طباعة هذه الصفحة

ولد خليفة في القمة الـ17 لحركة عدم الانحياز:

محاربة الإرهاب لا تقتصر على البعد الأمني بل تقتضي اعتماد الحوار والمصالحة

التجربة الجزائرية مرجعية في الاستقرار

أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، أن مقاربة الجزائر “الناجحة” في تحقيق الاستقرار والأمن ترى بأن محاربة الإرهاب لا تقتصر على الجوانب الأمنية فحسب بل تقتضي سياسات واستراتيجيات الحوار والمصالحة الوطنية.  
 أوضح السيد ولد خليفة الذي يمثل رئيس الجمهورية في أشغال القمة الـ17 لحركة عدم الانحياز المنعقدة بفنزويلا في كلمة له بأن “التجربة الجزائرية الرائدة اعتمدت في تحقيق الاستقرار والأمن على مقاربة ناجحة”.
وأضاف بأن هذه المقاربة “ترى أن محاربة الإرهاب لا يجب أن تقتصر على الجوانب الأمنية فحسب بل تقتضي تفعيل سياسات واستراتيجيات الحوار والمصالحة الوطنية عبر طرح بدائل واعتماد مبادرات شاملة لاجتثاث التطرف العنيف وتفكيك منابعه الفكرية والعقائدية والمالية”.
وفي هذا الصدد ذكر ولد خليفة بأن الجزائر، “التي عانت من الهمجية الإرهابية لأزيد من عقد كامل في التسعينيات من القرن الماضي في ظل صمت دولي مريب تمكنت لوحدها وبتبني استراتيجية وطنية مبدعة قائمة على القانون ومحترمة لحقوق الإنسان وقوامها سياسة السلم والمصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة”.
وقد سمحت هذه الإستراتيجية للجزائر من “استعادة أمنها واستقرارها ومباشرة الرئيس بوتفليقة لبرامج إصلاحية على كل المستويات، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، السياسية والدستورية، مما جعل من بلدنا نموذجا للتنمية الإنسانية وجزيرة للأمن والاستقرار في إفريقيا والعالم العربي”.
كما أصبحت التجربة الجزائرية للمصالحة الوطنية - يضيف السيد ولد خليفة - “نموذجا تبنته عدد من الدول لتحقيق أمنها وإستقرارها”.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس المجلس أن الإرهاب “بكل أصنافه ومنابعه وأشكاله العدوانية  يبقى التحدي الأمني الأساسي الذي نواجهه  لما لهذا التهديد من تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية خطيرة”.
  وأعرب في هذا الجانب عن “قلق الجزائر الشديد” إزاء “تصاعد وانتشار العمليات الإرهابية عبر كل مناطق العالم وبشاعة المجازر والأعمال الإجرامية التي تطال الأفراد والممتلكات دون تمييز لعرق أو جنس أو دين، خاصة في الدول التي عرفت التدخل الأجنبي”.
وأضاف بأن هذه الوضعية نتج عنها “تفكيك مؤسساتها الوطنية وأدى إلى فراغ أدخل الدولة في صراعات بين قبائل وطوائف وميليشيات وجماعات إرهابية تهدد الأمن الوطني والدولي وتنشر الرعب في القارات الخمس”.

انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين تكشف تحدي إسرائيل للشرعية الدولية
         
