طباعة هذه الصفحة

ملف السكن القنبلة بسكيكدة.. بين الإلتزامات والوعود

مشاريـــــــع جاهـــــــزة تنتظـــــــر التوزيـــــــع والتأخـــــــير يؤجـــــــل فرحـــــــة المستفيديــــــــن

سكيكدة: خالد العيفة

 تحاصر مدينة سكيكدة الأحياء القصديرية من كل جانب، بشكل لافت للانتباه، حيث أحصت المصالح المختصة، في هذا الإطار، أكثر من 26 ألف سكن قصديري، تنامت كالفطريات، في السنوات الأخيرة، سيما، بحي المقبرة المسيحية، حي لوزاط حسين، الماتش، بوعباز، بن حورية وسط المدينة، لاسيسال، الزفزاف، وغيرها بكبريات دوائر الولاية كتمالوس، الحروش، القل، عزابة ومعظم العائلات الشاغلة لهذه الأحياء نازحة، خلال سنوات الجمر، لكنها رفضت العودة رغم استثباب الأمن، ومن الأحياء التي تعود إلى عهد الاستعمار كحي لوزاط حسين.

 من بين الإلتزامات الرسمية الصادرة عن الجهات المكلفة بملف السكن الاجتماعي، أنه سيتم الشروع في توزيع 3 آلاف سكن في الزفزاف من قبل مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري كحصة أولية تقدر بألف سكن توشك أشغالها على الانتهاء، في حي الزفزاف في الضاحية الجنوبية، ويستفيد من هذه الحصة سكان البيوت القصديرية المنتشرة في حي «الماتش» وفي بحيرة الطيور وعدد من سكان المدينة القديمة، الا ان هذا الالتزام ذهب أدراج الرياح، واعتبرت هذه الحصة الأولي من نوعها التي سيشرع في توزيعها منذ عشريتين وتتزامن مع حيوية كبيرة تعرفها الولاية في مجال السكن بأنواعه الثلاثة والموجهة لامتصاص العجز الهائل المزمن للولاية في هذا القطاع، الذي تحوّل على مدار 30 سنة الماضية إلى مشكل اجتماعي يلقي بظلاله على مسار التنمية المحلية.
وتوجد بالولاية مشاريع 63 ألف سكن مدرجة ضمن المخطط الخماسي الأخير مقابل طلبات تفوق مائة وثلاثين ألف سكن مسجلة على مستوى دوائر الولاية، ما يمثل عجزا يقدر 50 في المائة وتفاقمت أزمة السكن خلال الأعوام الأخيرة، جراء تزايد الطلب وقلة العرض وشحّ البرامج المخصصة للولاية خلال الفترة بين 1991 إلى 2011، وتزايد النزوح الريفي نحو مدن الولاية الكبرى إبان العشرية الأخيرة.
وحدّد تاريخ قبل نهاية مارس من السنة الجارية لتوزيع 4750 سكن عمومي إيجاري بدائرة سكيكدة ببلديتي عاصمة الولاية وفلفلة، حسب ما أعلن عنه الوالي الأسبق، الذي أوضح حينها خلال زيارة تفقد خصها لمواقع الزفزاف ومسيون ببلدية سكيكدة وبوزعرورة ببلدية فلفلة أن التوزيع سيتم قريبا بالنظر على أنه لم يبق سوى بعض أشغال التهيئة عبر هذه المواقع، مضيفا بأن هذه السكنات موجهة لفائدة القاطنين حاليا بالأحياء القصديرية والسكنات الهشّة الآيلة للسقوط بوسط مدينة سكيكدة مبرزا بأنه سيتم التوفيق بين هاتين الفئتين، واكد على انه سيتم في هذا الإطار استلام 2250 سكن قبل نهاية جانفي من السنة الجارية من المجموع الإجمالي للسكنات عبر منطقة مسيون التي من المنتظر أن تكون قطبا عمرانيا جديدا حسب ما علم خلال هذه الجولة الميدانية للوالي الذي شدّد بهذا الموقع على المؤسسة الصينية المكلفة بالإنجاز على احترام الآجال التعاقدية لتسليم المشروع مؤكدا أنه لن يتسامح في حال تسجيل أي تأخر، كما انه وبموقع الزفزاف من المتوقع استلام 1500 سكن وذلك قبل نهاية نفس الشهر، فيما سيستلم 1000 سكن بالمدينة الجديدة بوزعرورة ببلدية فلفلة خلال نفس الفترة، بحيث لم يبق سوى أشغال التهيئة حسب ما ورد في الشروح التي قدمت بعين المكان، الا ان كل ذلك لم يتم وبقيت مشاريع التحسين الحضري الشماعة التي علّقت عليها عملية توزيع السكن، مستمرة واستغرقت على ما يبدو مدة أطول من انجاز المشاريع السكنية في حدّ ذاتها.

