أطروحة دكتوراه للإعلامية نصيرة صبيات
عاشت قاعة المحاضرات بمعهد علوم الإعلام والاتصال حدثا مميزا، أمس، بمناقشة الإعلامية نصيرة صبيات أطروحة الدكتوراه عنوانها «صورة الولايات المتحدة في الصحافة الجزائرية»، منتزعة درجة مشرف جدا.
كانت أطروحة الدكتوراه باكورة جهد ونشاط دؤوب قدمت خلاله الباحثة صبيات حقائق عن «صورة أمريكا من خلال يوميات «الشعب»، «المجاهد»، «الوطن» و«الخبر»»، معتمدة المنهج المقارب في إقناع الآخر بتحليلها لمضمون الموضوع خلال فترة 2001 إلى 2003.
سادت الجلسة العلمية مناقشات في غاية الأهمية من قبل اللجنة التي ترأسها د. عزت عجان وضمت د.جمال بن زروق ود.عزوق الخير، د.فوزية عكاك، إضافة إلى المشرف على الأطروحة د.حمدي أحمد.
ذكر الأساتذة في ملاحظاتهم بأهمية الطرح العلمي وواجب الاجتهاد المستند إلى المنطق والحجة الدامغة، التي تعطي قيمة إضافية للباحث في تحليلاته ومقارعته للواقع الثابت والمتغير دون السقوط في الأكليشيهات والأفكار الجاهزة والصور النمطية الصالحة لكل زمان ومكان.
وقال الأساتذة في توجيهاتهم، إن السيدة صبيات، صاحبة الممارسة الطويلة في الحقل الصحفي ومعايشتها لمختلف التحولات والمراحل كتابة وتحليلا، لم تتحرر تماما من هذه السمة في تحضيرها لأطروحة الدكتوراه التي كانت بحق عصارة جهد واجتهاد حظي بالتقدير والعناية، باعتراف الجميع، ومنهم بالخصوص المشرف على الإنجاز العلمي المعرفي د.حمدي، الذي قال: «إن اختيار الأستاذة لفترة حساسة وحاسمة في موضوعها»، «صورة الولايات المتحدة في الصحافة الجزائرية خلال فترة 2001 و2003»، هي مغامرة علمية في الأساس، لأنها تصادف أقوى مرحلة وأحلكها في تاريخ العلاقات الدولية، فما بالك بالولايات المتحدة. هي فترة تمثل اعتداءات 11 سبتمبر التي أدركت واشنطن عندها أن الإرهاب ظاهرة عالمية ولم تقتصر أعماله وأنشطته على منطقة جغرافية سياسية واحدة. والفترة التي انتهت عندها الباحثة تعني سقوط بغداد وما تبعه من تداعيات الاحتلال واضطرابات في المنطقة العربية تحت تسميات متعددة والهدف واحد: تغيير خارطة الشرق الأوسط».
نفس الملاحظة وردت على لسان أعضاء اللجنة ورئيسها، الذين أعابوا على الأستاذة صبيات انسياقها وراء تعابير صحفية، أبعدتها، إلى حد ما، عن النهج العلمي الذي يخاطب الآخر بالجحة ويقنعه بالمنطق، دون الانسياق وراء الأفكار الجاهزة والصور النمطية.
اهتم بهذا الجانب بالخصوص د.بن زروق، الذي اقترح أن تطبع الأطروحة لما لها من أهمية علمية في تعريف الآخر بصورة الولايات المتحدة المتغيرة على الدوام. وذكرت بها د.فوزية عكاك، التي شددت على مبدإ التغيير في السياسة الأمريكية وتكييفها مع الظرف والتجاوب مع المحيط الجيواستراتيجي وتوظيف أدوات الصراع والوسائل المناسبة للإبقاء على التفوق وقيادة العالم وفق رؤية استشرافية تحفظ المصالح والنفوذ.
ظهر هذا جليا في طرح هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، من سيول، مبدإ الاعتماد على القوة الناعمة بدل القوة الصلبة التي استمرت لعقود وسنين. والقوة الناعمة معناه توظيف كل الأدوات الاقتصادية والثقافية والفنية إلى جانب العسكرية في ترسيخ ثقافة «أمركنة الآخر» وترسيخ لديه صور عن الحياة الأمريكية النموذجية ووصفاتها.
من جهتها دافعت الأستاذة نصيرة صبيات عن عملها الإعلامي، آخذة في الاعتبار توجيهات اللجنة ومشرفها، كاشفة عن قدرات علمية معرفية تحسب لها؛ قدرات برزت للوجود من خلال التحكم الكبير في المنهج المعتمد في الوصول إلى النتيجة وسرد الحقاق وفق منظور تاريخي لا يحتمل الخلل. ما أضاف إليها إيجابيات، سلامة اللغة وقوة الطرح والإقناع الذي وإن طغى عليه من حين إلى آخر الأسلوب الصحفي، فذلك لا يفقد أطروحة الدكتوراه قيمتها العلمية على الإطلاق.