طباعة هذه الصفحة

آلاف المقيمين بكندا يشيعون جثامين ضحايا الاعتداء الإرهابي

التسامح أقوى من شبكات الجريمة المنظمة

كيبك مراسلة «الشعب»: أسماء زحزح

29 جانفــــي محطــــة للتعايش ونبـــــذ الكراهيـــــة

حالة من التأثر البالغ عاشتها كيبك غداة تشييع جثامين رعايا الجالية العربية المسلمة الذين سقطوا في الاعتداء الإرهابي على مسجد المركز الإسلامي رفقة الجزائريين عبد الكريم حسان وخالد بلقاسمي وكليهما من مواليد العاصمة، مثلما كتبت عنه «الشعب» أثناء الحادث الأليم.هذان الأخيران وصل جثمانيهما البارحة أرض الوطن وشُيعا بمسقطي رأسيهما، ولم يتمكن الاعتداء من المساس بقيم التسامح والتعايش التي بني عليها المجتمع وظل يتباهى بها عبر العصور.
توافد الآلاف من المواطنين الكنديين أكثرهم من المسلمين المقيمن في مونتريال وبالأخص الجالية الجزائرية لتشييع ثلاثة من الضحايا الستّة الذين قتلوا الأحد الفارط في الهجوم الإرهابي على مسجد كيبك بالمركز الإسلامي الذي ما انفك يرافع لتعايش الأديان وتسامح الثقافات وتآلفها في مجتمع واحد يتطور بالتنوع ويرتقي بالتعددية.   
كانوا خمسة آلاف على رأسهم الوزيرالأول الكندي جوستن ترودو مرفوقا بعدد من الوزراء ورؤساء الأحزاب والمنظمات وكذا القنصل العام الجزائري عبد الغني شرياف. وعقب تلاوة آيات من القرآن الكريم وسط حشد صامت، انضمّ إليه أتباع كل الديانات من إسلامية ومسيحية ويهودية، قال الوزير الأول ترودووهو يخاطب الحضور :» إن الاعتداء الوحشي على المسجد هزّ بلدا بأكمله لكن في هذه اللحظات القائمة عبّر بلدنا عن الاتحاد والتضامن».
عبّر الوزير الأول عن حزنه تجاه التراجيديا رافعا التحدي في مواجهة الإرهاب الأعمى، مذكرا الجميع أن المرحوم خالد بلقاسم لم يكن أبا لابنيه فقط بل لكل طلابه بالجامعة التي كان يدرس بها. كما أنه ذكر المرحوم كريم حسان قائلا «كان كريم يريد أن يهدي لأبنائه حياة أفضل»، مضيفا «البلد بأكمله يبكي على هؤلاء الأبرياء».
ومن جهته، قال رئيس حكومة مقاطعة كيبك فيليب كويار صارخا بملء الفم  «لا للعنف ولا للترهيب والعنصرية وكره الأجانب».
وأضاف وهو يتوجه للجالية المسلمة  «اعرفوا أنكم هنا في بلدكم».
من جهته، دعا رئيس بلدية مونتريال دوني كودار لضرورة إجراء مراجعة للضمير من أجل تغيير»عاداتنا وخطابنا»، مضيفا باللغة العربية «كلنا إخوة وحزننا واحد».
وألقى قنصل الجزائر العام بمونتريال عبد الغني شرياف كلمة مقتضبة ذكّر من خلالها الجميع بهذه المأساة التي قتل فيها ستّة ضحايا كانوا متواجدين داخل مسجد، مكان لجوء وعبادة، متسائلا «هل سوف يموت كل من طبّق دينه ؟؟».ثم أضاف :»  فعلا الجالية المسلمة باتت تعيش تحت نظرات الخوف والتحذير».
وأوضح رئيس مجلس أئمة مقاطعة كيبك سعيد فواز أن مأساة الأحد الماضي خلّفت 17 يتيما، كما أثارت بعض الخوف عند الجالية المسلمة، مطالبا الجميع» بعدم الانعزال والانغلاق على أنفسهم».
وبعد أداء صلاة الجنازة في جوّ مهيب قام الإمام مجيب الرحمان بتعزية عائلات الضحايا سائلا الله تعالى أن يسكنهم فسيح جنانه. كما قال «علينا أن نأخذ الدروس حتى لا تضيع هذه الدماء من أجل أن يسود الأمن بكندا».
وأضاف الإمام « أهم ما يمكن قوله ـ بعد أن سالت الدّماء، جعلها الله سببا للتلاحم والتضامن ـ الإرهاب لا دين له، ولا لون ولا جنسية ولا وطن، بل هو مرض قد يصيب البعض وهو عدو للمجتمع». وذكر الإمام أن الإنسان عدو لما يجهل وكثير من الناس يجهلون حقيقة الإسلام».
وانتشر الحشد الهائل الذي أذهل الصحافة الكندية والدولية في مقدمتها «الشعب» الجزائرية مقتنعا أن كندا كانت ولازالت تضرب بها الأمثال في تنوع الديانات.
قال آخرون في شهاداتهم لنا إن التراجيديا الإرهابية تبقى راسخة في ذهن كل كندي ومن يعيش في هذا البلد المتسامح .لكن عليه عدم الاستسلام ومقامة التطرف الإرهابي وعلى الجالية المسلمة أن تنفتح على الآخرين وتُعرّف الذين يجهلون قيم التسامح والتعايش أن الإسلام  يدعو إلى هذه الصفات ويشجب الغلو والتطرف.
على غرار ما قاله الإمام اقتنع الجميع بضرورة جعل تاريخ 29 جانفي بداية للمحبة والتعارف والتسامح والتعامل والتضحية»، مقتنعين حد الثمالة أن هؤلاء الشهداء أحبوا تراب هذا البلد واختاروه ليكون وطنا لهم وهاهم يضحون بدمائهم للإنسانية و المساواة.