في الجزائر ما يضاهي 80% من المواطنين هم ينشدون مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر الفضاء الأول في استخدامات المواطن، وهذا ما يمكن أن يوفره تطبيق الانترنت على مستوى الهاتف الذكي بسرعة تدفق عادية تساعد وتسمح لك بفتح حسابك على مستوى هذه المواقع والتواصل بصورة دورية في أي نقطة من العالم وهذا ما لا يتوفر من ناحية الأسعار إذا ما تم الاتصال من خلال الهاتف المحمول دون المرور على شبكة الانترنت .ليبقى الانترنت بتدفق عال من توجه الباحث المختص وكذا ممن ينشدون تحميل المواد السمعية البصرية بسعات كبيرة الأمر الذي لا توفره خدمات الجيل الثالث وبالتالي يتحتم التوجه الى قاعات ومقاهي الانترنت .
توجهنا الى احد مقاهي الانترنت على مستوى مدينة عنابة بمحاذاة المسرح الجهوي عز الدين مجوبي، والتي وجدناها تقريبا فارغة ماعدا بعض الأطفال الذين يلعبون لعبة السيارات، هذه الأخيرة التي كانت قبل اليوم تعج بالمستخدمين بطابقين اثنين، حاولنا التقرب من صاحب المقهى الالكتروني أمين شاب في الثلاثينات، وجدناه يشكو عزوف الشباب ورواد المقهى اليوم ، هذا الأخير الذي اكد لنا أن نشاط مقاهي الانترنت في الجزائر بات يختصر أمام اجتياح خدمات الجيل الثالث و الويفي، قال لنا وبالحرف الواحد إنني أفكر في إعادة هيكلة المكان وتغيير النشاط أو على الأقل تكييفه مع ما هو مستجد ، نحن اليوم نعاني من العديد من الضغوط المهنية بسبب تراجع عائدات النشاط المهني للمقهى الالكتروني ، وبالمقابل بقيت أسعار الانترنت في الجزائر للهاتف الثابت تراوح مكانها الأمر الذي يدفعنا الى تخليص فواتير الانترنت دون الاستفادة من توظيف هذا النشاط بسبب عزوف المستهلك ، النشاط بقي وكما ترى الأطفال فقط ممن يهوون الألعاب الالكترونية ،رغم ما لهذه الألعاب من مضار على مستوى اجهزة الكمبيوتر لكن ليس لنا بدائل كثيرة، سألناه ما هو النشاط الأقرب إليكم الذي ممكن أن تعملوا على تكييف مقاهي الانترنت وفقه ؟ رد علينا قائلا إذا كانت محلات الطاكسيفون قد كيفت نشاطها مع ظهور الهاتف النقال بعد أن أزاحها من الواجهة، من خلال خدمات «الفليكسي» و بيع الإكسسوارات وتصليح الهواتف ، نحن اليوم نفكر في التوجه أكثر الى العمل المكتبي لعله ارحم من الارتباط بعائدات استخدام الانترنت فقط ، أنا شخصيا أفكر في الطباعة و النسخ وتحضير البحوث ، و بيع ونسخ المواد السمعية البصرية التي يطلبها المستهلك .
نرى أمام هذه التطورات التكنولوجية المتسارعة فراغا رهيبا غالبا ما يدفع ثمنه أصحاب المهن المرتبطة بهذه التكنولوجيات الحديثة، لينتفع بها المستهلك، ترفع أقواما وتحط آخرين ، قد نجد أرباب العمل أمس من الذين كانوا يتربعون على السوق الاستهلاكية، فقراء اليوم بالكاد يتسولون قوت يومهم ، وأصابع الاتهام موجهة الى هذه التحولات التكنولوجية المتسارعة و التي معها يتحول السلوك الاستهلاكي مما يؤثر بصورة جذرية على النشاط التجاري ، و دائما يبقى الزبون هو الملك الكل يبحث في أن يوفر له خدمات أكثر راحة وأكثر يسرا وبأقل الأسعار .