طباعة هذه الصفحة

اعتبر الوضعية الأكثر صعوبة ماليا واقتصاديا

«الكناس” يشدد على حوار موسّع من أجل بدائل

إقامة الميثاق: فضيلة بودريش

ضرورة تعبئة صندوق ضبط الموارد عقب انخفاض إيراداته

1.19 مليار دولار صادرات خارج المحروقات بعيد عن التطلعات

شخّص تقرير “الكناس” الظرف الاقتصادي والاجتماعي للسداسي الأول من السنة الجارية، في ظل انعكاسات أزمة أسعار البترول على المداخيل وميزان المدفوعات، مشددا على ضرورة إرساء تغيير هيكلي في نموذج النمو الاقتصادي يصبّ في مجال التنويع وكبح الواردات أمام التوقعات التي لا تتفاءل كثيرا بتحسن إيرادات النفط على المديين القصير والمتوسط، في ظل ترقب تراجع صادرات الجزائر من المحروقات إلى 30 مليار دولار نهاية 2015. علما أن سقف البطالة مرشح للارتفاع إلى 10,8 من المائة نهاية السنة الجارية وإلى 11,3 خلال 2016.
اعتبر محمد الصغير باباس رئيس “الكناس”، خلال جلسة عرض ومناقشة التقرير السداسي مع الفاعلين، أمس، بإقامة الميثاق، أن الوضعية الخارجية العالمية تتسم بالصعوبة والتعقيد، خاصة ما تعلق باضطرابات السوق النفطية.
قال باباس، هذه الوضعية التي تعيشها الجزائر تتطلب تعميق النقاش وتوسيع الحوار إلى كافة الفاعلين، بما فيها الحركة الجمعوية للخروج والاتفاق على نمط تنموي فعلي جديد من خلال مسار نقدي جماعي.
وذكر رئيس المجلس الوطني، أن هذا التقرير الذي يتضمن 10 نقاط تمت صياغته عقب اللقاء مع عدة وزارات خلال الأسابيع الفارطة، حيث يسلط الضوء على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية وكذا البيئية المدرجة لأول مرة في التقرير.
علما أن الجزائر أدرجت برنامجا يتضمن 17 توصية وردت في أهداف 167 للأمم المتحدة للتنمية.
استعرض محمد بلقالم، رئيس قسم الدراسات بـ “الكناس”، أهم المؤشرات الاقتصادية واستفاض في إبراز المعطيات والبيانات بلغة الأرقام والتحليل، حيث وصف عام 2015 بالسنة الأكثر صعوبة ماليا واقتصاديا.
ولم يخف في سياق متصل، أن تراجع السوق الدولية للمحروقات تسببت في تراجع معتبر ومحسوس في الإيرادات، حيث تأثرت بذلك احتياطات الصرف والميزانية العامة وصار بذلك الاقتصاد الوطني معرضا للصدمات المالية الخارجية، داعيا إلى ضرورة إرساء تغيير هيكلي في النموذج التنموي والسير نحو تنويع الاقتصاد وكبح الواردات. وشهد الميزان التجاري خلال السداسي الأول من السنة الجارية، عجزا لا يقل عن 7.78 مليار دولار، مقابل تسجيل فائض يناهز 3.17 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2014.
الجدير بالإشارة، أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تسجل الجزائر عجزا في ميزانها التجاري قد يفوق 16 مليار دولار نهاية السنة الجارية، في حين عجز ميزان المدفوعات لن يقل عن حدود 30 مليار دولار، على اعتبار أن صادرات المحروقات انخفض في السداسي الأول 2015 بنسبة 43.71 من المائة أي بما يعادل 18.09 مليار دولار، مقابل 32.14 مليار دولار مسجلة في نفس الفترة من السنة الماضية، بسبب تراجع الأسعار في الأسواق الدولية للمحروقات.
بخصوص الصادرات خارج المحروقات، قدرها “الكناس” بـ1.19 مليار دولار، مسجلة ارتفاعا بـ7,78 من المائة وتشمل المواد الأساسية المصدرة خارج المحروقات، المواد نصف المصنعة بقيمة 982 مليون دولار.
 وعلى ضوء ما أطلق عليها التقرير بـ “أسوإ التوقعات”، فإن صادرات المحروقات مع نهاية السنة الحالية يرتقب أن تتراجع إلى 30 مليار دولار، بينما واردات السلع لن تقل عن 55 مليار دولار. وينتظر بذلك أن يتأثر احتياطي الصرف بـ20 مليار دولار كأقصى تقدير.
وأوضح بلقلم خلال تقديمه التقرير، أن الظرف النفطي غير الملائم تسبب في تسجيل انخفاض المداخيل على مستوى الميزانية العمومية وكذا تراجع الجباية النفطية بـ “-33 من المائة”، إلى جانب الانخفاض الكبير في سيولة صندوق ضبط الإيرادات، محذرا في نفس المقام من الانخفاض الكبير في رصيد صندوق ضبط الإيرادات والتخوف من نفاد إيراداته، مقترحا البحث عن سبل وحلول لتعبئته بموارد جديدة على المدى القصير لتطويق مخاطر الوضع الراهن.