من جهة، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن الشعب الفلسطيني “لا زال يواجه تحديات جسام ومخاطر كبيرة يأتي في مقدمتها استمرار احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني” بالإضافة إلى “سياسات الاستيطان ومحاولات تهويد القدس الشريف مع استمرار فرض الاحتلال الإسرائيلي  للحصار اللاإنساني والجائر على قطاع غزة الفلسطيني”.
وتابع بأن هذه الممارسات الإسرائيلية تكشف عن “تمادي الاحتلال في تحدي الشرعية الدولية وعن مناوراته المتكررة لفرض سياسة الأمر الواقع والتملص من التزاماته  ومحاولة القضاء بالتالي  على مشروع الحل القائم على الدولتين التي تمكن فلسطين من إقامة دولة ذات سيادة وقابلة للعيش والاستمرار”.
من جهة أخرى، أبرز رئيس المجلس مساهمات الجزائر”البناءة” في جوارها الجيو-أمني “بصفتها عامل استقرار في محيطها الجيوسياسي دون تدخل في شؤون الغير مع احترام صريح لقواعد ومبادئ القانون الدولي مثلما هو جلي في مساهماتها بالوساطة الدولية حول الأزمة المالية والتي أفضت إلى إبرام اتفاق الجزائر حول السلام والمصالحة”.
وتابع بأنه بالرغم من التحديات المتعددة التي مازال يواجهها الوضع في هذا البلد فإن اتفاق الجزائر، “قد فتح آفاقا حقيقية لحل الأزمة المالية بمختلف أبعادها”.
وفي هذا الشأن دعا رئيس المجلس الشعبي المجتمع الدولي إلى “مواصلة دعمه لدولة مالي قصد مساعدتها على بسط سلطتها في كافة أرجاء البلاد وبعث مشاريع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تعود بالفائدة على الشعب المالي وتساهم في دحر التنظيمات الإرهابية التي مازالت تهدد الأمن في هذا البلد وفي منطقة الساحل برمتها”.
وبخصوص الوضع في ليبيا، عبر السيد ولد خليفة عن “ارتياح”الجزائر”للتطورات الايجابية التي بدأ يعرفها الوضع في هذا البلد الشقيق والذي بدأت نتائجه تتجسد على أرض الواقع بمباشرة حكومة الوفاق الوطني لعملها من العاصمة طرابلس”.
وذكر بأن الجزائر “التي وقفت إلى جانب الشعب الليبي الشقيق منذ اندلاع الأزمة في 2011 ستواصل دعمها له ولبعثة الأمم المتحدة في ليبيا وذلك من أجل استعادة مؤسسات الدولة الليبية لسلطتها وعودة الأمن والسكينة بالقضاء على عناصر الفرقة والتشرذم مع تغليب الحوار والمصالح العليا للشعب الليبي والعمل على القضاء على التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش التي وجدت في فوضى السلاح والمليشيات ملاذا لها”.
و بشأن سوريا أكد ولد خليفة أن الوضع بهذا البلد “لازال يشكل مصدر انشغال عميق للجزائر وذلك بالنظر لهول الأزمة الإنسانية واتساع رقعة القتال التي طالت كل أرجاء البلاد”، مشيرا إلى أن هذه الوضعية “وفرت للمجموعات الإرهابية المجرمة أرضية خصبة لتنفيذ مشروعها التدميري والتفكيكي لهذا البلد”.
وذكر في هذا الخصوص بأن الجزائر،”دعت منذ البداية  كل الأطراف السورية إلى تبني مسار سياسي للتوصل إلى حل يضمن التكفل بالمطالب المشروعة للشعب السوري في العدالة والحرية والتنمية والعيش في أمن وأمان وصون سيادة الدولة السورية ووحدتها الترابية بعيدا عن التدخلات الأجنبية”.
وبخصوص الصحراء الغربية، أكد السيد ولد خليفة بأن الجزائر، “إذ تسجل الموقف المبدئي والثابت للحركة المؤيد لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير  فإنها تدعو الدول الأعضاء لمواصلة هذا الدعم لا سيما في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها قضية الصحراء الغربية”.
وأشار بأن الوضع الحالي بخصوص هذه القضية “يتسم بتصلب المواقف وانسداد أفق عملية السلام التي لم تحقق أي تقدم منذ ما يزيد عن 10 سنوات  ناهيكم عن التحديات الكبرى التي تواجهها بعثة الامم المتحدة المكلفة بتنظيم استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية (المينورسو) جراء الإجراءات الأحادية المفروضة عليها وعلى أفرادها والرامية إلى تقويض دور الأمم المتحدة وبعثتها في هذا الإقليم المحتل”.
وتابع قائلا بأنه “أمام هذا التراجع الخطير الذي قد يعقد الصراع بين طرفي النزاع، المغرب وجبهة البوليزاريو، فإننا ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن، على وجه الخصوص، لتحمل مسؤولياته كاملة والعمل على إعادة المسار الاممي إلى سكته بما يكفل للشعب الصحراوي ممارسة حقه في تقرير المصير وفقا للوائح الأممية ذات الصلة”.
على صعيد آخر، أكد رئيس المجلس أن إعتماد برنامج أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الـ70 ونتائج المؤتمرات العالمية الكبرى التي أعقبتها، بما في ذلك مؤتمر أديس أبابا حول تمويل التنمية واتفاق باريس حول المناخ، شكل “انجازا هاما لتدارك جزء من هذه التحديات لاسيما تلك المخاطر المهددة للتوازنات الأساسية للمنظومة الاقتصادية والسياسية والقانونية العالمية”.