إجــــــــترار التصريحـــــات
القطرة التي افاضت الكاس كما يقال، هي الهالة الإعلامية التي صاحبت المكلف بملف السكن الاجتماعي على مستوى دائرة سكيكدة، والذي منذ السنة الماضية، وهو يصرح ويقدم تواريخ مختلفة لتوزيع السكن، حيث صرّح رئيس الدائرة خلالها، بأن السلطات المحلية برمجت عملية ترحيل وإعادة إسكان كبرى لفائدة سكان المدينة القديمة والأحياء القصديرية، تنطلق خلال تلك السنة التي مضت، وتستمر تدريجيا على مدى ثلاث سنوات، معتبرا العملية بالهامة في تاريخ المدينة ستبدأ بترحيل سكان أكبر حي قصديري بالمدينة «الماتش» على مراحل وفق العدد المتوفر، وبالتوازي مع ذلك سيتم القيام بعملية مماثلة لفائدة سكان المدينة القديمة، الذين يعيشون ظروف إقامة مزرية داخل سكنات هشة آيلة للسقوط في أية لحظة على غرار حومة الطليان، الأقواس والنابوليتان، موضحا ان ملفات السكن الاجتماعي بلغ عددها 25 ألف ملف، مؤكدا بأن السلطات الولائية أولت اهتماما بالغا لقطاع السكن من خلال البرامج والمشاريع الهامة الجاري إنجازها بمناطق التوسع الجديدة مثل مسيون بوزعرورة، الزفزاف، مشيرا أنه بنهاية سنة 2018 سيتم استكمال جميع البرامج السكنية المقدر عددها بحوالي 23 ألف وحدة سكنية، ومن ثمّة التخلص نهائيا من البنايات الهشّة والأكواخ القصديرية التي طالما شوّهت المنظر العالم للمدينة، والمؤكد اننا في السداسي الثاني من سنة 2017، ولم توزع السكنات، والأكيد حسب وتيرة الأشغال والغموض حتى في الأرقام التي تقدم في كل مناسبة، ان مدينة القصدير، ان يطرأ عليها تغيير.
كان بن حسين اجرأ الولاة الذين تعاقبوا على الولاية بقيامه بتوزيع حصة 600 سكن بمنطقة بوعباز استفاد منها جزء من سكان بوعباز، وبرج حمام التي كانت تنتشر بها البيوت القصديرية، ورغم الصعوبة في تحقيق ذلك كان له ذلك، وحول تلك الأراضي المسترجعة الى مشاريع أخرى سكنية، حاليا تقترب على الانتهاء، واكد حينها على أن تلك السنة جعلت «سنة السكن والإسكان»، في تحدّ ورهان يلوح بإنهاء أزمة السكن بالولاية، سيما وأن البرامج التي تضمها الحظيرة السكنية كفيلة بالقضاء على السكن الهش والفوضوي، ولهذا كان سعيه متواصل من أجل التكفل بملف السكن، بعد أن جعل السنة التي سبقتها مخصصة للمشاريع الكبرى للطرق، وفي هذا الاطار طلب من المسؤولين والقائمين على قطاع السكن إلى صبّ اهتمامهم بوضعية المشاريع السكنية التي كانت من أهم النقاط الدائمة التي يقف عندها في خرجاته الميدانية.
من جانبه قال محمد حجار والي الولاية السابق والذي حوّل الى ولاية النعامة في إطار الحركة الأخيرة التي اجراها رئيس الجمهورية في سلك الولاة، بأنه سيحرص شخصيا على متابعة ملف توزيع السكن الاجتماعي معتبرا القضية قبل كل شيء قضية مصداقية أمام المواطن مثلما قال، وأضاف «سنبذل قصارى جهدنا لتكون عملية التوزيع في شفافية ونزاهة، وسنسهر ونتابع كل كبيرة وصغيرة من أجل أن تذهب السكنات لمستحقيها الحقيقيين».
كما اكد محمد حجار خلال تصريح على هامش الأبواب المفتوحة على البلديات بالنزل البلدي بأن الموعد المحدد سالفا «أي في شهر فيفري وبداية مارس من السنة الجارية» سيحترم لتوزيع السكنات ليطمئن المواطنين وخاصة وموجة الأخبار التي تداولت في الشارع حينها ان عملية التوزيع ستجمد أو تؤجل»، مضيفا تأكيده على احترامه للالتزامات تجاه المواطن، «وهي قضية قبل كل شيء قضية مصداقية مؤسسات الدولة وينبغي الوفاء بها وكل ما في الأمر ـ حسب ذات المسؤول ـ هو الحرص على أن تكون السكنات الموزعة تتوفر على جميع المتطلبات الضرورية ولا يمكن توزيعها بدون تهيئة خارجية»، مجددا تأكيده «بأنه يحرص شخصيا منذ مجيئه على متابعة هذا الملف الذي اعتبره بالحسّاس أنه وسيسهر على أن تجري عملية التوزيع في شفافية ونزاهة واراد من خلال هذه المناسبة أن يطمئن المواطنين وانه سيعمل كل ما في وسعه لأن تذهب السكنات لمستحقيها وتفادي الوقوع في أكبر قدر ممكن في الأخطاء».
وسبق وأن صرح محمد حجار، أنّ عملية توزيع ما يقارب 4400 سكن اجتماعي ستتم مباشرة بعد عيد الفطر المبارك، في ثاني أكبر عملية ستعرفها الولاية، منها أكثر من 3 آلاف وحدة بعاصمة الولاية، التي توجد بها أكبر حصة، حيث ستمسّ كمرحلة أولى، حي صالح بوالكروة المعروف بحي»الماطش» الذي يعدّ من بين أقدم الأحياء القصديرية بسكيكدة، على أن تمتد العملية إلى باقي الأحياء الأخرى، ويبقى ما أعلن عنه الوالي السابق والواقع شيء آخر، وأكثر من ذلك فرغم تعليمة وزارة الداخلية والجماعات المحلية رقم375 / 2017 الموجّهة إلى 14 ولاية منها سكيكدة، التي شدّدت على ضرورة تسليم كلّ السكنات الجاهزة إلى أصحابها في الفترة المحددة ما بين 03 و05 جويلية الجاري، إلاّ أنّ لا شيء تّم لحدّ الآن، لتبقى فرحة المستفيدين من السكن بسكيكدة مؤجّلة إلى حين.

