طباعة هذه الصفحة

تدفق القروض لم يتأثر بالصدمة الخارجية

تحسن المؤشرات المالية والنقدية مرهون بالإقلاع الاقتصادي

فضيلة بودريش

من المقرر أن يلتقي إطارات المنظومة المالية والمصرفية شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين في لقاءات عمل تقنية لطرح جميع انشغالاتهم في ظل إرساء نظام مركزية مخاطر جديدة يرتقب أن يحسن من أداء البنوك على اعتبار أنه يمنحهم القدرة على تقييم دقيق وناجع لطلبات القروض والمساهمة في تحسين خدمات منح القروض والرفع من وتيرة تدفقها خاصة تلك الموجهة للاقتصاد الوطني. فهل ستتمكن البنوك في ظل الإصلاحات الجديدة والتدابير التي تضمنها مشروع قانون المالية التكميلي 2015 من رفع فعاليتها في ظل الصدمة الخارجية وآثار تراجع أسعار النفط التي مازالت تعرف تقلبا في الأسواق الدولية؟ ..علما أنه ينتظر من هذه البنوك تطوير مواردها الداخلية للعب دور جوهري في المعركة التنموية.
رغم أن جميع المؤشرات المالية والنقدية تؤكد تأثر ميزان المدفوعات واحتياطي الصرف وتراجع صادرات المحروقات وارتفاع سقف التضخم وانخفاض محسوس لعملة الدينار أمام نظيره الدولار نتيجة تهاوي أسعار برميل النفط، مازالت الجزائر في منحى تصاعدي من حيث إصرارها على الاستمرار في تمويل الاقتصاد الوطني بالقروض رغم تراجعها بشكل طفيف لكن وتيرة تدفقها مازالت مستمرة للقطاعين الخاص والعمومي بهدف خلق الثروة وتجاوز عقدة الاعتماد الكبير على إيرادات المحروقات، حيث تم تسجيل خلال السداسي الأول 2015 نسبة نمو وصفت بالايجابية في هذه القروض بحوالي 8.7 بالمائة دون أن ننسى أن صدمة خارجية عصفت بالاقتصاد الوطني وأثرت على جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية وكذا النقدية. ويذكر أن القطاع الخاص يفتك حصة الأسد من القروض لأن نموها ناهز 8.58 بالمائة نهاية شهر جوان الفارط في حين نسبة نمو القروض الموجهة للقطاع العمومي لم تتعد حدود 8.55 بالمائة في نفس الفترة، وقدر الغلاف المالي المرصود لإجمالي القروض في عام 2014 نحو 2730 مليار دينار، بينما خلال السداسي الأول 2015 ناهز حجم القروض 625.9 مليار دينار. ومن المفروض أن هذا التدفق الموجه لخلق الثروة وتوسيع الاستثمار وترقية المؤسسة الإنتاجية من شأنه أن يساهم بشكل محسوس في تطوير الاقتصاد الوطني حتى ينتقل من مرحلة الإنشاء إلى مرحلة غزو الأسواق وفرض تنافسيته والمساهمة في امتصاص البطالة وكبح الواردات التي تشهد بدورها تراجعا حتى وإن كان تقليصها ما زال غير كافيا لكن يجب الاستمرار في تخفيضه بشكل أكبر.
ومن بين التحديات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار انخفاض إيرادات صندوق ضبط الإيرادات في عام واحد بنسبة لا تقل عن 33 بالمائة، ولا يمكن تداركها إلا بتقليص الواردات وتشجيع الإنتاج الوطني وتعميق الاستثمار الذي لا يتحقق إلا بالفعالية المصرفية والترسانة التشريعية القوية والرقابة الصارمة في تجسيد القوانين على أرض الواقع، وتشير آخر الأرقام أن احتياطي الصرف تراجع إلى أقل من 160 مليون دولار. وتثار العديد من الاستفهامات حول تدني قيمة الدينار في سوق العملات العالمي أمام قفز عملة الدولار بشكل لافت أمام نظيرها الأورو وكذا أقوى العملات للدول المتطورة، وتراجع الأورو خلال السداسي الأول بنسبة 22 بالمائة أمام الدولار وانتعش بشكل طفيف أمام الأورو. وكان تسجيل تراجع قيمة الدينار الجزائري منتظرا بعد تراجع أسعار النفط في ظل غياب الثروة البديلة التي تعوض المداخيل التي تراجعت بالعملة الصعبة. ولا يمكن أن ترتفع تنافسية الدينار إلا بطرح اقتصاد قوي ومنافس يضمن استقرار المداخيل بالعملة الصعبة ويحسن المؤشرات المالية والنقدية.