طباعة هذه الصفحة

نمط تسيير تجاوزه الزّمن

جمال أوكيلي
12 أوث 2017

شخّص وزير الداخلية والجماعات المحلية والتّهيئة العمرانية السيد نور الدين بدوي واقع التّنمية المحلية بولاية تمنراست خلال اطلّاعه في عين المكان وعن كثب على مدى احترام آجال الانجاز وتسليم المشاريع في الوقت المحدّد.
غير أنّ ما تمّ الوقوف عليه لا يرتقي إلى مستوى تطلّعات الوصاية، فيما يتعلّق بوتيرة العمل المتّفق عليها قصد جعل كل تلك المرافق الخدماتية تشتغل لصالح المواطنين في تلك الولاية، وهم في أمسّ الحاجة إليها دون الذّهاب إلى المناطق الأخرى البعيدة بمئات الكيلومترات أو الانتقال إلى الشّمال.
ولخّص السيد بدوي هذه الوضعية بقوله أنّ أسباب التأخر بيروقراطية، وعدم الجدية وغياب عن الميدان، وهذه الصّفات المذكورة تعود إلى مسؤولية المنتخبين المحليّين، الذين أوصلوا الأمور إلى هذه الحالة.
ونحن على مشارف موعد انتخابي محلي قبل نهاية السنة، وانتهاء عهدة ٥ سنوات بالنسبة للمجالس الشّعبية البلدية، فإنّه للأسف لم يطرأ أي تغيير على البعض من البلديات النّائية في الجنوب نظرا لتعشعش  الذّهنية البيروقراطية لدى البعض من المسيّرين والاداريّين، وهيمنة عقلية «البايلك»، أي لا يوجد من يتابع ويراقب كل ما هو للدولة، وترك الاهمال واللاّمبالاة سيّد الموقف للأسف.
والبيروقراطية هنا لا تعني أوراق معطّلة على مستوى الحالة المدنية، وإنما هناك انسداد في التّعاملات بين الادارات عبر الولاية لأسباب تتعلّق بدفع المستحقّات عند المصالح المعنية، وهذا ما يؤدّي إلى توقيف الأشغال ممّا يعتبر تأخّرا رهيبا على مستوى الولاية يؤثّر تأثيرا مباشرا على التّنمية بمفهومها الشّامل المتوجّهة إلى المواطن.
وانعدام الجدية والغياب عن الميدان هو تحصيل حاصل، عندما تتوقّف المشاريع كل واحد من هؤلاء المنتخبين والمسيّرين ينزوي في ركنه ويقبع في مكتبه المكيف ينتظر حل الإشكال القائم عن طريق التّعليمات التي تأتي من الادارة المركزية في الشّمال، وفي هذه الأثناء يسجّل التخلي عن المشروع لشهور طويلة دون إبلاغ به الجهات المعنية لحلّه فورا.
هذا النّمط في التّسيير أكل عليه الدهر وشرب وتجاوزه الزمن، غير أنّه مازال قائما في جماعاتنا المحلية خاصة تلك التي تشتكي دائما من افتقارها للأموال، وبالرغم من أنّنا في ٢٠١٧ فإنّ ذلك الاقلاع المرجو على المستوى المحلي يفتقد إلى تلك الارادة والحيوية المأمولة في تحقيقه.
أين الاشكال يا ترى؟ من الصعوبة بمكان الاجابة عن هذا السؤال لأن المسؤولية كل المسؤولية تعود إلى الادارة المحلية، كونها تخلّفت عن تلك الأعمال المتعلّقة بالتّكوين في شتى المصالح، وكذلك التكيف مع انطلاقة وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، التي سطّرت برنامجا ثريّا خلال المواعيد القادمة، منها مراجعة البعض من النصوص المسيّرة للقطاع كقانون البلدية والولاية الذي له صلة مباشرة بالمنتخبين المحليّين، وهذا بتصور جديد يأخذ بعين الاعتبار كل التّجارب السّابقة في التّسيير لسد كل تلك الفجوات.
ولم يتوقّف الأمر على مستوى التّشخيص بل أنّ السيد بدوي أشار ألى لجنة وزارية دائمة لمتابعة المشاريع مشكلة من الأمناء العامين لوزارات الداخلية، النقل والأشغال العمومية، الصحة، السكن والبيئة تنسق فيما بينها قصد إعداد أرضية عمل لتحريك كل تلك المشاريع المتأخّرة.