طباعة هذه الصفحة

“الشعب” تسلط الضوء على الصالون الوطني الثاني للإبداع

محطة للترويج بحقوق الملكية الفكرية ومحاربة التقليد والقرصنة

استطلاع: حكيم بوغرارة

74 بالمائة من منخرطي الديوان الوطني لحقوق المؤلف موسيقيون وأدباء
يعتبر الصالون الوطني للإبداع مساحة هامة لتحسيس وتوعية الفنانين وأصحاب المؤلفات الأدبية والموسيقية والإنتاج السينمائي والتلفزيوني بضرورة تسجيل مؤلفاتهم وإبداعاتهم في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة حتى تضمن لهم حمايتها وتحصيل عائدات استعمال تلك المؤلفات، وتوزيعها على الأسرة الفنية وذويهم.

وتعتبر الملكية الفكرية أو حقوق المؤلف والحقوق المجاورة محاور هامة في سياق انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة التي لا تتسامح والتقليد والقرصنة وتفرض عقوبات صارمة على الذين يتجاوزون القانون، وتحاول الجزائر التكيف مع التحولات العالمية في هذا المجال، وهو ما جعلها تصدر أمرا في 2003 لتعزيز حماية الملكية الفكرية، وخاصة بعد أن أحدثت التكنولوجيات الحديثة ثورة كبيرة في مجال استغلال مختلف المصنفات الموسيقية والسينمائية والأدبية وغيرها دون وجه، وهو ما جعل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة يتحرك لاسترجاع حقوق المؤلفين وهو ما تكلل بالكثير من النجاحات خاصة في السنوات الأخيرة.

«غوغل” ومتعاملو الهاتف النقّال يعترفون

كشفت باية أولبصير، رئيسة دائرة في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بأن إرساء تقاليد حقوق المؤلف والحقوق المجاورة تسير في الطريق الصحيح، والصالون الوطني الثاني للإبداع الذي يضم 70 عارضا بعد الطبعة الأولى التي نظمت في 2013 محطة لاستقطاب منخرطين جدد من المبدعين من مختلف المجالات بما فيها منتجات الصناعات التقليدية على غرار الزربية البسكرية وصناعات الحلي لبني يني، والكتب الأدبية والقصائد الشعرية، واللوحات الزيتية للانخراط في الديوان.
كما أن الصالون فرصة للعارضين للالتقاء مع شركاء الديوان الذين يقومون بمساعدتنا على مكافحة التقليد والقرصنة على غرار الشرطة والجمارك والدرك الوطني، كما أن تواجد متعاملي الهاتف النقال فرصة لكسب المزيد من الحقوق من خلال تحسيس المتعاملين بحقوق الموسيقيين الناتجة من استغلال فهرس الأغاني وتوظيفه في الرنات الهاتفية.
والديوان يعمل على حماية حقوق المؤلف وتوزيع العائدات عليهم، بينما استغلال فهرس الأغاني من قبل القنوات الخاصة، فهو أمر غير قانوني ولا نستطيع تحصيل عائداته ولكن لا يمكننا فعل شيء حاليا طالما أن القنوات الخاصة تنشط تحت وصاية قطاع الاتصال وهي المخولة للتعامل معها بينما الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تابعا لوزارة الثقافة.
ومن المكتسبات هو الاتفاق مع موقع “غوغل” العملاق الناشط عبر شبكة الأنترنت في 2014 الذي بعث بـ 4000 مصنف معظمها أغاني موسيقية يستفسر عن مؤلفيها، وقد تم الرد عليه وهو ما سيجعل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة يحصل عائدات من “غوغل” ليوزعها على مستحقيها. ويعمل الديوان على محاولة تحصيل مستحقات استغلال مختلف المصنفات من الوسائط التكنولوجية والمواقع الالكترونية الأخرى.
ويعمل الديوان على التكيف مع التحولات الدولية من خلال تكثيف معالجة القرصنة والتقليد التي تسجل عليها المنظمة العالمية للتجارة العديد من التحفظات وما مضاعفة مجهودات الدرك والشرطة والجمارك، وتحيين التشريعات في مجال حقوق المؤلف والحقوق المجاورة دليل على رغبة الجزائر في التصدي لظاهرة القرصنة والتقليد والتكيف مع كل المستجدات في هذا المجال ومختلف الهيئات ودليل أيضا على الإرادة في تطهير الساحة من كل عمليات القرصنة، ولهذا نحن ندعو كل مبدع أو مؤلف الى التصريح بمؤلفاته حتى يتسنى لنا حمايتها مؤكدة بأن هذه المأمورية صعبة في ظل الانتشار الرهيب للتكنولوجيات الحديثة.
وتحدثت أولبصير لـ “الشعب” عن إرفاق الردع بحملات تحسيسية في أوساط الشباب لدعوتهم باحترام حقوق الغير وتفادي العمل بالقرصنة والتقليد التي تسبب أضرارا كبيرة للأفراد والاقتصاد الوطني.
وقد قام الديوان في إطار مكافحة القرصنة بإتلاف 1.5 مليون قرص مقلد في 2013، وهي عملية متواصلة وستكون عملية أخرى في الأيام القليلة القادمة.  
ونشر الديوان العديد من الإحصائيات المهمة حيث يسجل الديوان انخراط 4633 مؤلف موسيقي وهم يشكلون الأغلبية بـ 45 بالمائة، بينما يبلغ عدد الناشطين في المجال الدرامي 923 ويستحوذون على 9 بالمائة من مجموع المنخرطين، ويبلغ عدد ملفات المنخرطين في مختلف الأصناف التي تمسها الحماية بـ 10346 فردا.

