طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

أصل المشكلة

فضيلة دفوس
01 ديسمبر 2015

مباشرة بعد الهجوم الارهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في تونس الأسبوع الماضي، سارعت السّلطات التونسية إلى غلق حدودها مع ليبيا، وأعلن وزير الدولة المكلف بالأمن رفيق الشلي أنّ كل الهجمات الدامية التي حصلت في تونس سواء تعلق الأمر باعتداء الثلاثاء الماضي أو بالهجومين الدّاميين اللّذين استهدفا متحف باردو  وفندق سوسة في مارس وجوان  الماضيين، بالاضافة للاغتيالات التي طالت نشطاء سياسيين ورجال أمن، تمّ التخطيط لها في ليبيا الغارقة في الفوضى.
وأورد رفيق الشلي الذي لم يستبعد أن تعيد بلاده فرض التأشيرة على الليبيين، أن قيادات المجموعات الارهابية التونسية التي تخطّط هذه الجرائم موجودة في ليبيا، والمنفّذين تدرّبوا عسكريا هناك ثم يعودون إلى تونس خلسة عن طريق المهربين، ويوم تأتيهم التعليمات والسلاح يقومون بالعملية، لافتا إلى أنّ هناك تحالفا بين المهربين والإرهاب في تونس.
وجزم المسؤول التونسي بأنّ ليبيا أصبحت خطرا، لذلك لابد من أخذ الاحتياطات والقرارات الجريئة لعلّ أوّلها  غلق المعابر الحدودية الرسمية، ونشر التعزيزات الامنية على الحدود، مع امكانية إعادة التأشيرة الليبية خاصة أن  العديد من جوازات السفر في ليبيا ـ على حدّ قوله ـ موجودة في يد “داعش” والمجموعات الارهابية الاخرى.
في الواقع وزير الدولة المكلف بالأمن التونسي وضع أصبعه على الجرح، وتصريحاته لم تكن  أبدا تجنّيا على الحقيقة، بل كانت الحقيقة كلّها، فليبيا للأسف الشديد لم تعد خطرا على نفسها  فحسب بل أصبحت خطرا على الجوار  كلّه الذي يتجرّع مع الليبيين مرارة ما أنتجته الأزمة السياسية والأمنية المتفجّرة هناك منذ ما يقارب الخمس سنوات.
ما يسجّل في تونس وفي الساحل   والمنطقة بأسرها من تهديدات أمنية  وعمليات إرهابية، هي بدون مبالغة من التداعيات المأساوية للمعضلة الليبية التي جعلت أرض شيخ الشهداء البطل عمر المختار مستباحة أمام الدمويين الذين يعبثون بأمنها ووحدتها، ويقيمون بها معسكراتهم لاستقطاب وتدريب الارهابيين قبل نشرهم لتنفيذ مهامهم القذرة في هذه الدولة وتلك.
وزير الأمن التونسي دقّ ناقوس الخطر،ورسالته لا يجب أن تبقى بدون ردّ كما جرت العادة، بل على العكس تماما إذ بات من الضروري استعجال الحلّ في ليبيا، فيكفي مماطلة وتضييعا للوقت  ولجهود التسوية، فبضياعها تضيع أرواح العديد من الأبرياء، وتتقوّى شوكة الارهاب.
على أطراف الأزمة الليبية أن تلتزم دون تأخّر بتوقيع وتنفيذ مشروع الاتفاق، الذي انبثق عن جولات الحوار التي رعاها المبعوث الأممي السابق “برناردينو ليون”، والذي يوصي بتشكيل حكومة وفاق وطني، وعليها أيضا أن تتجاوب مع مهمّة المبعوث الأممي الجديد “مارتن كوبلر”، وتسارع إلى تنفيذ وثيقة التّسوية السياسية.