طباعة هذه الصفحة

يقضــون معظــم أوقاتهــم إبحــارا في العالم الافتراضي

الأطفال أسرى الأنترنت

وجوب حمايتهم من الأخطار

جرائم إلكترونية تهدد البراءة

إذا نظرنا إلى أغلب الدراسات التي أجريت في هذا الصدد في مختلف دول العالم سنجد أنها تشيرُ إلى نتائج تؤيِّدُ أن للأنترنت أضراره البالغة على الأطفال، وتؤكد أيضًا على أن الأطفال يقضون معظم أوقاتهم أمام صفحات الأنترنت بحد وصل إلى الإدمان، ففي دراسة صينية صدرت مؤخرًا، أوضحت أن 13% من مدمني الأنترنت حول العالم من الأطفال، وغيرها من الدراسات التي أكدت أن ملايين الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام الأنترنت في الوقت الذي قد لا يعلم فيه الآباء ما يقوم به أبناؤهم على هذه الشبكة العنكبوتية، وقد أكدت الدراساتُ أيضًا أن متوسط عمر الأطفال الذين يستخدمون الأنترنت هو ثلاثة أعوام.

 أكد المختصون في علم الاجتماع  على أن استخدام الأنترنت بالنسبة للأطفال له مساوئه الكثيرة، والتي قد تفوق مميزاته، لا سيما في التأثير على علاقاته الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بإضاعة الوقت أمام الأنترنت، والغوص في عالمه، أين تكون له نتائجه الملحوظة والمباشرة على علاقته بأسرته، ومع الاستمرار على هذه العادة ومداومة الاندماج في عالم الأنترنت بعيدًا عن العالم الحقيقي، يحدُثُ بداخل الطفل نوعٌ من الانفصال، والشعور بالفردية، والرغبة في الابتعاد عن أي مشاركة اجتماعية، سواء على مستوى الأسرة، أو على مستوى المجتمع المحيط به من أصدقاءَ وجيران وغيرهم.
و أوضح المختصون في هذا الصدد أن هذه الظاهرة لا ينتج عنها تأثيرات فردية، وإنما تترتب عليها نتائج سلبية على نطاق واسع، تتمثل في التأثير على مستوى الأطفال من الناحية الدراسية، وتغير سلوكياتهم بشكل سلبي؛ نتيجة لِما يرونه ويتعاملون معه في هذا العالم الافتراضي؛ مما ينتج عنه في نهاية الأمر من إخراج جيل افتراضي غير قادر على التواصل مع المجتمع الذي يعيش فيه، وغير قادر على التعامل مع من حوله إلا من خلال العالَم الافتراضي الذي تعوَّد عليه منذ صغره.
 

