طباعة هذه الصفحة

مجاهدو القصبة يحيون الحدث

قيم نوفمبر في وجداننا

جمال أوكيلي

استحضر، أمس، مجاهدو القصبة، الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تحرير الجزائر، من استعمار استيطاني وحشي ولا إنساني اعتمد أبشع وسائل القتل، تجاه أبناء هذا الوطن من سياسة الأرض المحروقة، الأسلاك الكهربائية، المحتشدات السجون الإعدامات، الصدمات النفسية الناجمة عن التعذيب.
بالرغم من بلوغهم من السن عتيا فإنهم فضلوا السير على الأقدام من المقر المعروف بالدار الحمراء، مرورا بشارع أول نوفمبر، إلى غاية نقطة التجمع بساحة الشهداء، هنا توقف الجميع في انتظار التحاق البعض من المدعوين، من بينهم رئيس بلدية القصبة السيد ايبعدوين رشيد.
وفي جو من العودة بالذاكرة إلى شريط الثورة، وصناعة النصر، رفع العلم الوطني وسط الزغاريد المدوية لأرامل الشهداء، ومجاهدات، وعائلاتهم أتوا من أجل استلهام قيم نوفمبر وترسيخها في هذا الجيل الجديد، وكم كنا نشتاق هنا إلى رؤية عنصر الشباب موجودا لحمل هذه الأمانة، وتلقي المشعل من هؤلاء، وهذا لإعطاء تلك الصورة الممزوجة مابين الجيلين (الثورة والإستقلال) مضمونها الوفاء والولاء للوطن.
وإن كان هذا النشاط بسيطا في شكله إلا أنه ترجم تلك الاستمرارية وذلك التواصل في حفظ الذاكرة وحماية الموروث الثوري، الذي يعد بمثابة مرجعية بالنسبة لكل الجزائريين الذين وقفوا على همجية الإستعمار ونوبات جنونه في محاولة القضاء على الثورة.
وذكر لنا السيد إيبعدوين رشيد رئيس بلدية القصبة أن هذا اليوم التاريخي الذي نحييه رفقة رجال صناديد وهبوا حياتهم فداء للوطن، يرمز حقا إلى الذاكرة التي نعي بها بقاء الجزائر وفية لشهدائنا الأبرار، ومجاهديها الأخيار، وبهذه المناسبة نستذكر تضحياتهم من أجل الوطن، والدليل على هذا هو وجودنا اليوم مع هؤلاء جنبا إلى جنب كعربون محبة واحترام دائم لهذه الفئة، التي في كل مرة تسعى لأن تكون في مستوى الحدث، من خلال التشديد على إحياء هذه المحطات في موعدها، وهذا التلاحم أفضى إلى إعطاء هذه المناسبات أبعادها الثابتة والأكيدة في نفس الوقت على أن تبقى الجزائر راسخة في وجداننا العميق.
من جهته، دعا المجاهد أحمد بلعمري إلى استلهام العبر من إحيائنا لهذا اليوم العزيز على الجزائريين وهذا خلال إشرافه على مراسم الترحم على أرواح الشهداء إلى جانب رفقاء دربه أمثال المجاهدين عبد القادر عديلة وخزماط بلقاسم، وغيرهم ممن يسعون من أجل أن يكون التنظيم محكما بعيدا عن العفوية، بغية تقليص المتاعب عن المجاهدين الذين يجدون صعوبة في الانتقال من مكان إلى آخر لولا العمل على توفير لهم كل أسباب الراحة.
من جهته، اعتبر المجاهد لياس تماني أن الوفاء لقيم نوفمبر متجذر في ذات المجاهدين ولا نحيد على ذلك أبدا مهما كانت الظروف والدليل على ذلك هو إحياؤنا لهذا الحدث التاريخي بمعية هؤلاء الرجال الأشاوس.
ففي كل مرة تطل علينا مناسبة إلا ونكون عند الموعد ملبين النداء لذلك فلا خيار لنا سوى التمسك بمرجعية أول نوفمبر وما تضمنته من دلالات بناء الدولة الوطنية، وكذلك أرضية الصومام التي قننت للثورة في كيفية إدارة المؤسسات الفتية، زيادة على مراعاة توجهات مفهوم التنمية خلال السبعينيات.