طباعة هذه الصفحة

وجع الحقيقة

فضيلة دفوس
24 ماي 2016

جنّ جنون المغرب وها ه ,يهزّ الدنيا  ولا يقعدها غاضبا ناقما على الولايات المتحدة الأمريكية إثر إصدار وزارتها للخارجية قبل أيام، التقرير السنوي حول حقوق الانسان في العالم، والذي تضمّن حقائق مرعبة عن الخروقات الحقوقية والانسانية التي ترتكبها المملكة داخل حدودها وفي الأراضي الصحراوية التي تحتلها.
تقرير الخارجية الأمريكية رسم  صورة قاتمة للواقع الحقوقي في المغرب، حيث أكد أن العديد من الانتهاكات الإنسانية لا زالت تسجل هناك من قبيل تفشي الفساد في القضاء، التضييق على الحريات الفردية واستمرار تجاهل سيادة القانون من قبل المؤسسات الأمنية في البلاد، خصوصا في ما يتعلّق بظروف الاعتقال داخل السجون، كما أشار إلى حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، فرض القيود على حرية الصحافة ومحاكمة الصحفيين بالقانون الجنائي، وتجاهل مطالب الأقليات ...
 ولم يكتف التقرير بفضح ما يجري من خروقات داخل المغرب، بل خصّص اثنى عشرة صفحة كاملة  لكشف الانتهاكات الجسيمة والمتكررة  لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية وما يتعرض له الناشطون الصحراويون على أيدي رجال الأمن المغربيين من قمع وتعذيب.
الحقائق السوداء التي كشفها التقرير الامريكي، أثارت نقمة المغرب إلى درجة استدعائه
سفير واشنطن في الرباط للاحتجاج، وإذا كنّا نرى ردّ فعله  منتظرا - إذ من المنطقي أن يرفض اتّهامه بهذه الفظائع - فمن واجبنا القول بأن الكثير ممّا تضمنه التقرير لا يجانب الصواب بل هو الصواب عينه، ولا نتكلّم هنا عما يحصل داخل حدود المملكة فذاك شأن داخلي لا يحقّ لنا الغوص فيه، وإنّما عن الانتهاكات الجسيمة التي يمارسها كاحتلال في الصحراء الغربية.
فإدانة الخروقات التي يرتكبها ضدّ الشعب الصحراوي  أمر واجب، ودلائل وقوعها ثابتة، وعلى رأسها الاحتلال في حدّ ذاته، الذي يعتبر أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، تليه الاعتقالات القسرية، التعذيب، نهب الثروات، منع المراقبين الدوليين، الحقوقيين والاعلاميين من ولوج الاقليم المحتل حتى لا يكونوا شهودا  على ما يجري بداخله من ممارسات لا إنسانية، كما حصل مع « المينورس».
على المغرب الشقيق بدل أن يضيّع طاقته في شن حملته الفاشلة على أمريكا، أن يعيد قراءة تقريرها الحقوقي بتأني ورويّة، لعلّه يدرك ما يرتكبه في حق الصحراويين، فيعيد النظر في سياسته الاحتلالية ليرضخ إلى الشرعية التي أقرّت قبل عقدين، أن الحلّ في الصحراء الغربية يمرّ حتما عبر استفتاء لتقرير المصير.
 ويبقى في الأخير التأكيد بأن السخط المغربي جاء بمثل هذه الحدّة، لأن التقرير صدر عن أقوى دولة في العالم وحمل بين سطوره تأكيدات بأن أمريكا لا يمكن استمالتها أو مراودتها عن نفسها بخصوص القضية الصحراوية، فهي لحد الآن لم تجاريه بخصوص مؤامرة «الحكم الذاتي» وتصر على حل تفاوضي يقبله الصحراويون  وهذا ما يزلزل كيان المغرب.