ويعد تأثير الأنترنت على الأطفال أشد وأقوى من أي تأثير آخر، سواء كان من الأسرة، أو من المدرسة، ومن ثَم يتوجب توفر نوع من المراقبة المستمرة من جانب الوالدين على أطفالهما، على أن يكون ذلك من خلال توضيح مساوئ الأنترنت بالنسبة للطفل، عن طريق حوار جاد ومقنع، فضلاً عن تحديد أوقات جلوسه على الأنترنت؛ بحيث لا تكون طوال اليوم أو في كل وقت؛ حتى لا يؤدي ذلك به إلى التمسك بهذا العالم الافتراضي، والاستغناء عن عالَمه الحقيقيِّ والواقعي.
لا شك أن الأنترنت في وقتنا الحالي أصبح عنصرًا مهمًّا لا غنى عنه في كثير من الأمور، وبالنسبة للأطفال فإن الأنترنت قد جعَلهم يقضون معظم طفولتهم عليه؛ نظرًا لِما يشعرون فيه بالمتعة والتشويق عن طريقِ التواصل والانخراط مع الآخرين، من خلال المراسلات البريدية، والتي زادت بدرجةٍ كبيرة بعد هذا الانتشار الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي.
إن هذا الاستخدامَ الواسع للأنترنت من قِبَل الأطفال، وعلى الرغم من فوائده، فإنه أيضًا لا يُعَد آمِنًا في الوقت ذاته، خاصة أن هناك دراسات أكدت أنه من بين كل 2 مليون طفل هناك ما يقرب من 400 ألف طفل يتم استغلالهم إباحيًّا، لا سيما أن الدراسات أكدت أيضًا أن المواقع الإباحية على الشبكة العنكبوتية تزداد كلَّ يوم بدرجة كبيرة، حتى وصلت إلى ظهور ما يقرب من 4000 موقع إباحي جديد كل يوم، الأمر الذي يشكِّلُ خطورة كبيرة على مستخدمي الأنترنت من الأطفال.
حلول واقعية لمشكلة طارئة
إن حل هذه الظاهرة لا يكمن في منع الأطفال من استخدام الأنترنت، خاصة أن الأسرة إذا تمكنت من ذلك أمام أعينها، فإنها لن تتمكن من منع استخدامه خارج المنزل، كما أن السماحَ له باستخدام الأنترنت في المنزل أفضلُ بكثير، ولكن يجب أن يتمَّ ذلك من خلال ضوابط ومعايير يجب أن يراعيَها الوالدان، يتمثل أهمُّها في العمل على إحاطة الطفل علمًا بهذه الوسيلة التي يتعامل معها، وتنبيهه إلى المخاطر التي قد يتعرض لها أثناء التصفح، فيما يُعرَف بعملية تثقيف كاملة للطفل بالأنترنت؛ حتى لا يكون جاهلاً بما يتعامل معه، ومن ثم يكون فريسة للجوانب السيئة في الأنترنت، وأن تحرص الأسرة دائمًا على ترسيخ مخافة الله عز وجل داخل نفس الطفل، وإعلامه بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليه في كل وقت؛ حتى يكون ذلك بمثابة رقابة ذاتية منه على نفسه.
وحول كيفية حمايته من أخطار الأنترنت هناك بعضَ الأمور التي إذا ما اتَّبعها الوالدان ستجعل أطفالهما في مأمن، بعيدًا عن أي خطر قد يواجِهونه من خلال الأنترنت، و لعل  أهمَّ ما يجب أن يتبعه الوالدان في هذا الصدد أن يكونا على علمٍ كافٍ بطبيعة هذه الوسيلة، وأن يسعَوْا دائمًا إلى تعلُّمِ كل ما هو جديدٌ في عالم الأنترنت حتى يكونَ لديهم القدرة على توجيه أبنائهم، وإرشادهم إلى ما يجب أن يقوموا به أثناء وجودهم على الشَّبكة العنكبوتية.
و من الضروري أن يكون هناك إشراف دائم من قبل الوالدين على طفلهما فيما يخص استخدامه للأنترنت، وأن هذا الإشراف لن يتأتى إلا من خلال تحديد الأوقات التي يستخدم فيها الطفل الأنترنت، أو على الأقل معرفتها، هذا إلى جانب ضرورة وضع الكمبيوتر في مكان يمكن الوالدين أن يتابعا طفلهما من خلاله بحيث لا يكون في الغرفة التي ينام فيها الطفل مثلا، هذا إلى جانب استخدام البرامج التي تساعد الأبوين على مراقبة ما يفعله الطفل أثناء استخدامه للأنترنت حتى وإن كانا غير موجودين بجواره، مشيرة إلى ضرورة أن يكون هناك أمور أخرى تشغل الطفل غير وجوده على الأنترنت، مثل ممارسة رياضة معينة أو تشجيعه على القراءة ونحوها، كما يجب على ولي الأمر أن يتحدث بشكل دائم ومنتظم مع طفله عن الأنشطة التي يقوم بها الطفل على الأنترنت، وأن يجعل هناك تواصلاً دائمًا معه، لا سيما فيما يخص هذا الأمر، وأن يشجعه على إخباره بكل شيء يقوم به، خاصة إذا شعر بشيء من الريبة أثناء تصفحه على صفحات الأنترنت المختلفة.