طباعة هذه الصفحة

الجزائـر ورشة مفتوحـة علـى التّنميـة الوطنية الشّاملـة

تجسيـــد كل التّعهّـدات المتعلّقة بالمشاريع الكـــــبرى

جمال أوكيلي

السّدود، الطّرق، السّكنات، الجامعات والصّحة

استأنفت الجزائر مسارها التّنموي الشّامل وفق رؤية جديدة منذ أن تولّى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مقاليد السّلطة، وما يزال هذا الخيار ساري المفعول يظهر جليّا في قوانين الميزانية من سنة لأخرى، وبالرّغم من الضّغوطات المالية الناجمة عن تراجع سعر النفط، فإن الولايات والبلديات ورشات مفتوحة على المشاريع الخدماتية والجوارية المتوجّهة إلى المواطن في المقام الأول.

الذين يتساءلون عن مصير ذلك الرّقم من الأموال فيما استعملت، فإنّ الإجابة لا تستدعي أكثر من القول أنّ هؤلاء كانوا غائبين عندما تقرّر إعادة بعث كل المشاريع المتوقّفة التي تمّ توارثها عن مرحلتي الثمانينات والتسعينات، وكم هي عديدة كسد بن هارون الذي كان متروكا ومهملا إلى غاية قرار الرئيس بوتفليقة استكمال أشغال الإنجاز، وهو الآن تحفة ومفخرة للجزائر في مجال الري.
ناهيك عن مطار الجزائر الدولي، الميترو، التراموي، السّكنات، الثانويات، المدارس، الطّرق، تهيئة المحيطات، كل الأموال ذهبت إلى هذه القطاعات.
نقول هذا الكلام، من باب الاعتراف بالمجهود الخارق الذي خصّه رئيس الجمهورية للجزائر العميقة، انتقل إلى أقصى المناطق وأبعد نقطة من أجل تدشين أو إعطاء إشارة انطلاق لمشاريع في شتى القطاعات الحيوية، وهذا في حد ذاته إبداء ذلك الإهتمام الكامل بالتّنمية، والحرص على توفير كل ما يلزم للمواطنين.
هذا التوجه التّنموي ما زال قائما، ويزداد تجذّرا في الميدان، وهذا بفضل السّياسة الاقتصادية الرّشيدة المتّبعة، والتي تعتمد على التحلي بالحذر قصد التحكم في كل التّداعيات النّاجمة عن أي طارئ مثلما حدث مع عائدات النّفط.
لذلك فإنّ هذا المسار لم يتوقّف أبدا بل تدعّم وتعزّز، وهذا من خلال مواصلة العمل في هذا الاتجاه القاضي بفرض منطق الدولة في التكفل بانشغالات المواطنين، ورفع عنهم أي غبن جسّده مخطّط عمل الحكومة الحالي، الذي يعد حقّا بمثابة تجديد العهد مع عملية التّنمية الوطنية في سياق أو ظرف مالي ليس بالسّهل.
لكن بالرغم من ذلك، فإنّ هذا المخطّط يعتبر ردّا واضحا وشافيا على الأصوات التي كانت تراهن على تخلّي الدولة عن هذا الالتزام، والأمر كان عكس ذلك، بدليل أنّه تقرّر رفع التجميد عن بعض المشاريع التي كانت محل تحفّظ فيما سبق، زيادة على أنّ هذا المخطّط لم يعلن أبدا أنّ هناك تراجعا في مجال التنمية، وإنما فتح المجال واسعا أمام كل المبادرات الخيّرة في مجال ترقية حياة الإنسان الجزائري في المناطق الداخلية. وفي هذا الإطار فإنّ السّلطات العمومية اهتدت إلى صيغة الولايات المنتدبة في الجنوب وفي الهضاب، وهذا لاختصار المسافات في التواصل مع الإدارة وتفادي التنقل المتعب بالنسبة للسكان، وتوضيح الأهداف المتوخّاة من الفعل التّنموي.
هذا كلّه يؤكّد مدى الحرص على إضفاء طابع الدولة الاجتماعية في هذه السّيرورة الاقتصادية، وهذا من خلال استحداث ذلك التّوازن بين هذه الثّنائية (الاقتصادي والاجتماعي) بالتحكم في أي تفاوت ناجم عن السّرعة في الميدان، والإبقاء على مهام الدولة في خدمة المواطن خاصة حماية قدرته الشّرائية.
هذا لا يعني التخلي عن التّفاعلات الناجمة عن حركية السوق، من منافسة وحرية الأسعار، المشكل لا يطرح من هذه الزّاوية بل أعمق من ذلك.
ما وجّهه مخطّط عمل الحكومة من رسائل اقتصادية واجتماعية قوية، هو الحضور القوي للدّولة وعدم إبعادها من هذا المسعى واختزال وظيفتها في «التنظيم» فقط، هذا ينطبق على النّظام الرّأسمالي والليبرالية المتوحّشة، التي تريد تقزيم مهمّة الدولة باسم شعارات برّاقة حتى يتسنّى لكل من يرغب في الفراغ التصرف والتحرك في فضاء اللاّقانون، وترك المجال مفتوحا أمام استنزاف العملة الصعبة والاستمرار في النّفقات وتضخيم فاتورة الاستيراد، علما أنّ احتياطي الصّرف هو الآن في سقف ١٠٩ مليار دولار بعدما كان خلال النصف الأول من هذه السنة، أي استنادا إلى شهر ديسمبر ٢٠١٦ وحرصت السّلطات العمومية مؤخّرا على عدم المساس بقيمة ١٠٠ مليار دولار حتى تبقى الصّلابة المالية قائمة.