إصلاح الأمم المتحدة ضرورة ملحة   

وفي سياق ذي صلة، أكد ولد خليفة أن إصلاح الأمم المتحدة ومواصلة الجهود الرامية لتوسيع عضوية مجلس الأمن بصفة خاصة يمثل “ضرورة ملحة ومطلبا رئيسيا لبلداننا منذ أمد بعيد”، مشيرا إلى أن “التحولات العميقة التي تشهدها العلاقات الدولية اليوم والتحديات المتعددة الأبعاد التي أفرزتها العولمة تتطلب إعادة هيكلة عميقة وفعلية للنظام الدولي بشكل يكفل لبلدان الجنوب المشاركة الفعلية في عمليات اتخاذ القرار على المستوى الدولي”.
وجدد السيد ولد خليفة بالمناسبة التأكيد على”اقتناع” الجزائر بـ«مبادئ وغايات حركة عدم الانحياز” مؤكدا التزامها بعدم ادخار أي جهد من أجل استمرار نجاح الحركة الذي يظل مرهونا بوحدتنا والاستفادة من الخبرة التي اكتسبتها حركتنا في تثمين قدرتها على التفاعل الايجابي مع التطورات المتسارعة على الساحة الدولية”.
وأشار في هذا الشأن إلى أن موضوع هذه القمة “السلم السيادة والتضامن من أجل التنمية”، يشكل “إختيارا سديدا وموفقا بالنظر لطبيعة الرهانات والتحديات والتهديدات التي نواجهها في سياقنا الحالي” لافتا إلى أن “الكثير من الدول الأعضاء “كانت ضحية إستراتيجيات الإنهاك والإضعاف بل وحتى التفكيك كما نلحظه بالخصوص في إفريقيا والعالم العربي، وعديد الدول  خاصة في إفريقيا”.

.. ويتحادث مع عدد من رؤساء الدول

تحادث محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الشعبي الوطني خلال القمة الـ17 لحركة عدم الإنحياز بجزيرة مارغريتا (فنزويلا) مع كل من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والرئيس الفلسطيني محمود عباس  والرئيس الكوبي راؤول كاسترو، ورئيس الإكوادور رفائيل كوريا، حسب ما أفاده بيان للمجلس الشعبي الوطني.
أوضح البيان أن ولد خليفة الذي يمثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في أشغال هذه القمة  قد تحادث مع الرئيس الفنزويلي مادورو الذي “أكد له جودة العلاقات التي تربط بين البلدين وحرص بلاده على تعميقها خاصة في إطار التحولات العالمية الحالية، مؤكدا على دور الجزائر الرائد تحت قيادة الرئيس بوتفليقة الذي أرسل تحياته الخالصة له”.
كما استقبل رئيس المجلس الشعبي الوطني د.محمد العربي ولد خليفة أمس بجزيرة مارغريتا (فنزويلا)، على هامش الأشغال من طرف الرئيس الإيراني حسن روحاني، حيث تطرق الطرفان إلى الأوضاع الإقليمية الراهنة التي تتميز بالاضطراب والتي باتت تستدعي العمل لاحترام سيادة الدول من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين.
وقد أكد الرئيس حسن روحاني أن إيران من جانبها والجزائر تحت الرئاسة الرشيدة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تعملان بجدية من أجل تعزيز علاقاتهما التاريخية المتميزة والصلبة على المستوى السياسي من خلال تنشيط التفاعل الاقتصادي والمالي والعلمي بين البلدين، مشيرا في نفس الوقت إلى المشاريع المشتركة الكبرى التي تعزز التعاون بين البلدين.
كما تطرق الطرفان لوضع السوق الدولية للمحروقات التي باتت تستدعي بناء توافقات جديدة تنتج توازنا للسوق واستقرارا في أسعار النفط بحيث تكون منصفة للمنتج والمستهلك ومحققة لتطلعات الشعوب في التنمية.
كما أكد البيان ذاته أن رئيس المجلس الشعبي الوطني تحادث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس “حول القضية المركزية لكل الجزائريين، فلسطين، حيث أكد عباس أن الجزائر لم تغير، يوما، موقفها الثابت والمبدئي تجاه القضية وبقيت دوما متضامنة مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وفي نفس الإطار - كما أضاف البيان - كان لرئيس المجلس لقاء مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، “حيث تبادل الطرفان آفاق حول العلاقات الثنائية وسبل تطويرها بما يتوافق وعمق العلاقات التاريخية بين الشعبين”.  
وكان لولد خليفة كذلك لقاء مع رئيس الإكوادور رفائيل كوريا، حيث “دار النقاش حول العلاقات الثنائية وآفاقها المستقبلية خاصة على مستوى التنسيق فيما يخص السوق النفطية وسبل استقرارها خدمة للتنمية الوطنية للدول”.