طباعة هذه الصفحة

زلزال يهزّ الأحزاب الفرنسية المهزومة

هولاند يترأس آخر اجتماع للحكومة قبل تسليم السلطة لماكرون هذا الأحد

ترأس رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند آخر اجتماع لمجلس وزرائه قبل تسليمه السلطة الأحد القادم لمستشاره السابق إيمانويل ماكرون، ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه شعبية هولاند تراجعا كبيرا بعد فترة رئاسية مثيرة للجدل، اتسمت بالكثير من التغييرات السياسية في المجتمع الفرنسي.
عندما اختار فرانسوا هولاند إيمانويل ماكرون مساعدا له في حملته الانتخابية عام 2012، لم يكن أحد ليتكهن أنه في الواقع يعين مستشارا سيكون خلفا له بعد خمس سنوات.
يغادر هولاند الأحد قصر الإليزيه بمستوى شعبية متدن جدا، ويخلفه في منصبه مستشاره السابق إيمانويل ماكرون (39 عاما) الذي يفتقر إلى الخبرة السياسية، وانتخب على وعود تجديد المشهد السياسي في فرنسا.
وإذا كان هولاند قد نجح فرض نفسه كزعيم قادر على مواجهة الأخطار الخارجية ولو استدعى الأمر تدخلا عسكريا مباشرا، فإنه لم يحظ أبدا بهذا النجاح في الداخل.
وفي كل مرة كان يقع اعتداء إرهابي كان هولاند قادراعلى أن يثبت بأنه أبو الأمة القادر على حماية مواطنيه بوجه الاعتداءات  الارهابية التي أوقعت 239 قتيلا في فرنسا منذ 2015.
لكن ذلك لم يكن كافيا لتحسين صورته التي لطخها كتاب سيرة ذاتية بعنوان «لا يفترض بالرئيس أن يقول ذلك»، وفشله في جمع غالبية حول سياسته الاقتصادية التي كانت موضع انتقادات حتى داخل فريقه.
وفي ختام ولاية من خمس سنوات يبدو أن موقع الرئاسة بات ضعيفا أكثر من أي وقت مضى.
ومنذ الأشهر الأولى من ولايته تراجعت شعبيته، وكانت الانتقادات اللاذعة نفسها تتكرر: لا يعرف اتخاذ القرارات ولا فرض سلطته، ويعتمد أساسا على التكتيكات.
في 2013 أثار إصلاح يجيز للمثليين الزواج وعد به خلال حملته، شرخا عميقا في المجتمع الفرنسي.
ثم أدت الزيادة غير المسبوقة للضرائب على الفرنسيين والمؤسسات، والتي ترافقت مع خفض في النفقات العامة، إلى تنامي المواقف المناهضة له.
ولمكافحة البطالة المتأصلة، اختار الرئيس في منتصف ولايته مطلع 2014، توجها اشتراكيا- ليبراليا، ما أثار غضب التيار اليساري في الحزب الاشتراكي وانشقاق عدد من وزرائه.
هذه العدائية بلغت ذروتها مطلع 2016 مع حرب أطلقها «المنشقون» في غالبيتهم ضد قانون لإصلاح قانون العمل دفع بعشرات آلاف الأشخاص إلى النزول إلى الشارع احتجاجا عليه.
 وبسبب نقاط ضعفه الكثيرة والانتقادات والانقسامات داخل معسكره قرر في الأول من ديسمبر العدول عن الترشح لولاية رئاسية ثانية.
وفي ختام ولايته، ترك هولاند حزبا اشتراكيا مشتتا ويمينا متطرفا في أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية، فقد جمعت مارين لوبان التي هزمت الأحد 10,6 ملايين ناخب - ونسبة بطالة بلغت 10%.
أحزاب في مهبّ الريح
يبدو أن حالة الانقسام والتشرذم التي سادت الأحزاب الفرنسية طيلة الحملة الانتخابية، ماضية الى التعمّق بعد ظهور نتائج السباق الرئاسي، فالحزب الاشتراكي بدأ إجراءات قد تقود الى طرد رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس الذي أعلن الثلاثاء عن دعمه للرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون، مبديا نيته الترشح عن حركة «الجمهورية إلى الأمام» في الانتخابات التشريعية المقررة في جوان  المقبل. وقال فالس لإذاعة «آر تي إل» إن «الحزب الاشتراكي مات وأصبح من الماضي»، ليكون أول شخصية بارزة تعلن انشقاقها عن الحزب الاشتراكي وتأييدها لماكرون لتمكينه من الفوز بالتشريعيات وبالتالي من الحكم».
والهزة التي يعيشها الاشتراكيون، تعيشها الجبهة الوطنية المتطرفة حيث،  انفرط عقدها وبدأت حباته تتداعى، خاصة بعد أن أعلنت ماريون ماريشال لوبان، ابنة شقيق مارين لوبان، أنها قررت الانسحاب مؤقتا من الحياة السياسية في فرنسا، حسب ما جاء في رسالة وجهتها إلى الصحافة.
وبعد إعلان هزيمة مارين لوبان مساء الأحد الماضي وفوز إيمانويل ماكرون، أقرت ماريون بوجود «خيبة أمل» ودعت إلى التفكير جديا بالإستراتيجية التي اتبعتها مارين لوبان خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.