طباعة هذه الصفحة

“الشعب” ترصد الحركة الاقتصادية بعاصمة الحضنة

المسيلة قطب فلاحي متصاعد وإنتاج الزيتون رهان يكسب

المسيلة: عامر ناجح

توسيع المساحات المسقية تواجه صعوبات وتأهيل 34 ألف مستثمرة الأمل الكبير
66 مليون لتر حليب سنويا والإنتاج مرشح للزيادة

شهدت عاصمة الحضنة المسيلة قفزة نوعية في المجال الفلاحي خلال السنوات الأخيرة بفضل المشاريع المسطرة والبرامج المجسدة في الميدان غايتها الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد المنزف للخزينة العمومية، “الشعب” تسلط الضوء على الحركية الفلاحية الرافد القوي للتنمية المحلية بالمسيلة في هذا الاستطلاع وتكشف كذلك العراقيل التي تعترض المتعاملين والفلاحين في أنشطتهم المتعددة لخلق الثروة الخضراء التي لا تنضب خاصة في ظرف مالي واقتصادي صعب تعيشه الجزائر عقب تراجع أسعار المحروقات.
 أصبحت المسيلة قطبا فلاحيا رائدا بفضل البرامج التنموية المسطرة من قبل الوزارة الوصية، وحرص السلطات المحلية والمصالح المعنية على تنفيذها، وهو ما جعلها تتبوأ المراتب الأولى وطنيا في عدة منتجات، هذا ما ذكره لنا أكثر من مستثمر فلاحي بعين المكان مؤكدا أن الولاية تنافس ولايات مجاورة في عدة منتجات على غرار الزيتون والخضر وعدة انواع من الفواكه في حال توفر مياه السقي التي باتت من أهم المعوقات الفلاحية التي تقف حجرة عثرة في وجه الفلاحة المحلية.
تحولت المسيلة إلى قطب فلاحي متخصص في إنتاج الزيتون من خلال جني 107400 قنطار هذه السنة منها 28800 لزيت المائدة و78600 قنطار لزيت الزيتون. كما تم زرع حديثا مساحة تقدر بأكثر من 10000هكتار وهو ما يرشح الولاية إلى إنتاج جد كبير في السنوات المقبلة عند دخول هاته الحقول في الإنتاج الغزير.
تختص عاصمة الحضنة المسيلة حسب ما أدلى به مدير الفلاحة عز الدين بولفراخ لـ “الشعب” في إنتاج الحليب، الخضراوات والزيتون، وهذا رغم الندرة الحادة لمياه السقي التي سطرت المصالح الفلاحية بشأنها عدة برامج لإيجاد حل لندرة مياه السقي من بناء السدود والحواجز المائية، واتخاذ إجراءات تتعلق بترشيد السقي من خلال تجهيز المستثمرات الفلاحية بالسقي الاقتصادي.
ذكر المتحدث أنه خلال السنة الماضية تم سقي 1000 هكتار بالرش المحوري يضاف الى جهود الفلاحين الخاصة بتوسيع المساحات المسقية طبقا لبرنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.

حلول مستعجلة للاقتصاد في مياه السقي
 
وبالحديث عن الرش المحوري وجه مدير المصالح الفلاحية دعوة واسعة للفلاحين للعمل والاستفادة من الآليات والطرق البديلة والحديثة في سقي مزارعهم، وهذا بحكم ما آلت إليه التغيرات المناخية وقلة تساقط الأمطار عبر مختلف ولايات الوطن، خاصة وأن الطريقة تعد ترشيدية لاستهلاك مياه السقي والتي تعتبر مفيدة أكثر ومجدية
ومحاصيلها هي الأفضل على الإطلاق. وهو ما وجد حسبه آذانا صاغية من طرف بعض الفلاحين الذين قاموا بسقي 800 هكتار بأجهزة حديثة واقتصادية في إطار الدعم الفلاحي.
كما ذكر بولفراخ أن العملية تعد مهمة بالنسبة للفلاحي المنطقة وللوطن كله وهذا من أجل المحافظة على المياه الجوفية والاعتماد على السقي بالتقطير، كما أنها تعتبر غير مكلفة واقتصادية.
وبالحديث عن مياه السقي فقد سجلت تساقط كميات معتبرة من الأمطار خلال بحر الأسبوع الحالي، وهو ما بعث الفرحة في نفوس العديد من الفلاحين ومربي المواشي الذين هرعوا إلى سقي مزارعهم  وتقليب التربة استعدادا لزراعة المنتجات الفلاحية الموسمية التي مازال لم يفت أوان زراعتها.

