طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تسلط الضوء على الصناعة المحلية بصالون الصيد البحري

جزائريون يرفعون التحدي بصنع مراكب صيد ذات نوعية وجودة

استطلاع: أم الخير - س.

 تربية المائيات وجهة استثمارية

حضرت الصناعات البحرية في مجال إنتاج وسائل الصيد والتسويق، بقوة في الطبعة السادسة للصالون الدولي للصيد البحري وتربية المائيات المنظم بوهران، وأبرز ما لقى اهتمام زوار المعرض من المواطنين والمهتمين بنشاط الصيد البحري، المنتوج الجزائري بالجودة العالية والأسعار المقبولة، الذي صنع المفاجأة.
ووصف الوافدون إلى المعرض، الصالون الدولي بالفضاء الواسع الذي جعلهم يوقنون حقا أن هناك جزائريين قادرين على رفع التحدي والمضي قدما نحو تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال التوجه للقطاعات الصناعية والتنموية الأخرى.

لم يكن الصالون الدولي للصيد البحري وتربية المائيات فرصة للقاء جميع الأطراف الفاعلة في القطاع، فحسب، إنما قدم صناعات بحرية وطنية خرجت إلى العلن، فأضفت عليه البعد التاريخي للجزائر التي لطالما عرفت بأسطولها البحري القوي في فترات غابرة من الزمن، والتقت «الشعب» بعارضين من مختلف مناطق الوطن، قدموا منتوجهم في صناعة الآليات البحرية ووسائل الصيد بطريقة تلفت النظر، بل خطفت الأضواء.
 التقينا بمؤسسة عائلية عريقة تحترف نشاط صناعة السفن، وعبّر صاحب المؤسسة، عبد الحليم قوار، عن شغفه في إضفاء اللمسة الجزائرية على منتوجه من بواخر الصيد في مختلف الأصناف وبواخر النزهة التي تنطبق عليها الصفات العالمية، ويعمد صاحب مؤسسة «بوليور « إلى إلصاق علامة «صنع في الجزائر» على البواخر المصنعة، موضحا أنه استطاع منذ السبعينيات أن يسوق ما يناهز 2000 باخرة، وما زال على ذلك الحال في عمله مع مختلف الهيئات العمومية التي تعجب بجودة المنتوج على غرار مصالح الحماية المدنية التي اقتنت 30 قاربا يستعمل للتدخل والإجلاء في حالات الكوارث، وفي هذه الحالة تعمد المؤسسة إلى تعديل شكل قاعدة القارب ليتمكن من دخول المنازل في حالات الفيضانات. صاحب مؤسسة بوليور في حديثه لـ «الشعب» لم يخف قلقه من مستقبل الشركة الذي ربطه بالإجراءات التي تشمل تراخيص الإرساء بالموانئ وملاجئ الصيد، بسبب الضغط الكبير على ملاجئ الصيد والموانئ بالساحل الجزائري، موضحا أنه بالرغم من أن النشاط الصناعي موجود إلا أن تسويق المنتوج صار محدودا ومنحصرا على طلب الهيئات العمومية وحاملي المشاريع في إطار آليات التشغيل، إلى جانب العراقيل التي تطرحها المعاملات البنكية للوكالات العمومية التي تستدعي شروطا تعجيزية وفترات متفاوتة لانتظار الرد على طلبات القروض من أجل تسيير المشروع وتطوير إنتاج البواخر.

مؤسسة جزائرية لصناعة محركات البواخر .. واجب التحدي

من جهته، مدير مؤسسة وطنية خاصة لصناعة وصيانة سفن الصيد ببومرداس، حدوش بوعلام، تطرق إلى مشكل تسويق منتوجه من صناعة سفن الصيد بكل أصنافها، مؤكدا أن شركته صارت تقتصر على صناعة سفن الصيد بناءً على نسبة الطلب والتي تنحصر في الشباب المقبلين على مشاريع في مجال الصيد البحري وتدعمها وكالات التشغيل، وفي هذا الشأن قال المستثمر الجزائري أن صناعة السفن مزدهرة وما على الدولة إلا فتح المجال أمام الصيادين ودعمهم لبعث الحركية في مجال تسويق السفن، في حين، تقتصر نشاطات المؤسسة على صناعة البواخر ثم تجهيزها بمنتوجات مستوردة، بداية من المحرك ونهاية عند شباك الصيد، الأمر الذي جعلنا نستفسر عن الفرص المتوفرة لتصنيع محركات بحرية محليا، ورد عليه صاحب المؤسسة بالمستحيل لأن المحركات تحتاج تقنيات متطورة وموارد مالية ضخمة للمباشرة في أي استثمار محلي يعزز القطاع، الأمر الذي فنده ممثل شركة عمومية وطنية في مجال تصنيع محركات العتاد الفلاحي بعلامات ألمانية والمنبثقة عن الشركة الأم في قسنطينة، موضحا في حديثه لـ»الشعب « أن الصالون جعله يكتشف أن الجزائريين المهتمين بالاستثمار في مجال الصيد البحري يتطلعون إلى تحديات تصنيع المحركات البحرية الخاصة بالبواخر، مما جعل المؤسسة على لسان ممثلها بلخوجة عبد الحق، تفكر في تصنيع مثل هذه المحركات وتوفيرها في السوق الجزائرية، نظرا لوجود الطلب عليها، مضيفا بالقول أنه « خلال الصالون اكتشفنا سوقا جديدا وأن هناك منتوج جزائري يمكن توفيره بدون اللجوء إلى الاستيراد «، إلى جانب ما يمكن توفيره من خدمات تقنية وخدمات ما بعد البيع والمرافقة، إضافة إلى قطع الغيار.

