طباعة هذه الصفحة

محمد شرقي مدير «مخبر التاريخ للأبحاث والدراسات المغاربية» لـ«الشعب»:

المخابر تساهم في نقل الأمانة التاريخية والوطنية

قالمة: أمال مرابطي

الحديث عن المخابر، مهما كانت، يتضمن بالضرورة الإشارة إلى البحث العلمي بالجامعات الجزائرية وما تقدمه من مجهودات، لإبراز الحقائق وما مدى تأثيرها وأهميتها في نقل واستغلال الحقيقة وتوظيفها ليتماشى مع الواقع.  وللحديث في الموضوع سلطت «الشعب» الضوء على مخبر التاريخ للأبحاث والدراسات المغاربية ودوره في البحث العلمي بجامعة قالمة 08 ماي 1945، وفي هذا الصدد تحدّث الدكتور محمد شرقي مدير «مخبر التاريخ للأبحاث والدراسات المغاربية» عن المخبر الذي أسسه، والذي جاء بغرض تفعيل البحث العلمي التاريخي لإبراز الحقائق التاريخية الخاصة بالحركة الوطنية والثورية، امتدادا منه لجهود من سبقوه من المؤرخين الإصلاحيين وأيضا لنقل ما سماه بـ»الأمانة» التاريخية والوطنية.

