طباعة هذه الصفحة

700 مشارك في منتدى الأعمال الجزائري الأوروبي للطاقة

المراهنة على محافظة الجزائر على مكانتها في التموين بالغاز من خلال تكثيف الإنتاج

فضيلة بودريش

اهتمام أوروبي قوي للاستثمار في الطاقات المتجددة وتحويل التكنولوجيا

انعقد، أمس، منتدى الأعمال الجزائري الأوروبي للطاقة، بحضور ما لا يقل عن 700 مشارك، من بينهم 300 مؤسسة جزائرية وأزيد من 110 من أصحاب الشركات النفطية الأوروبية، ويتزامن ذلك مع تطلع الدول الأوروبية وانجذابها نحو الغاز الجزائري، لعدة اعتبارات من بينها وجود منشآت قاعدية كالأنابيب وكون الجزائر ممول وفي وملتزم بتعهداته، ويضاف إلى كل ذلك جودة الغاز الجزائري.
تتطلع الجزائر لتعميق استثماراتها الحقيقية بالشراكة مع الأجانب في مجال الغاز والطاقات المتجددة و تحقيق الفعالية الطاقوية لتكثيف مصادر إنتاج الطاقة وبناء قاعدة صلبة، تسمح لها بإثبات وجودها في السوق العالمية، في ظل تسجيل تنافسية نوعية وسعر المنتوج المغري، ومن مصلحة أوروبا أن تتعامل مع الجزائر في المنظور البعيد المدى، الأمر الذي يسمح في التحكم في المؤشرات التنموية بالنسبة للصناعة الأوروبية وعدم الانجرار أمام تراجع أسعار الغاز لدى بعض البلدان المتورطة في زعزعة السوق.   
عكف المشاركون في منتدى الأعمال الجزائري الأوروبي للطاقة الأول من نوعه على تشريح السبل الحقيقية التي تمكن من تجسيد الشراكة والاستثمار الفعال والواسع في قطاعات الغاز والطاقات المتجددة. وفي هذا الإطار وجه صالح خبري وزير الطاقة خلال افتتاحه أشغال هذا المنتدى دعوة إلى المؤسسات المشاركة لاستغلال لقاء هذا المنتدى للتوقيع على اتفاقيات استثمارية في إطار الشراكة الإستراتيجية القائمة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.
وباعتبار أن مجمع سونطراك الرائد إفريقيا في مجال المحروقات، تحدث الوزير بلغة الأرقام عن موقع المجمع، حيث أن حجم استثماراته يبلغ في الفترة الممتدة ما بين 2016 و2020 سقف 73 مليار دولار، علما أنه في هذه العملية سيتم التركيز وتخصيص ثلثي الغلاف المالي للاستكشاف والتنقيب وكذا الإنتاج، لمواجهة الطلب على الطاقة الذي يتضاعف بشكل تدريجي على مستوى السوق المحلية.
وتوقع خبري أن يتضاعف الطلب على الغاز ومختلف المواد البترولية بما لا يقل عن ثلاث مرات في آفاق عام 2030 إلى مستوى 150 تيرا واط ساعي كاشفا عن مستوى إمكانيات الجزائر في التصدير، حيث قدرها في مجال الغاز بـ 90 مليار متر مكعب سنويا. في حين إنتاج المحروقات الجزائرية ناهز حدود 200 مليون طن نفط مكافئ خلال العام الفارط،.
وبلغة تفاؤلية يرى وزير الطاقة أن الإنتاج سوف ينتعش خلال بداية من السنة الجارية، حيث يرتقب أن يقفز إلى مستوى241 مليون طن نفط مكافئ في آفاق عام  2020. ويأتي كل ذلك بعد دخول حقول نفط جديدة حيز الاستغلال والنجاح في تحسين نسبة الاسترجاع على مستوى الحقول النفطية المستغلة. والجدير بالإشارة أن الجزائر تمول أوروبا بالغاز بنحو 1500 مليار متر مكعب.