إمكانيات فلاحية حققت زيادة في الإنتاج
 
تمتاز الحضنة بعدة خصائص جعلت منها قبلة للعديد من المستثمرين الفلاحين الخواص الذين بادروا إلى استحداث العديد من المزارع الفلاحية بعد أن وجدوا كل التسهيلات في المجال الفلاحي، وعلى رأس هذه الميزات الأراضي الفلاحية القابلة للاستغلال  والمناخ المشجع الذي لا يخلق الأمراض المتعلقة بالنبات بحكم أنه يساعد على الإنتاج دون وجود أمراض طفيلية.
ما يدل على هذه الاستثمارات الفلاحية هو خلق 111 محيط فلاحي بمساحة 19الف  هكتار منها محيطات فلاحية غير مجدية وهو ما دفع بالمصالح للقيام بمعلية غربلة للمحيطات وخاصة منها التي لا تتوفر على المياه الجوفية، تم دراسة 16 محيطا فلاحيا لغاية اليوم بما يفوق 300 هكتار.
 كما يمثل إنتاج الحليب من بين الإمكانيات التي تفرض على المستثمرين الخواص خوض غمار الاستثمار في إنتاجه وتوزيعه خاصة وان المسيلة تنتج ما يقدر بـ 66 مليون لتر سنويا يجمع منه 28 مليون لتر من عند مربي الأبقار بتعداد 32000 رأس بقر موزعين على عدة بلديات، وهذا على الرغم من تراجع في عدد رؤوس الأبقار خلال السنة المنقضية بسب أمراض الحمى القلاعية مع أن المرض لم يمس الولاية.
وفي مجال إنتاج الخضراوات حققت الولاية نسب متقدمة في إنتاجها بعد تحقيقها السنة الماضية أكثر من 02 مليون قنطار من الخضراوات بمختلف أنواعها، وقد تزامن هذا مع إعادة بعث زراعات البيوت البلاستيكية بانجاز 1300 بيت بلاستيكي عبر كل من دائرة بن سرور أولاد سليمان بلدية محمد بوضياف والمعذر وبوسعادة.

آفاق مستقبلية واعدة

يسعى القائمون على قطاع الفلاحة بالولاية إلى تحقيق نتائج إيجابية على المستوى المحلي والوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال تأهيل المستثمرات الفلاحية البالغ عددها 34000 مستثمرة فلاحيه منها 15000 ناشطة وبشكل كبير وفعّال ومن شأنها أن تنتج مردود فلاحي جيد خلال الموسم الفلاحي الحالي، وكذا مواصلة تطوير زراعة الخضراوات والحبوب وتوسيع قدرة الولاية في مجال تخزين المواد في غرف التبريد خاصة في إطار الدعم  ومثال ذلك انطلاق أشغال انجاز مركب التبريد ببلدية المعاريف الواقعة جنوب الولاية حيث يعد هذا المشروع مكسبا مهما لجميع البلديات المجاورة لبلدية المعاريف التي تمتاز بطابعها الفلاحي والرعوي خاصة وأنها تعتبر رائدا في مجال إنتاج المشمش، الفلفل، الطماطم وغيرها من الخضراوات، ولعل السبب الرئيس لاختيار المعاريف لتجسيد مركب التبريد هو قربها من منطقة المعذر  الواقعة بدائرة بوسعادة المشهورة بغزارة إنتاجها الوطني كالبطاطا، الجزر، التفاح ، الخس، الرومان، الليمون، التين، الزيتون، البصل. كما يعد هذا المشروع من المشاريع الكبرى التي استفادت منها الولاية من بين خمسة مركبات سيتم تجسيدها على المستوى الوطني، حيث  يتربع المشروع على مساحة 15000 ألف متر مكعب بمحاذاة الطريق الوطني رقم 45 أوكلت مهمة إنجازه لشراكة جزائرية أجنبية، وهو من شأنه ما يوظف العديد من العمال بصفة مباشرة ومؤقتة مما يخفض نسبة البطالة بالمنطقة، ويعتبرهذا المشروع بنقطة توزيع للمنتجات التي تتحمل البرودة بعد أن يتم تجميعها فيه قصد تقديمها للمستهلك في الأوقات الضرورية وعبر الفصول الأربعة.
وفي ذات الشأن من المفترض أن تنطلق العديد من المشاريع المتعلقة بوحدات التبريد من إنجاز الخواص الذين استفادوا منها في إطار الدعم وهو ما يوفر العديد من المنتجات الاستهلاكية خلال الفصول الأربعة وبشكل كبير ربما حتى التفكير في تصديرها بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ومن جانب آخر انطلقت عدة مشاريع لدعم المستثمرات الفلاحية من خلال إيصال الكهرباء الريفية وفك العزلة من خلال شق المسالك الفلاحية، ولتخفيف حدة الجفاف التي المنطقة وأثرت سلبا على الفلاحة بالولاية ونزولا عند طلبات العديد من الفلاحين أكد والي الولاية محمد بوسماحة خلال زيارته الميدانية لبلديات دائرة عين الملح أنه سوف يمنح رخص حفر الآبار لكل فلاح يستغل الأرض بشكل دائم ومستمر في حدود ما يسمح به القانون وهذا بعد موافقة الوكالة الوطنية للموارد المائية واأن لا تكون المنطقة ضمن الخط الأحمر أي بالمنطقة التي لا تتواجد بها المياه الجوفية والسطحية  وليست محل نزاع.