.. علــــــى الأعصـــــاب

بعد تحويل محمد حجار والي الولاية الى ولاية النعامة في إطار الحركة الأخيرة للولاة التي اجراها رئيس الجمهورية، ومرور 04 ولاة في ظرف 10 أشهر، والتصاريح المتناقضة، والوعود المؤجلة، لرئيس الدائرة بخصوص موعد توزيع السكن، شهد حي صالح بوالكروة المعروف باسم حي «الماتش» القصديري بالمدينة، احتجاج قام بهم العشرات من الشباب، حيث أقدموا على قطع الطريق الذي يربط الحي بكلّ المحاور المؤدية إلى باقي أحياء سكيكدة.
وقد أرجع العديد من سكان الحي سبب الاحتجاج، إلى تماطل المسؤولين المكلفين بملف السكن، في برمجة عمليات الترحيل إلى سكنات جديدة، وحسب عدد من المحتجين، فإن الوعود التي تطلق كل حين، التي ما فتئوا يتلقونها من قبل المسؤولين فيما يخص تاريخ ترحيلهم إلى سكنات جديدة، هي القطرة التي أفاضت الكأس، بعد أن ملوا الانتظار وحياة الأكواخ منذ أكثر من 50 سنة، حيث يعيشون داخل سكنات تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة الكريمة.
 للإشارة، يقدّر البرنامج السكني بسكيكدة إلى غاية بداية السنة الجارية، بـ71.341 وحدة سكنية من مختلف الصيغ، منها 29.921 سكن ضمن صيغة السكن العمومي الإيجاري، و5553 سكنا في إطار صيغة السكن الاجتماعي التساهمي الترقوي، و6200 وحدة سكنية ضمن صيغة السكن بصيغة البيع الإيجار، و590 سكن ضمن صيغة السكن الترقوي العمومي، بينما يقدر العدد الإجمالي للسكن الريفي إلى غاية نفس الفترة بـ29.079 وحدة سكنية، أما السكنات المنتهية من نفس الفترة، حسب ما جاء في الحصيلة السنوية لنشاطات مصالح الدولة التي تّم عرضا خلال دورة المجلس الشعبي الولائي الأخيرة، فتقدّر بـ6314 وحدة سكنية، مع توقّع بلوغ 8246 وحدة من مختلف الصيغ، أمّا تلك المنطلقة، حسب نفس المصدر، فتقدّر بـ8359 مسكنا، منها 2180 ضمن صيغة السكن العمومي الإيجاري، و270 وحدة سكنية ضمن صيغة السكن الاجتماعي التساهمي والترقوي المدعم، إضافة إلى 3172 وحدة سكنية ضمن السكن الترقوي، و36 وحدة في إطار صيغة السكن الإلزامي، وفيما يخصّ السكن الريفي توجد 2701 وحدة منطلقة.
كما يوجد على مستوى دوائر ولاية سكيكدة، أكثر من 130 ألف طلب سكن، منها أكثر من 20 ألف طلب الحصول على السكن بعاصمة الولاية لوحدها، التي تبقى تعاني من أزمة سكن خانقة، خاصة وأنّ المدينة القديمة أصبحت تستوعب أكثر مما تتحمّل، حيث ملّ سكان الأحياء القصديرية كالماتش وبحيرة الطيور وبرج أحمام وبوعباز والزفزاف، وحي بن حورية، الانتظار داخل سكنات وأكواخ تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة الكريمة.