وأثنى ميغيل أرياس كنيتي المفوض الأوروبي المكلف بالمناخ والطاقة على المكانة والدور الذي تلعبه الجزائر في تمويل أوروبا بالغاز، والذي يراهن عليه في التقليص من الانبعاث الكربوني الأوروبي في آفاق عام 2030 بفضل جودته، حتى أنه يوصف بالغاز النظيف الذي لا يلوث البيئة.
ولم يخف كنيتي أن الدول الأوروبية بحاجة إلى الغاز لفترة طويلة، مشددا على ضرورة أن تحافظ الجزائر على ريادتها في التموين والمساهمة في ضمان استقرار السوق الأوروبية للغاز من خلال اتخاذ جميع الإجراءات التي تجعلها في مقدمة المنتجين والمصدرين، ولن يتجسد ذلك حسب المفوض الأوروبي للمناخ والطاقة، إلا من خلال توسيع وتفعيل القدرات الإنتاجية، واغتنم الفرصة ليطمأن بدعم دول الاتحاد الأوروبي للجزائر، من خلال برنامجها المتعلق بتطوير ما أسماه بالطاقات النظيفة، والاستمرار في تطوير وتعميق العلاقات الثنائية في مجال التعاون في هذه القطاعات الحيوية.
وأبدى كنيتي إعجابه بما حققته وقطعته الجزائر في مجال التركيز واستغلال الطاقات المتجددة والتي تمكنت من استحداث وحدها في القارة الأوروبية ما لا يقل عن 2  مليون منصب شغل. يذكر أنه ينتظر خلال العشر سنوات المقبلة أن يسجل ارتفاع في الطلب على غاز البترول المميع بنسبة لا تقل عن النصف، لذا الضرورة تقتضي الانفتاح على التكنولوجيات الحديثة لتقوية وتدفق الإنتاج وتلبية طلب الزبائن في السوق.
وعقب أشغال الافتتاح تم تنظيم مائدة مستديرة خصصت لتشخيص التحديات ورسم معالم الشراكة المتاحة بشكل دقيق، حيث قدم الإطارات والخبراء الجزائريون والأوروبيون على حد سواء مختلف الانشغالات، وأثاروا سلسلة من المقترحات تعلقت بقطاعات الغاز والفعالية الطاقوية بالإضافة إلى الطاقات المتجددة، صبت في معظمها حول كيفية استفادة الجزائر من السوق الأوروبية من خلال التموين بالغاز الطبيعي المميع، بالإضافة إلى أنها تملك قدرات في الطاقات المتجددة.. فكيف يتسنى لها دعم برنامجها الطموح.
ويضاف إلى كل ذلك التساؤول عن السبل التي تسهل تجسيد الاستثمارات الحقيقية في مجال الفعالية الطاقوية، وهل فعلا يمكنها أن تحافظ على مكانتها الثابتة في التموين بالغاز الطبيعي للضفة الاوروبية، وتقاطعت بعض المقترحات حول أهمية التعجيل بتطوير قاعدة الاحتياطات النفطية، لتلبية الطلب المحلي ومن ثم مواصلة تحدي التصدير نحو الأسواق الخارجية.
ومن النقاط التي كشف عنها الخبراء وأصحاب المؤسسات الأوروبية، الاقتراح على مجمع سونطراك بالنظر إلى المكانة المهمة التي يحتلها الاستمرار في البحث وتبني الأفكار الجديدة والتحلي بالكثير من المرونة، بينما متعامل فرنسي لديه شراكة في مشروع طاقوي للاستغلال بأدرار، اعترف بان شراكتهم مع سونطراك تعززت، والتعاون المشترك الذي يربطهم مع الجزائريين وصفه بالجيد، غير أنه دعا إلى الاستمرار في ضمان الأمن للأشخاص.
وقال المتعامل الفرنسي إن الجزائر البلد الوحيد الذي لديه عقود بعيدة المدى مع زبائنها في إشارة منه إلى ضرورة أن تكون عقود قصيرة المدى لأنه يتوقع أن تكون منافسة شرسة على الغاز الطبيعي المميع. وبدا البعض عن الطرف الجزائري مقتنعا أن التحدي الحقيقي يكمن في رفع سقف الإنتاج بشكل كبير عن طريق بعث الاستثمارات الجديدة سواء تعلق الأمر بالاستكشاف أو إنتاج الغاز.