طباعة هذه الصفحة

خلال ملتقى «حوارية المسرح والمعارف الإنسانية بوهران»

دعوة لوضع استراتيجية تعني بالثقافة وأب الفنون

وهران: براهمية مسعودة

ثمّنت عميدة كلية الآداب والفنون بجامعة أحمد بن بلة “1” بوهران، الدكتورة صفية مطهري، الإشكالية التي طرحها الملتقى الوطني، المنظم أمس على مستوى قسم الفنون، تحت عنوان “حوارية المسرح والمعارف الإنسانية”،  لانفراده بخصائص تميّزه عن غيره، ولعلّ أبرزها، خاصّية الحوار، المتبادلة بين الشخصيات المسرحية،  وبين هذا الجنس الأدبي والعلوم الأخرى.
قالت الكتورة، مطهري، إن الملتقى هو حفل تكريمي لحوارية بين جيلين، جيل المعلّم  وجيل المتعلّم، حوارية من نوع آخر، دعامتها حمولة علمية ومعرفية، نما في كنفها نساء ورجال، هم اليوم، من وضع اللبنات التأسيسية لأقسام الفنون في ربوع الجامعة الجزائرية.
علّق الدكتور، لخضر منصوري، رئيس قسم الفنون الدرامية، قائلا:  “هو محاولة  لرد الجميل للعلوم بشكل عام، من خلال خلق جسور التنسیق والتعاون والحوار البناء مع مختلف العلوم الإنسانية، وكذا العلوم التقنية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال وغيرها، بهدف التأسيس لفكرة أنّ المعارف الجديدة مستضافة في المسرح، القديم قدم الإنسان »
من جهته رأى الأستاذ حمومي أحمد، من قسم الفنون الدرامية بجامعة وهران، خلال مداخلته حول “ المسرح وعلم الاجتماع “ أن المسرح، حقل بحث، خصب، تربطه علاقة وطيدة بالعلوم الإجتماعية، والسوسيولوجيا على وجه الخصوص.
وأوضح قائلا: “هذه العلاقة قديمة ومستمرّة إلى الأبد، مادام القاسم المشترك، بين المسرح والعلوم الإجتماعية، هو المجتمع والبئية، مشدّدا على ضرورة وأهمية أن يتطور المسرح الجزائري، ليصل إلى ما وصل إليه المسرح في العالم، انطلاقا من احتكاكه بكل العلوم”.
وأكّد الدكتور أحمد حمومي، في تصريح لـ”الشعب” بأنّ المسرح في الجزائر، يحتاج إلى جهود كبيرة، مبيّنا أن “أزمتنا الدينية” في العالم العربي “أزمة ثقافية”، والمصنع الروحي الثقافي، هو “المسرح”.
ويعتقد حمومي أنّ الخلل الذي يعانيه المسرح الجزائري، يعود إلى  انعدام “سياسة ثقافية واضحة، تعنى بالثقافة كلها، وبالمسرح على وجه الخصوص”، انطلاقا من تثمين هذا الزخم الفني، حتى يرتفع مستوى المتلقي، يضيف نفس المتحدث، قائلا “ حينها فقط يكون مطالبا بالجودة، ومن لا يستطيع الالتزام بالجودة ينصرف”.
ويأمل الدكتور حمومي، أن تتضافر الجهود، ليس بين المسرحيين فقط، إنّما بين رجال الفن بمختلف أنواعه، قائلا لا زلنا في حاجة إلى ثقافة تظم الجهود إلى بعضها البعض،    لأنّ الجهد الفردي، مازال هو العنوان البارز لكل إبداع، مما يجعل كل المحاولات، تتعثر لأن الفرد مهما أوتي من قوة، فهو ضعيف، يحتاج إلى الدعم.
وعن مداخلته، الموسومة بـ”المدخل النفسي في مقاربة الإبداع المسرحي”، أوضح الدكتور “بن ذهيبة بن نكّاع”، أستاذ التعليم العالي في الفنون الدرامية، أنّها “محاولة لقراءة بعض النظريات والأطروحات البسيكولوجية الحديثة، التي حاولت تفسير عملية الإبداع كمدرسة التحليل النفسي، فرويد، يونج، تيري، اجيليتون، كريستيفيا، كمراقبة لتفسير عملية الإبداع في المجال الأدبي والفن بوجه عام، والنظر في مدى، علاقة هذه المقاربة بحقل المسرح بوجه خاص، وعلاقة علم النفس بالمسرح، كمدخل لفهم، العملية الإبداعية المسرحية.