نمو زراعي بـ10 من المائة وصناعي بـ2,3 من المائة
رغم أن قانون المالية 2015 توقع نسبة نمو في حدود 3,8 بالمائة، إلا أن صندوق النقد الدولي ترقب نسبة تناهز 3 من المائة، في حين البنك الدولي يراها لن ترتقي إلى حدود 2,8 من المائة، رغم أن وزارة المالية قدرت نسبة النمو خارج قطاع المحروقات بـ3 أو 4 من المائة وتعتبر قطاعات الخدمات والأشغال العمومية والبناء المحركات الجوهرية للنمو الاقتصادي الوطني.
وألح التقرير على ضرورة استكمال الإصلاحات التي شرع في تجسيدها على مستوى القطاع الصناعي. وحذر التقرير من الارتفاع المطرد لمتوسط التضخم، تدهور قيمة عملة الدينار بـ22 من المائة، حيث وصل سقف التضخم إلى 5 من المائة خلال شهر جوان الماضي مقابل 4,8 من المائة و5,4 من المائة شهري ماي وأفريل الماضيين. ويشير التقرير، أن مستوى التضخم بقي متأثرا بقوة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصة المواد الزراعية الطازجة، في حين سجلت المواد المصنعة والخدمات ارتفاعا محسوسا.
في سلسلة من التوقعات لمستوى نمو القطاعات، يرتقب تسجيل نمو في القطاع الزراعي خلال 2015 لا يقل عن 10 من المائة، حيث فاتورة المواد الغذائية لنفس الفترة قدرت بـ5119 مليون دولار، مقابل 5846 مليون دولار خلال العام 2014. أما النمو في القطاع الصناعي في نفس الفترة، فناهز مستوى 2,3 من المائة. وتوضح بيانات التحويلات الاجتماعية زيادة لفائدة المنظومة التربوية، حيث قدر الغلاف المالي بـ112069 مليون دينار مقابل 103012 مليون دينار في 2014.
فيما يتعلق بالجانب البيئي، تعتبر الجزائر البرنامج الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية العمود الأساسي الذي تعتمد عليه السلطات العمومية من أجل تجسيد العملية الانتقالية الخاصة بالطاقة وامتثال الجزائر للالتزامات المحتملة في إطار المؤتمر الدولي حول المناخ، حيث يراهن من خلال هذا البرنامج على إنتاج طاقة كهربائية تناهز 22000 مليون وات لتغطية الحاجيات الوطنية لآفاق الفترة الممتدة من 2015 إلى غاية 2030، حيث ستجسد على مرحلتين أي بنسبة 21 من المائة بالنسبة لمرحلة 2015 و79 من المائة للمرحلة الأخرى.
رغم التخوفات القائمة، إلا أن استقرار المديونية الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى مستوى احتياطات الصرف، الذي بلغ إلى غاية شهر جوان الماضي 160 مليار دولار، سمح بالحفاظ على سقف معتبر من التوازنات الخارجية، رغم تسجيل عجز على مستوى الأرصدة المتوسطة لميزان المدفوعات.
وقسم النقاش إلى ثلاث مجموعات كل مجموعة تضم 5 خبراء، عكفوا على تحليل الوضع الاقتصادي والاجتماعي مع طرح الحلول وإثارة جميع التحديات.
وقال عبد الكريم بن عبد الله، خبير في مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية، إن حظوظ الجزائر كبيرة لتنويع اقتصادها على المدى البعيد، كون رهان التنويع يتوقع أن يتجسد على المدى البعيد، مستشهدا بتجارب عدة دول.
من جهتها أشارت نادية شطاب، إلى عدم استغلال عديد المناطق الصناعية رغم أن العالم يشهد إعادة هيكلة في الاقتصاد، متسائلة ماذا هيأت الجزائر للمرحلة المقبلة وعن الإصلاحات التي ينبغي أن تطال المؤسسات الإنتاجية؟
ومن الاستفهامات التي أثارتها، هل فعلا العقار الصناعي الذي يوزع مهيأ للتصنيع، مشيرة إلى عدم الاكتفاء بمشاريع التركيب وخلق صناعة الصيانة وما إلى غير ذلك. ومن بين انتقاداتها استحالة بقاء المؤسسة معزولة عن الأسواق والإسراع بتهيئتها بما يتطلبه محيطها.
ووقف الخبير إسكندر على أهمية خلق القيمة المضافة وتحرير المبادرات التي من شأنها أن تنشط الاقتصاد.