طباعة هذه الصفحة

المعماري أحمد مربوش لــ“الشعـب “

أشير بالكاف لخضر تحفة معمارية بحاجة إلى تنقيب عميق

المدية: م.أمين عباس

نبه المعماري أحمد مربوش إطار بمديرية الثقافة بولاية المدية، بأنه حان الوقت للعناية أكثر بالموقع الأثري أشير ببلدية الكاف لخضر لكونه “ يبقى شاهدا على إحدى أوائل المدن والعواصم الإسلامية التي أقيمت بالقطر الجزائري كتهرت، سدراتة وقلعة بني حماد ،...” ،.وشدد مربوش، في تصريح خاص للشعب على ضرورة أن يحيط الباحثون والمختصون هذه المعالم وخاصة موقع أشير بدراسات معمقة ومفصلة تسمح بالإطلاع  على مكنوناته والتعرف على خباياه، في انتظار إعادة بعث حفريات مبرمجة، إدراجه للتصنيف وحسن استغلاله في برامج التهيئة التي تمس المنطقة خاصة ذات الوجهة السياحية “.
أضاف مربوش قائلا، إنه لا يمكن إعطاء الموقع  حقه إلا من خلال إشكالية - “ أشير بين الأمس واليوم” -، موضحا أن “ أشير هي تلك البقايا الأثرية وهذا الموقع المصنف كتراث وطني منذ سنة 1968، وهو الشاهد الوحيد على حضارة كانت قائمة بعينها ذات يوم بالمكان الذي يدعى حاضرا الكاف لخضر، وعلى مدينة عامرة ومزدهرة، أسسها حسب ما أجمع عليه المؤرخون سنة 935/936م ، القائد الصنهاجي زيري بن مناد مؤسس الدولة الزيرية”.
وأوضح قائلا “إن هذه الدولة تعتبر” أول عاصمة للزيريين قبل أن ينتقل ملكهم إلى إفريقيا- تونس حاليا-  ويتجزأ ليرحل بهم إلى المعاضيد بالمسيلة وبعدها إلى بجاية، وبناؤها كان نظير جميل قدمه الفارس المقدام الذي بفضله كتب للدولـة الفاطمية أن تبقى بعد أن كاد أبـو يزيد الخارجي أن يقضي عليها وهي لا تزال في مهدها وأن يدمر أهم قلعة من قلاعها وأن يضيق الخناق عليها ألا وهي المهدية ..  فأمر الخليفة الفاطمي وقتها زيري بن مناد أن يختط لنفسه وذويه مدينة، فاختار وهو المعروف بحذاقته وقوة فطنته مكانا لا يزال المختصون والباحثون يدرسون ويتدارسون قوة نجاعته ‘’.
وشكل تاريخ المدينة محور اهتمام علماء مسلمين كثر، كإبن حزم في كتابه السياسة والماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، وكذا ابن الربيع في كتابه سلوك المالك في تدبير الممالك الذي ألفه للخليفة المعتصم بالله العباسي” .
أشار محدثنا بأن هذه المدينة العامرة والمزدهرة “ عرفت تطورا كبيرا خاصة في فترات حكم زيري بن مناد وابنه بولوغين وكذلك المنصور، أي ما بين 936 إلى غاية 996 م، وتطور عمرانها وكثر بناؤها وانتشر ..
وقد لخص ابن خلدون مراحل تطورها، فقال عنها : “أنها شيدت على ثلاثة مراحل : وضع القواعد والأساسات، التحصين، وبناء القصور والحمامات والمساكن”، معتبرا بأن أطلال هذه المدينة صنفها الباحث الجزائري رشيد بورويبة في كتابه المدن المندثرة  “ موزعة اليوم على أربع مناطق كل واحدة منفصلة عن الأخرى”، فالنسبة  للمنطقة الأولى تسمى منزه بنت السلطان، وهو أول الأماكن الذي كان محل اهتمام من طرف الباحث الفرنسي أدريان باربروجر الذي زار المنطقة سنتي 1850-1851 م، التي قال عنها إنها أول مكان اختاره زيري بن مناد لبناء مدينته في حين خالفه آخرون وقالوا إنها كانت قصبة يلجأ لها في حالة الحروب وبها تخزن المؤن، فيما زارها بعد جيل شاباسيار سنة 1869 م، وهو من وضع أول مخطط حول منزه بنت السلطان والذي لا يزال مرجعا إلى يومنا هذا” .
أما المنطقة الثانية وهي الياشير و “التي ترك لنا أيضا شرحا لمعناها الباحث الفرنسي أدريان باربروجر قائلا  إنه اسم باللغة الأمازيغية يعني المخلب لشكل ومناعة المكان الذي تتواجد به هذه المدينة، بهذه المنطقة، حيث يمكننا اليوم أن نشاهد بقايا سور المدينة الذي يبلغ سمكه 2 متر وبقايا أبراج المراقبة بالإضافة إلى مقابر خارج حدودها “ .
والمنطقة الثالثة  “هي قصر زيري الذي يعود الفضل في اكتشافه إلى ليسيان قولفان الذي أجرى عدة حفريات بالمنطقة مابين 1954-1956 م.
تليها المنطقة الرابعة، وهي البنية أي المنطقة الأثرية  .. وتتواجد اليوم بالمركز الحضري لبلدية الكاف لخضر، وهي التي كان يطلق عليها تلمسان نسبة للأوائل الذين سكنوها، وأشهر وصف حولها يعود للنقيب رودي الذي زار المنطقة سنة 1908 وجورج مارسيي”.