طباعة هذه الصفحة

راهنت على سعر مرجعي بين 50 و60 دولارا

الجزائر تقطف أولى ثمار اتفاق أوبك

أسال توصل منظمة أوبك إلى اتفاقي تاريخي، بالجزائر، يقضي بتقييد ناتج الدول الأعضاء بين 32.5 و33 مليون ب/ي، الكثير من الحبر، واعتبر في الوقت ذاته نجاحا للدبلوماسية الجزائرية التي كسبت رهانا عسيرا من الناحية المعنوية والسياسية، لكن ما ينبغي التساؤل بشأنه هو ما ستجنيه الجزائر من تبعات الاجتماع؟
رمت السلطات العليا للبلاد بكل ثقلها لينتهي لقاء منظمة الدول المصدرة للنفط على أرضها إلى توافق يعود بالفائدة على الجميع، وجاء التحرك برهانات دبلوماسية ترتبط بشكل وثيق بمكانة الجزائر في الساحة الدولية ومدى تأثيرها في حقل الطاقة العالمي، وأخرى اقتصادية بحتة تستهدف بلوغ سعر مرجعي بين 50 و60 دولارا للبرميل.
قبل الاجتماع بأيام قليلة، قللت أصوات عديدة مصدرها “خبراء” و«ومختصون”، من قدر “جزائر اليوم” على التأثير في المشهد ودفع بلدان تتصدر قائمة الإنتاج العالمي للنفط للجلوس إلى طاولة التشاور والسير في ما يخدم المصلحة العامة للمنظمة، على حساب مصالحها المرتبطة بالحصص في الأسواق أو المتعلقة بحسابات سياسية.
وهناك من قال إن سلطة البرميل تفوق الثقل السياسي والدبلوماسي، وإن المصلحة الخاصة تتجاوز حتى تاريخية العلاقات الثنائية أو المتعددة. لكن في النهاية حدث ما لم يكن متوقعا، واختارت أوبك دعم قرار مشترك لم يحدث منذ سنوات. ولعل التشاؤم الذي سبق الاجتماع، استنادا إلى معطيات عديدة، هو ما جعل الاتفاق يرقى إلى المفاجأة الكبرى والاتفاق التاريخي.
وأمام النتيجة النهائية، شرع الكل في التفتيش عن الكواليس والتفاصيل التي سبقت اللحظة الحاسمة، لتتجه الأنظار مباشرة إلى دور الوساطة التي قادتها الجزائر قبل وأثناء الاجتماع، حيث اعتبر تلبية الدعوة من طرف الأعضاء أمرا جد إيجابيا في حد ذاته، لكن التأثير في القرار النهائي لكل بلد هو ما شكل الهاجس الحقيقي.
مكوث الوزير الأول عبد المالك سلال لساعة متأخرة من ليلة 28 سبتمبر، في لقاءات ثنائية، والتحركات المكثفة لوزير الطاقة وبعض أعضاء الحكومة، سمح ببلورة نظرة شاملة للمقترح الجزائري الذي عرض على منظمة أوبك.
فالمبادرة التي طرحتها تتضمن خفض إنتاج المنظمة بأزيد من 750 ألف برميل في اليوم، مع تقاسم الحصص بين الدول الأعضاء. ومهدت أرضية القبول، بالتركيز على موقف العربية السعودية، التي ربطت موافقتها في البداية بإيران، قبل أن تتراجع بشكل مفاجئ وتعتبر إيران مثل ليبيا ونيجيريا، ما ترك حالة استفهام قصوى حول هذا التحول؟
وفق لما تسرّب من داخل القاعة، فإن إيران التي أصرّت على بلوغ 4 ملايين برميل في اليوم، ليس بمقدورها في الحقيقة بلوغ هذا الرقم، بفعل ضعف إمكاناتها التقنية من جهة، وصعوبة إبرام صفقات كبرى مع شركات عالمية بسبب شح الموارد المالية من جهة أخرى.
فالصراع في الأساس، كان مجرد حرب نفسية، وهو ما فهمته كافة الأطراف الحاضرة، ورجحت كفت المعاملة الخاصة لها، على اعتبار خروجها حديثا من العقوبات.
واتضح من المشاورات الماراطونية التي خاضتها الجزائر، أن العربية السعودية لم تبدي تصلبا مثلما أشيع عنها من قبل، بل أبدت استعدادها للذهاب أبعد مما هو مطلوب منها، استجابة لمقاربة السلطات الجزائرية ومصداقية العرض الذي تقدمت به وكان بعيدا عن أية تجاذبات سياسية.
النصر المعنوي الذي حققته الجزائر في مرتين متتاليتين، على مستوى الهيئة الطاقوية، قابلته استفسارات عما ستجنيه من الناحية الاقتصادية. وجاءت النتيجة سريعا، حيث بلغت أسعار البرميل سريعا عتبة 50 دولارا، التي كانت هدف المسؤولين الجزائريين من الاجتماع.
وتشير المعطيات المرتبطة بتوازن العرض والطلب نهاية 2017، ما يعني بلوغ الأسعار 60 دولارا وأكثر، لتحقق الجزائر بذلك غايتها الأساسية التي سعت إليها منذ عدة أشهر.