مشاكل معلقة والحلول مؤجلة
 
رغم الإجراءات والجهود التي يبذلها القائمون على القطاع ما يزال الفلاح بمنطقة الحضنة يعاني العديد من المشاكل والعراقيل الإدارية، التي حالة دون خدمة أرضه التي قرر الكثير منهم التخلي عنها والنزوح إلى المناطق الحضرية.
 من أهم المشاكل التي تعترض الفلاحين ومربي الماشية هو عدم توفر مياه السقي وتوريد المواشي وخاصة وأن العديد من الفلاحين بعدة مناطق فلاحية بامتياز ما يزالون وإلى غاية اليوم يتخبطون في مشكلة انعدام المياه لمواشيهم ومزروعاتهم، وهو حال منطقة الدهاهنة التي ناشد فلاحوها المسئولين قصد إعادة تأهيل سد بونصرون الذي إنهار منذ عدة سنوات مخلفا ورائهم أراض بورا كانت في ما مضى تزخر بشتى أنواع الخيرات وترك الفلاحة إلا لمن له نفس طويل وما يزال يكابد من اجل الاستمرار في خدمة الأرض، وما أرق ويورق مربي المواشي بذات المنطقة يقول عمي الصادق هو غياب الكلأ وندرة الأعلاف والتبن والتي بات شرائها بأسعار باهظة فاقت حدود المعقول، دفع العديد من المربين التخلي عن تربية المواشي وترك الفلاحة.
وناشد المسؤولون بإعادة ترميم السد والإسراع باستكمال مشروع سد سوبلة والذي من شأنه حسب المتحدث أن يزيد من كمية المياه في الآبار التي جفت في الوقت الحالي.
ومن جانبها المنظمة الوطنية لتطوير الفلاحة مكتب المسيلة، أكدت في تقريرها السنوي الذي توقفت عنده “الشعب”، أن سبب تراجع المردود الفلاحي وتراجع عدد رؤوس المواشي والأغنام إلى الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف وندرتها، وهو أسهم وبشكل كبير في تراجع المربين وتراجع عدد روس الأبقار التي أصبحت تباع في السوق الموازية خاصة وأن المستفيدين منها تحصلوا عليها عن طريق “أونساج” أو”لكناك” بدون حسيب أو رقيب، وهذا من قبل المؤسسات الموزعة وخاصة وأن الدولة قد اشترتها بالعملة الصعبة وبالملايير.
 وذكر التقرير أنه بخصوص التنمية المحلية أنها تعاني عراقيل بسبب اللجان المحلية وعلى رأسها بعض رؤساء الدوائر واللجنة المحلية للامتياز الفلاحي والتي تسير ضد تطلعات الفلاحين الذين ينتظرون الإفراج عن ملفاتهم والتي هي في إدراج مديرية الفلاحة وخاصة وان الملفات كانت تدرس عن طريق الديوان الوطني للعقار الفلاحي، حيث أنها حولت إلى مديرية الفلاحة والتي تحبسها أدراج المكاتب، يضيف نص البيان أن الفلاحين يعاني عدة مشاكل حرمتهم من خدمة الارض على غرار غياب الكهرباء الريفية وغيرها من الضروريات لممارسة النشاط الفلاحي.
من جهته عرف قطاع الغابات تراجعا كبيرا لقلة الاهتمام به، كما أن الولاية تنقصها عدة مشاريع على غرار انعدام السدود وهو ما أسهم في ضياع كميات كبيرة من مياه الأمطار سدى، عن تربية الإبل فقد عرف تراجعا كبيرا جراء نقص المنطقة الرعوية بسبب اقتلاع الرمال بكل من مسيف والمعاريف وبوسعادة. كما يشتكي فلاحو  بلدية عين الخضراء الواقعة في الجنوب الشرقي للولاية من مشكلة المياه الملوثة الناتجة عن مصب قنوات الصرف الصحي المتأتية من بلديات مقرة وبرهوم والدهاهنة والتي وعد والي الولاية محمد بوسماحة إنجاز محطات تصفية للمياه قنوات الصرف الصحي وفي انتظار تجسيد المشروع يبقى فلاحوا عين الخضراء المشهورة بإنتاج مختلف الخضراوات والفواكه على أمل أن يجسد المشروع في أقرب الآجال ليتسنى لهم مواصلة خدمة الأرض التي تعتبر مصدر رزق مئات العائلات.