شباك الصيد في فخ الرداءة والعرض الرخيص

المختصون في مجال الصيد البحري ووسائل الصيد، أكدوا من جهتهم أن المنتوج الجزائري أكثر نجاعة من المنتوج المستورد الذي يعتبر أكثر رواجا لأسباب تتعلق أحيانا بالذهنيات المحلية التي تلاحق الماركات العالمية، بالرغم من أن المنتوج المستورد غالبا ما يتعرض للتقليد ومشاكل أخرى تتعلق بعدم وفرة قطع الغيار، وذلك لا يستثني أيضا رواج بعض وسائل الصيد الأسيوية الصنع، والذي يعد الإقبال عليها مضاعفا مقابل تلك الأوربية أو المنتجة محليا، بسبب أسعارها المتدنية إلى حد ما تبعا لنوعياتها المختلفة، وبطبيعة الحال يتوجه الصيادون غالبا لاقتناء شبكة الصيد بسعر متدني، سرعان ما تتعرض للاهتراء، فضلا عن ما يؤكده المختصون بالقول أن أحد أنواع شبكات الصيد الأسيوية الرديئة والمقتناة بأسعار متدنية، يجني بها الصيادون كميات كبيرة من الأسماك المختلفة مما يعرض الثروة السمكية للخطر، في حال لم تسلم الأسماك المحضرة للتكاثر من شباك الصيد.
وبحسب المنظمين للصالون الدولي للصيد البحري وتربية المائيات، فإن مشكل وسائل الصيد البحرية، سيما شبكات الصيد لن يبقى مطروحا على المدى المتوسط بعد كل سبل الدعم الموجودة لمرافقة الراغبين في إنشاء وحدات لتصنيع وسائل الصيد، تمخضت مؤخرا هذه الجهود بنجاح تجربة مشروع لصناعة شبكات الصيد والحبال بمنطقة وهران، حيث استطاعت المؤسسة التي غابت عن معرض الصيد البحري وتربية المائيات استقطاب العديد من الفاعلين والمهنيين في مجال الصيد البحري، مؤخرا، بغرض التعامل مع المؤسسة المحلية واقتناء شبكات صيد مصنعة محليا، مما يسمح من جهة بتقليص التكاليف الإضافية غير الضرورية، تضاف إليها مؤسسة صناعة عتاد الصيد بتلمسان والتي صارت إلى حد ما تنتج شباك الصيد وتموّن الصيادين المحليين، من جهته، الجانب الصيني المستثمر في الجزائر في حديث لممثله في الصالون الدولي قال، إن إنتاج شبكات الصيد صار بدوره مكلفا لارتفاع مادته الأولية مرجعا ذلك كسبب أساسي لارتفاع سعر المصيدات فضلا عن ما تشهده السوق الدولية من تقلبات انعكست سلبياتها، بحسبه، على الإنتاج الصناعي باختلافه.

لتطهير وتصحيح الاختلالات

 وبين إشكالية استيراد منتوجات يمكن تغطية الطلب عليها بتشجيع الإنتاج المحلي، يطرح التساؤل حول سبب الإعجاب بالجودة التي تلغيه الأسعار المتدنية والنوعية الرديئة، وذلك ما يحدث جليا في السوق الجزائري لبيع السمك المعبأ في صناديق بلاستيكية لا تستند للمعايير الصحية والسلامة أو في صناديق خشبية قضى عليها الدهر يتقررإعادة النظر في حقيقة اعتمادها في الأسواق لما تتسبب فيه من مشاكل صحية. وفي هذا المعرض الدولي، صادفنا شاب في مقتبل العمر قرّر إنشاء مؤسسة مصغرة لتصنيع الصناديق الحاوية للسمك، بعد صدور المرسوم المتضمن منع بيع السمك في صناديق الخشب قبل سنة، موضحا أن بعض المهنيين يهملون الجانب الصحي ويتحايلون على القانون بعرض منتوج السمك في صناديق من البلاستيك المرسكل، في حين يقضي القانون بمواصفات صناديق عرض السمك الموجه للبيع بأن تكون مصنعة من المادة الأولية الأصلية، وأكد المدير العام لشركة «غولدن أومبلاج « بالقصر في بجاية، أن الإقبال على اقتناء صناديق السمك المصنعة بالمادة الأولية الأصلية يبقى ضئيلا ما دامت التشريعات القانونية غير حازمة، على حد قوله، وهي المسؤولية الملقاة على عاتق عدة جهات تتشارك في مهمة حماية صحة وسلامة المستهلك الذي لا يدري فعلا خطورة الوضع، ومن أجل ذلك يستدعي الوضع تحسيس المواطن في حملات متواصلة بضرورة الاستغناء عن استهلاك السمك المعبأ في وسائل غير صحية حتى يرغم المهنيون على التماشي مع القانون، مضيفا أنه وللمضي بالقطاع نحو التطور، ما على السلطات إلا تصفية كل ما هو سلبي في مجال الصيد البحري والتقيد بمعايير السلامة والصحة، التي تتقيد بها أفقر الدول في أوروبا.