طباعة هذه الصفحة

أستاذ الأدب العربي بجامعة الجلفة مبارك بن دراح:

حماية الملكية الفكرية يجنبنا مشاكل قانونية وأخلاقية لا حصر لها

الجلفة: هاجر صالح

الواقع أن السرقة الأدبية تعتبر من القضايا المهمة في تاريخ الأدب العربي التي أسالت حبرا كثيرا منذ قرون، وما زالت إلى يوم الناس هذا تطرح كثيرا من الجدل على الساحة الأدبية، فابتداء من العصر الجاهلي الذي كان الأدب فيه يقتصر على قول الشعر، كان المهتمون بالشعر من الشعراء والرواة يتناقشون حول نسبة تركيب لفظي أو معنى أو بيت بكامله أحيانا إلى شاعر دون غيره ويتجادلون في ذلك ويحتد بينهم الجدال والنقاش ويطول وقد لا يصلون إلى نتيجة نهائية سوى أنهم يثرون الساحة الأدبية بنقاشاتهم التي لا تخلو من الفائدة والطرافة في أحيان كثيرة.
ولعلّ ما يحضر ذاكرتي المتعبة - في هذا المقام - هذا البيت الذي يقول فيه قائله: “وإني لأُمضي الهمّ عند احتضاره / بِناجٍ عليه الصيعرية مكدم” فيأتي من يقول أن هذا البيت مأخوذ من طرفة بن العبد وأصله: “وإني لأمضي الهم عند احتضاره / بعوجاء مر قال تروح وتغتدي” وعلى هذه الشاكلة تمضي قرون من عمر الأدب العربي الذي لا يحفظ لنا منه التاريخ إلا ما يقدر بحوالي 150 سنة قبل الإسلام، وكتب الأدب العربي تزخر بمثل هذه الأمثلة على مدار العصر الأموي والعباسي والأندلسي وصولا إلى عصر النهضة وما بعده حتى يومنا.
اليوم وقد أخذت دائرة الأدب تتسع لتشمل الأعمال النثرية والتي طغت حتى على الأعمال الشعرية. اليوم وقد أصبح الأدب بضاعة مادية لها ثمن ولها سوق وجوائز وأوسمة، فقد ازدادت الأمور تعقيدا ودخلت الرواية على الخط ، فانتشرت ظاهرة السرقات الأدبية انتشارا واسعا لا سيما في ظل العولمة  وانتشار الوسائط التكنولوجية للإعلام والاتصال والتي وفرت لكل راغب كمّا هائلا من الأعمال الأدبية بلغتها الأصلية حينا، ومترجمة أحيانا أخرى. وهكذا أصبحت السرقة الأدبية عملا احترافيا يتفنن فيه أناس مختصون يعرفون من أين تؤكل الكتف. وقد حدثت بسبب ذلك مشاحنات وملاسنات ودعاوى قضائية كثيرة بين أهل الأدب في كل قطر وفي كل مصر من العالم العربي ومن بينها الجزائر دون الخوض في الأسماء.
بقي أن أشير إلى نقطة مهمة في الموضوع وهي أن التوجه النقدي المعاصر يتحدث عن ظاهرة التناص أو ما يسمى باللغة الأجنبية intertextualite
ويرى أصحاب هذه النظرية ومنتجو هذا المصطلح من أمثال جوليا كريستيفا أن النص الأدبي هو نتاج نصوص سابقة قد قرأها الأديب وعلقت بذهنه فلا أحد ينتج نصا من عنده.
من ناحية القانون تحرص الدول ومنها الجزائر على إنشاء مؤسسات لحماية الملكية الفكرية عموما، مثل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة عندنا رغم أن ذلك يطرح مشاكل كثيرة قانونية وأخلاقية لا حصر لها.