طباعة هذه الصفحة

الاجتماع المصغر حول الوضع الأمني بالجنوب

مواجهة الأخطار المحدقة في ظل استمرار بؤر التوتر بدول الجوار

حكيم بوغرارة

تسعى السلطات الجزائرية إلى دعم جهودها الأمنية بمشاريع تنموية لتحصين حدود البلاد، خاصة المناطق الجنوبية المحاطة بحزام بركاني كثيرة إرتداداته في الآونة الأخيرة.
يأتي الاجتماع المصغر، الذي ترأسه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، رفقة العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية، في سياق تثمين مجهودات مختلف المؤسسات العسكرية والمدنية والبحث عن سبل جديدة من شأنها الرقي بالمناطق الجنوبية إلى مصاف المدن الحضرية حتى تكون بيئة عصرية تنزع تلك النظرة النمطية للمناطق الجنوبية الحدودية بأنها مناطق للتهريب وإيواء الجماعات الدموية.
تعمل الجزائر على تقديم نظرة شاملة عن الوضع بجنوب البلاد من خلال إشراك كل الدوائر في الاستراتيجية الجديدة لمكافحة الإرهاب. فحضور الوزير الأول عبد المالك سلال ومدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي والمستشار الخاص لرئيس الجمهورية، يؤكد انسجام الجهاز التنفيذي وعدم وجود سوء تفاهم، مثلما يحاول البعض الترويج له، أو وجود تحضيرات لمرحلة جديدة من خلال ربط مناقشة بعض مشاريع القوانين على مستوى البرلمان مع أمور واهية لإثارة الرأي العام.
ويوحي حضور نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صالح، والمستشار الخاص بالتنسيق بين أجهزة الأمن الملحقة برئاسة الجمهورية عثمان طرطاق وقائد الدرك الوطني مناد نوبة والمدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل، التنسيق الكبير بين مختلف الأجهزة الأمنية وسعي الرئيس بوتفليقة لمنح كل الإمكانات للمؤسسات العسكرية والأمنية لمواصلة التصدي للإرهاب، وضرورة مواصلة التنسيق وتبادل المعلومات لتضييق الخناق على الجماعات الإرهابية في مختلف مناطق الوطن، خاصة على المناطق الحدودية المتواجدة على تماس مع بؤر التوتر، على غرار مالي والنيجر وليبيا وحتى تونس.
قد يكون هذا الاجتماع تقييما للعمليات الناجحة للجيش الوطني الشعبي ومختلف أسلاك الأمن المشتركة على الحدود الجنوبية للبلاد والدعوة لتشديد الرقابة أكثر، في ظل الحملة المسعورة ضد الجزائر وعمل الكثير من المتربصين بالوحدة الوطنية على الترويج لسيناريو توغل تنظيم ما يسمى «داعش» الإرهابي للجزائر، والذي يتأكد ولاءه لدوائر الاستخبارات الأجنبية التي تسعى بكل الطرق لتمرير السلاح عبر الحدود الجنوبية لجر الجزائر إلى ما يسمى دول ضحايا الربيع العربي.
لقد تفطنت السلطات الجزائرية لشبح الإرهاب، الذي بات يستعمل مطية لإخضاع الدول ومساومتها في ظرف دولي صعب. وما يحدث لتركيا حاليا إلا دليل على أن الانخراط في التحالفات العالمية الحالية ومساندة توجهات معينة، لن يكون ضمانا للحفاظ على السلم والاستقرار، «وباتت تركيا اليوم تحت رحمة الإرهاب الهمجي، واكتفاء العديد من الدول الغربية بالتنديد والاستنكار دون أن تنخرط في مساعدة تركيا على وقف الاعتداءات عليها».
حضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، ووزير الشؤون المغاربية والإفريقية وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل، دليل على مواصلة الجزائر جهودها الدبلوماسية للمساهمة في حل مختلف الأزمات، مع إسماع صوت الجزائر في مختلف المحافل الإقليمية والدولية لجلب الدعم لمختلف دول الجوار ومساعدة ليبيا ومالي والنيجر وتونس على مكافحة الإرهاب وتحقيق استتباب الأمن والطمأنينة بها للتفرغ إلى التنمية التي تعتبر أهم محور للقضاء على أسباب انتشار الإرهاب واستقطاب الشباب للتطرف.
ولجمع أكبر قدر ممكن من الدوائر الوزارية في سياق استراتيجية مكافحة الإرهاب، حضر وزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون وهو الذي تم تكريمه بأعلى وسام استحقاق، بالنظر لمكانة قطاعه في تنمية مختلف ولايات الوطن وخاصة الجنوبية، حيث تراهن السلطات على تحقيق توازن جهوي وتدارك التأخر في التنمية من خلال المشاريع السكنية العملاقة التي ستكون محركا أساسيا لمختلف القطاعات الأخرى.
ويؤكد حضور وزير الداخلية والجماعات المحلية نورالدين بدوي، عزم الدولة على دعم التقسيم الإداري الجديد بولايات الجنوب والهضاب، لما له من انعكاسات هامة على السلم والأمن وتنمية المناطق الحدودية من خلال الولايات المنتدبة الجديدة التي تم اختيارها مؤخرا لترقى إلى مصاف ولايات، مع منحها صلاحيات أشمل.