الشرطة تحجز حوالي مليون قرص مقلّد

تمكنت مصالح الشرطة الناشطة في مجال مكافحة التقليد والقرصنة من حجز حوالي مليون قرص مضغوط بمختلف أنواعه “سي دي، دفي ايكس،ودي في دي”  بين 2010 و 2015 ، في 1143 قضية مع تسجيل الذروة في سنة 2013 حيث تم توقيف 381 شخصا بينما عدد الأشخاص المتورطين في الخمس سنوات فقد بلغ 1189، وهذا في بيانات نشرتها الشرطة في الصالون الوطني للإبداع الذي تشارك فيه، وهي إحصائيات جد مخيفة تؤكد تجذّر عمليات القرصنة والتقليد في الجزائر.
وقد أدى الأمر الذي صدر في 2003 والمتعلق بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة إلى تأسيس شرطة مكافحة التقليد والقرصنة حيث تم في 2005 تكوين 10 ضباط شرطة قضائية مكلفين بمكافحة التقليد والقرصنة وهذا حتى 2007، أين تم إنشاء 15 خلية لتعمّم على مستوى 48 ولاية في 2011.

لا أتخوف من تقليد أعمال الخزف الفني

أكدت الحرفية مليكة بوسلة من قسنطينة والتي تنشط في مجال الخزف الفني أنها لا تتخوف من تقليد أو قرصنة لوحاتها الفنية التي تنجزها بأناملها فهي صعبة ومعقدة ويصعب تقليدها وبالتالي تقول: “ فأنا لم أسجلها على مستوى الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة”.
وأضافت الفنانة المبدعة المتخرجة من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بأن ضيوف قسنطينة عاصمة الثقافة العربية قد عبروا عن إعجابهم باللوحات وهو ما شفع لنا بتوجيه دعوة للمشاركة في الصالون.
وقالت بوسلة، المتخصصة في تراث الزخرفة الإسلامية النباتية والديكور، بأن الاهتمام الإعلامي بمثل هذه النشاطات من شأنه أن يعرف بها أكثر ومنه تنشيط المجال التجاري والوصول إلى إبرام شراكات مع الأجانب قد تنتهي بالتصدير، فتركيا ومختلف الدول العربية عبروا عن اهتمامهم بما أنتجت أناملها.

الآلات الموسيقية تتمتع بالحماية

اعترف عبد القادر ترسان، أستاذ بالمعهد العالي للموسيقي وصانع آلات موسيقية بضعف الاهتمام بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، مؤكدا بأن الصالون الوطني للإبداع محطة هامة للتحسيس بأهمية هذه الحقوق مثمنا مبادرة الديوان الذي يسعى لتعريف الفنانين والمبدعين بحقوقهم.
أكد أن الجزائر تملك متحفا في المعهد العالي للموسيقى توجد فيه كل الآلات الموسيقية العالمية حيث يتوفر على حوالي 40 نوعا، غير أن الجزائر لا تملك أي آلة خاصة بها معترف بها عالميا، لأن الناي والقصبة ومختلف الآلات المتوفرة في الجزائر هي فلكلورية أو خاصة بالزرنة.
وقال نفس المتحدث لـ “الشعب” بأن الجزائر اختصت في صناعة “الكويترا” وهي نوع من العود وتعود لـ  100 سنة خلت، أما “الرباب” فهو مغربي، أما “القانون” فهو عربي و«العود” مشرقي كذلك و«الفيولون- الكمنجة” عالمية، ونحن تخصّصنا في صناعة الآلات الوترية.
وأشار أن آلة “القنيبر” عاصمية مصنوعة من جلد الماعز، وهناك “القنبري السوداني” أما “الغايطة” و«القصب” و«الاميزاد” فهم يعتبرون نوعا من الكمنجة وفيهم الكثير من الإبداع.

القشابية والبرنوس تبحثان عن أسواق

أكدت الحرفية دغموش حدة، الناشطة في مؤسسة “نور الإسلام” للخياطة والنسيج، أن الهدف من المشاركة في الصالون الوطني للإبداع هو البحث عن مساحات للتسويق، بينما الحماية تبقى بعيدة، لأننا لا نتخوف على الحقوق. ودعت في حديث لـ “الشعب” الى إيجاد مساحات لتوسيع المنتجات التقليدية فالحرفيون ليس لهم ما يعيشون به ومنه لا يمكن تطوير الوعي لحماية المنتجات الأصيلة، وقالت نحن نستحق كل الدعم لأننا نبحث عن حماية التراث خاصة في ظل الإقبال الكبير على المنتجات العصرية.
وتحدثت السيدة حدة عن “القشابية” و«البرنوس” في الجزائر وقالت بأن التفريق بينها وبين تلك التي تصنع في مختلف المناطق أمر صعب للغاية، فهي متشابهة بينما تبقى الزربية في بسكرة لها خصوصية يمكن الحديث عن حمايتها.
وتساءلت في سياق متصل عن ضعف الإقبال على الاستثمار في الصناعات التقليدية بالرغم من الأرباح الكبيرة التي يمكن أن تدرها، وكذا قدرتها على خلق مناصب عمل وتجشع التنمية المستدامة في مختلف مناطق الوطن.