طباعة هذه الصفحة

عادات رمضانية ...

شربات الميخي علامة مسجلة ومرجعية تاريخية على مائدة الإفطار في  البليدة

المرجعية التاريخية ...

كلما حل شهر رمضان شهر الصيام والقيام من كل عام  على سكان مدينة الورد والريحان، تحيي  معه عادات عتيقة تميز المدينة وضواحيها عن بقية مدن الجزائر، تأصّلت في المطعم والمشرب والحلوى وتزينت بها موائد الصائمين عند الافطار ومع كل سهرة سمر بين العائلات و الاصحاب، وأصبحت علامات مسجلة لا غنى عنها تتقدمها « زلابية بوفاريك وحلوى الصامصة وخاصة عصير الشربات البليدي، المشهور بشربات «الميخي».
يجمع دارسو تاريخ عاصمة المتيجيين البليدة أن الشربات المشهور وسط السكان، ينحدر في أصوله من المغرب الشقيق، واشتهر بـ» شربات الميخي» نسبة لصانعه،  ويقول عمي الطاهر احد سكان حي أولاد السلطان العتيق بوسط المدينة في هذا الشأن، أن عصير الشربات احد أساسيات المائدة الرمضانية البليدية، يحضر من مزيج الحليب والليمون والسكر وماء الزهر وينكه بزهر الفل الطبيعي ولدى البعض بالعسل الطبيعي أيضا، وهي عادة مطعم أهل البليدة في الشهر الفضيل إلى يومنا، ويؤكد عمي يوسف احد المهتمين بتاريخ المنطقة ان الشربات كان يحضر من مواد طبيعية خالصة، وأن صناعته كانت تقتصر على العائلات لأن مكوناته كانت تتوفر لدى كل عائلة خاصة شجرة ثمر الليمون التي تغرس وسط البيوت، و يضيف أن الناس أيام زمان كانوا يشترون قطع الثلج من احد المصانع بباب الرحبة وتحديدا عند بداية طريق الشريعة، ويصنعون الشربات ثم يضعونه في إناء يفضل ان يكون من الفخار او من البلاستيك وليس من المعدن وتضاف إليه قطع الثلج  تلك لإبقائه باردا في أيام الحرارة الشديدة، أو يسكب في قنينات وتغطى بكيس من القماش توضع فوقه قطعة جليد للحفاظ عليه باردا، ويقول ان الشربات كان مرجعية لأهل المنطقة ولم يكن في مراحل تاريخية قريبة سلعة تجارية، بل صناعة عائلية رمزية  تقدم للضيوف وتهدى للجيران والأحباب عند الإفطار وأثناء السهرات.
الإضافات الكيميائية والملونات أفسدت طعمها التاريخي ...
ظاهرة أصبحت عرفا بين الناس في  الشهر الفضيل، تشخصت في تحويل محلات بيع الأكل السريع والبيتزا والمقاهي إلى عناوين تعرض فيها زلابية بوفاريك وعصير الشربات، وكلما اقترب موعد الإفطار يقبل الصائمون من أهل البليدة على تلك المحلات لابتياع الحلوى والشربات المعبأ في اكياس شفافة، وفي حيلة تجارية زاد الباعة في اضافة شبه سحري بتلوين المشروب فأصبح يتعدد بألوان زهرية  وصفراء و خضراء فاتحة، لأجل التأثير على عقول الزبائن وإغرائهم على الشراء مستغلين عطشهم الشديد بفعل صوم نهار حار، ويكشف سيد علي شعلان صاحب مقهى عتيق بساحة التوت لـ الشعب « في هذا الشأن، ان بيع الشربات السحري في الأيام الأولى من هذا الشهر الفضيل قلّ عليه الطلب مقارنة بالسنوات الماضية، ويبرر العزوف عنه ربما لأن الناس مازالوا لم يعتادوا بعد على وتيرة الصيام، اما بائع ثاني فيؤكد ان الطلب على عصير الشربات، اصبح قليلا جدا مقارنة بما كان عليه، والسبب حسبه يعود الى المجموعة المتنوعة من انواع المشروبات والعصائر التي أصبحت تعرض وتباع في كل مكان، ثم لغلاء فاكهة الليمون التي وصلت الى حدود الـ 500 دينار للكيلوغرام الواحد ونقص وفرتها بالاسواق في غير موسمها، كما يضيف صاحب بيتزيريا اغلقها لبيع الحلوى والشربات ان السبب يرجع الى فقدان هذا العصير لمذاقه الطبيعي واضافة مواد كيمياوية حامضية إليه وملونات جعلت الزبائن يستنكرون للطعم الجديد ويستبدلونه بالمشروبات الصناعية الأخرى، الا انه وبالرغم من كل تلك التبريرات تظل الشربات عصيرا لابد منه يزين في ديكور موائد البليديين في شهر رمضان، ويستحيل أن يستغنى عنه مهما نافسته العصائر والمشروبات المصنعة الأخرى.