طباعة هذه الصفحة

«الأفامي» في تقريره 2016

للجزائر إمكانات الخروج من الأزمة النفطية

نورالدين لعراجي

في تقريره الأخير أكد صندوق النقد الدولي أن الجزائر لها كل الإمكانات والمؤهلات الاقتصادية لمجابهة الأزمة النفطية الناجمة عن انهيار أسعار البترول في العالم؛ بمعنى أن تذبذب الأسعار لن يؤثر على النمو الاقتصادي ولن يكون له أي أثر على الحسابات أو الرهانات التي وضعتها الحكومة، في ظل ما يشهده سوق النفط من تذبذب وهبوط سعر البرميل إلى أدنى معدلاته، وهو الأمر الذي لم ينتظره الخبراء والاقتصاديون في العالم.
ربما الظروف الأمنية والسياسية التي عرفتها المنطقة العربية أو تلك المتعلقة بالدول المصدر للنفط، والتي مستها رياح الثورات الافتراضية وإفرازاتها أثر كثيرا على أبار النفط، وربما لأن الهوامش المتراكمة عبر الماضي ستمكن الجزائر من مواجهة الأزمة بشكل تدريجي وإعادة صياغة نموها” رغم تقهقر الأرصدة المالية.
الأزمة التي شهدها سوق النفط في العالم لم تكن الجزائر في منأى عنها، ما من شأنه التأثير في عديد البرامج الخماسية التي تم الانطلاق فيها، لكن السباق مع الزمن في تجسيدها ومواصلة دعم نسبة النمو، جعل توجيهات الحكومة تركز على فعالية الميزانية “التجهيز والتسيير”، كما حفزها أن تحرص أيضا على تفعيل الموارد المحلية وتجنيدها لتخطي عقبة الترددات الممكن تسجيلها بعد هذا التعثر، ما يساهم أيضا في توسيع الوعاء الجبائي دون رفع نسبة الضرائب، وهو الأمر الذي ذهبت إليه المؤسسات الاقتصادية في تقديم النوعية الجيدة للمنتوج المحلي في مبادرة كانت الأولى من نوعها ساهمت فيها عديد القطاعات والتي حملت شعار “استهلك جزائريا”.
وقد توقع الأفامي حدوث تحسن إلى مطلع 2021 مقارنة بما تعرفه أسواق النفط الخام من انهيار في أسعاره الذي يبدو أنه سيتواصل إلى مستويات أدنى. وبحسب تقرير المؤسسة ذاتها، أنه في سنة 2015 ارتفع المنتوج الداخلي الخام بـ3,9 من المائة، لذلك تتوقع نسبة نمو بـ3,4 من المائة سنة 2016 و2,9 من المائة سنة 2017، كما ستشهد نسبة النمو ارتفاعا ابتداء من 2019 لتبلغ 3,4 من المائة سنة 2012.
التقرير أظهر أن الجزائر سوف تتجاوز أزمة الأسعار، ناتج عن بيانات ومعلومات مسبقة وإلا لن يكون ما ورد فيه بهذا الشكل الاريحي بالنسبة للحالة التي يعتبرها التقرير أزمة عابرة، وهي حالة يعرفها العالم خاصة الدول المصدرة للنفط نفسها، كما عرفتها الجزائر في ثمانينيات القرن الماضي، تبعتها بحبوحة اقتصادية، مكنت بفضل السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية من تخطي عقبة الاستدانة، ثم تسديد كل الديون، لكل من الافامي والنوادي المالية الأخرى كناديي باريس وروما، وتخطينا مرحلة كبيرة في هذا الشأن.
لم يخل التقرير في مؤشره إلى إعادة توازنات الاقتصاد الكلي من خلال القيام بتطهير مدعم للمالية العمومية على المدى المتوسط، وان يكون مرفقا بإصلاحات هيكلية لتنويع الاقتصاد، دون أن يفوت الإشارة إلى التحكم في المصاريف الجارية، مع حماية الفئات الفقيرة وتجنيد المداخيل خارج المحروقات، مثل الاستثمار الذي يجب تعزيزه بمنح امتيازات واعتماد طرق تتيح الفرصة للمتعاملين الاقتصاديين، كما يكون التعزيز مرفقا بإصدار سندات القروض الوطنية وهي العملية التي بدأت فيها المؤسسات البنكية والخدماتية، قصد فتح رأسمال خارج نمطها المعهود وهي طريقة سريعة للادخار المالي.
هذا الأولويات تبقى ضرورية لإيجاد البدائل الحديثة لاستمرار الإصلاح والاستثمار المالي والمصرفي وفتحه على الآخر، ما يساهم في تحسين مناخ الأعمال وتطوير رؤوس الأموال وسوق العمل.
وفي تطرقها إلى السياسة النقدية ذكر الأفامي، أن بنك الجزائر “يتماشى بشكل ملائم مع تطور السيولة”. وأكد أن مرونة أكبر لنسبة الصرف ستسهل مواجهة الأزمة النفطية، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي الجزائري في مجمله مربح ومثمر.
أما بشأن قطاع المحروقات، أضاف أن الإنتاج سيعرف ارتفاعا ابتداء من السنة الجارية، حيث يصل إلى 145 مليون طن مقابل بترول ويتواصل الى غاية 2021 ليبلغ 163 مليون طن مقابل بترول، وستواصل الصادرات النفطية توجها نحو الارتفاع لتصل إلى 1,3 مليون برميل يوميا سنة 2018. نافيا تأثر الاستثمارات الأجنبية، بل أن نسبتها ستعرف ارتفاعا سنة 2016 لتبلغ 1,4 مليار دولار مقابل -0,7 مليار سنة 2021.