محمد شرقي قال إنه بعد المساهمة في إنشاء قسم التاريخ ورئاسته لمدة ثمانية سنوات كاملة أصبح قسما له مكانة علمية بين أقسام التاريخ التي سبقتنا في الجامعات الجزائرية، كجامعة الجزائر، قسنطينة، باتنة.. «حيث فكرنا في مواصلة العمل العلمي بجامعة الثامن من ماي 1945، بناءً على ما عندنا من تجربة في هذا المجال حيث كنا أعضاء مؤسسين لمخبر الدراسات التاريخية والفلسفية بجامعة منتوري قسنطينة قبل تقسيمها»، مشيرا إلى أنهم وجدوا أن هناك نقص في المخابر التي تهتم بالمحيط الجيوبوليتيكي للجزائر التي ترتبط بمحيط مغاربي مؤثر وكذلك بفضاء متوسطي في شمالها وفضاء إفريقي في جنوبها.
كل هذه الفضاءات يقول، لها تأثير مباشر على الجزائر منذ أقدم العصور سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا، فقمنا بمساعدة رئيس الجامعة بتأسيس  مخبر التاريخ للأبحاث والدراسات المغاربية.
وحسب شرقي فإن «مخبر التاريخ للأبحاث والدراسات المغاربية» تأسس سنة 2011، وهو يهدف إلى تشجيع البحث العلمي الجاد والملتزم، الذي يؤدي إلى نتائج أكثر عمقا ودقة في فهم مختلف الآليات التي تتحكم في صنع الحدث التاريخي، مشيرا إلى أنه أيضا يشجع الدراسات التاريخية والأثرية للجزائر والمغرب العربي. ومجال عمله يشمل أولا الجزائر وثانيا المغرب العربي ثالثا البعد العربي والإفريقي، وكذا البعد المتوسطي وهذا من أجل فهم سليم لحركة التاريخ ماضيا والتعاون الإيجابي والمثمر، حاضرا وبناء مستقبل يسوده الأمن والاستقرار والتطور.
وقال شرقي بأن مخبر التاريخ للأبحاث والدراسات المغاربية، ضم 08 فرق بحث متنوعة بمجموع 44 باحثا بمختلف الرتب العلمية، ومن مختلف الجامعات على غرار قالمة، سكيكدة، سطيف، عنابة، بجاية، قسنطينة، باتنة وغيرها.. حيث يتم التعاون والتنسيق بين الباحثين سواء في جامعة قالمة أو مع الجامعات الوطنية في نفس التخصص للمساهمة في ترقية البحث العلمي والتنمية الفكرية والثقافية بالجزائر، بما في ذلك التعاون مع الباحثين في نفس التخصص من جامعات المغرب والمشرق العربي وكذلك من غرب أوربا وإفريقيا للاستفادة من المناهج المستعملة والخبرات المكتسبة والوسائل المستعملة لدى مراكز البحث العلمي في البلدان الأخرى قصد توظيفها واستغلالها في تأصيل البحوث وتعميقها بما يتماشى مع الواقع الجزائري المغاربي، كل ذلك ـ يقول ـ في إطار القوانين التي تنظم وتسير التعاون العلمي بين الجزائر والدول الأخرى.
وعن أهدافه المسطرة، أشار المتحدث إلى أن المخبر يسعى إلى السير بالباحثين في طريق البحث العلمي الجاد والملتزم، الذي يمكن أن يساعد على الوصول إلى نتائج علمية أكثر عمقا ودقة في فهم مختلف الآليات التي تتحكم في صنع الحدث التاريخي وفي إعطاء الأحداث أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي التمكن من الوصول إلى فهم سليم لتطور الأحداث والسيرورة التاريخية، وكذلك ـ يضيف ـ العمل بصفة عامة عبر محاور أساسية عن طريق القيام بدراسات وأبحاث علمية تاريخية وأثرية تركز وتبرز القيم الفكرية المشتركة لدول المغرب العربي، والتي ساهمت وتساهم في صنع النسيج الثقافي والنمط الاجتماعي للدول المذكورة عبر التاريخ.
إظهار الروابط التاريخية المختلفة بين الدول المغاربية والمشرق العربي
شرقي أكد بأن المخبر يهدف أيضا إلى إظهار الروابط التاريخية بمختلف أشكالها بين الدول المغاربية والمشرق العربي، مع التركيز على مظاهر التأثير والتأثر بالتيارات السياسية والفكرية والمذهبية التي ساهمت في صنع أهم الأحداث التاريخية في الجناحين (المغرب والمشرق مع التركيز على الجزائر)، فضلا عن إبراز دور الدول المغاربية في نشر الإسلام بإفريقيا ودعم التحرر والحركات التحررية في إفريقيا (مع التركيز على دور الجزائر) ـ حسب المتحدث ـ ومحاولة تحديد طبيعة العلاقة التي تربط الدول المغاربية بغرب أوروبا منذ القديم، وآثار هذه العلاقة سياسيا وعسكريا واقتصاديا على الجزائر خاصة ودول المنطقة عامة، وحول دراسة العلاقة التي تربط الجزائر بدول جنوب الصحراء من مختلف الجوانب وهو محور جديد لم يحظ باهتمام الباحثين الذين يتجهون دوما نحو الشمال، وكذا دور الإعلام والاتصال في ترقية البحث العلمي بالجامعة يقوم به أساتذة في التخصص المناسب.
وعن مشاريع المخبر أوضح المتحدث بأنها تقتصر على مواصلة البحث في المشاريع المسجلة، وإقامة ندوات أو موائد مستديرة في المناسبات الوطنية، مشيرا إلى أن المخبر عمره قصير و»نحن نجتهد لتحقيق ما نطمح إليه وهو فضاء علمي مفتوح لكل الأساتذة الباحثين» يقول المتحدث.
كما أشار الدكتور شرقي بأن المخبر يعمل حاليا على الإشراف على إنجاز البحوث وجمعها من أجل الطباعة، ثم نشرها كما يعمل على تنظيم الملتقيات العلمية والندوات وتسهيل المشاركة في الملتقيات الدولية، والتي لها صلة بالبحث العلمي وبالمشاريع المعتمدة من أجل تعميقها وتوسيعها في المعارف للوصول إلى حقائق مفيدة، وإنجاز عمل يفيد الوطن والباحثين والدارسين، كما يهدف إلى تكوين طلبة دكتوراه في التاريخ العام ذوي معارف علمية متعمقة ومتميزة.
نحو دفع عجلة البحث العلمي
وربط ذات المتحدث مهمة المخبر كما هي محددة في قانون البحث العلمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مثل سائر المخابر العلمية في مختلف الجامعات الجزائرية من أجل دفع عجلة البحث العلمي والمساهمة في التنمية الوطنية وخدمة الوطن والعمل على توحيد جهود الباحثين والفرق العلمية وتفعيل آليات البحث العلمي، حيث أصدر المخبر عدد من الكتب تضمنت أعمال الملتقيات المختلفة، كون العلاقة وثيقة مع أغلب المخابر في الجامعات الجزائرية ومع الأساتذة الباحثين بالخصوص، حيث تم إصدار ثلاثة كتب لحد الآن وأخرى قيد الطبع، كما أكد بأن الأساتذة والباحثين الذين يضمهم المخبر يشاركون عبر مختلف النشاطات العلمية والملتقيات بمختلف الدول العربية والأوروبية.
أما من ناحية ما يواجه عملهم بالمخابر من صعوبات، فقد أبرز المجهودات المقدمة من أجل مواصلة العمل بالمخبر على مستوى الجامعة فيقول: «لا توجد صعوبات أو عوائق على العكس»، مشيرا إلى أن نائب رئيس الجامعة المكلف بالمخابر له خبرة وكفاءة، وهو يقدم المساعدة لكل المخابر في إطار القانون المنظم.
غير أن محمد شرقي حصر الصعوبات مع المحيط الخارجي كالمطابع وغيرها.. ولكننا ـ يقول ـ «نعمل دوما على تحقيق أفضل ما يمكن في البحث العلمي للباحثين والطلبة ولجامعة 8 ماي 1945، وللوطن بإبراز مكانة ودور الجزائر في الفضاء المغاربي والعربي والإفريقي وعلاقاتها مع أوروبا مع التركيز على العناصر الإيجابية كالكفاح المشترك ضد الاستعمار الأوربي والتعاون المثمر والتفاعل الإيجابي، الذي يدعم الاستقرار والأمن ويقوي دعائم الوحدة الوطنية، بما يساهم في ترقية البحث العلمي وما يخدم المستقبل على أسس سليمة».