وقال لـ”الشعب” إنّها قراءة انطباعية، مؤسّسة، تتبنى رؤية جديدة، تميّز المسرح عن غيره من الفنون الأخرى، من منطلق أن المسرح “وعي”، يطرح قضية اجتماعية، وبالتالي لا يحتاج، حسبه دائما، إلى علم النفس، كأمراض وكعقد ومكبوتات، إنّما يحتاجه “فقط” لبناء البعد النفسي للشخصية،إنّما، ليس كموضوع للمسرحية كلها، وفق نفس المصدر.
واعتبر، أن المسرح، قدم الكثير لعلم النفس الفرويدي، مستدلا بـ “ مسرحية أوديب”، هي مفهوم أنشأه سيجموند فرويد واستوحاه من أسطورة أوديب الإغريقية، وهي عقدة نفسية تطلق على الذكر الذي يحب والدته ويغير عليها من أبيه فيكرهه، يضيف محدّثنا، أنّ “علم النفس بحر واسع جدا ولا حدود له، وإذا كان سيجموند فرويد قد وظّف الحتمية النفسية في تصوراته، بمعنى أنّ الإنسان، مجرد عبد لعقده ومكبوتاته، فإنّ الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر، يرتكز على الوعي والقيم والفكر.
ويرى بن نكّاع،  أنّ: المسرح الذي التهم منه فرويد، ليس مسرحا لـ”العقد والأمراض”، إنّما “أسطورة”،  موضحا في هدا الإطار، أنّ أوربا يتواجد بها مسرح واحد، على الرغم من أنه يتنوّع بين التراجيديا والمسرح الواقعي ومسرح العبث أو اللامعقول.
وعرّج قائلا: الجزائر، كانت في الإشتراكية، لا علاقة  لها بعلم النفس، ونحن حاليا في عصر العولمة، فيه قلق القيم وأمراض نفسية، ولكي يتطور فن المسرح، لابد من تطوير الجمهور، وجعله عنصرا مثقفا وواعيا لمجال الفن المسرحي.
وأشار في هذا الصدد،  بأصابع اللوم إلى الجمهور الجزائري، الذيّ يعطّل، حسبهّ، المثقّفين، مستشهدًا في الوقت نفسه بأعمال كثيرة، نالت جوائز هامة خارج الوطن، لكن في الجزائر، لا يستطيعون، حسبه، تقديم ذلك العمل.
تم بالمناسبة تكريم أحد القامات العلمية ومؤسس قسم الفنون الدرامية  بجامعة وهران قبل 30 سنة من الآن، عرفته الجامعات الجزائرية والمناظر العربية والعالمية، لما أبدعه وما أنتجه من أثار علمية وأدبية، أضحت اليوم منهاجا للباحثين والدارسين.
وهو الدكتور “عشراتي سليمان”،  الذي قال في تصريح لـ”الشعب” أعتقد بأن  كلمة تكريم، نابية بالنسبة لي، إذا وصفت بها، لأنني اعتبر نفسي، ابن جامعة وهران، وهذه أسرتي والأسرة لا تكرم الوالد، وإنما تبرّه، لأن الوالد واجباته تظل مفروضة عليه حيال أسرته، ولهذا أعتبر نفسي، أني جئت لأجدد السلام عليهم ونتبادل مشاعر التشجيع وتقويم الأشواط التي قطعوها، منذ حوالي ربع قرن على تأسيس هذا القسم الجامعي، الفني”
في سؤال لـ”الشعب” حول “واقع المسرح الجزائري”،  قال الدكتور “عشراتي” لا أستطيع أن أجيب بموضوعية، لأني لست من المتابعين للنشاط المسرحي، عن كثب”،   إلا أنّه، انتقد الواقع الذي يعيشه المسرح، ووصفه بـ”المرهون” المبني على الجهود الفردية وليست المؤسساتية.