طباعة هذه الصفحة

بن صالح: الجزائر دولة مؤسسات تستمد شرعيتها من إرادة الشعب

المواعيد الانتخابية مؤشر قوي على تجذر الثقافة الديمقراطية

سهام بوعموشة

أكد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، في كلمة ألقاها، أمس، لدى افتتاح الدورة البرلمانية لمجلس الأمة، أن إجراء الانتخابات المحلية في تاريخها المحدد إن دل على شيء فإنما يدل على أن المواعيد الانتخابية أصبحت علامة قوية تجذر الثقافة الديمقراطية، وتبرهن على أن المؤسسات والهيئات الوطنية المنتخبة قد أحرزت مستوى عاليا من التجربة وكرست رصيدا كبيرا في مجال حسن سير العملية الانتخابية.
اعتبر رئيس مجلس الأمة، استدعاء رئيس الجمهورية الهيئة الانتخابية يعد إيذانا بالشروع في عملية الاستعداد لموعد 23 نوفمبر الخاص بتجديد المجالس البلدية والولائية، قائلا: «إننا على يقين هذه المرة من أن الشعب الجزائري الذي سيختار في 23 نوفمبر ممثليه على مستوى المجالس الشعبية البلدية والولائية سوف يحسن اختيار ممثليه من بين القوائم المقدمة من مختلف الأحزاب السياسية ومن ممثلي القوائم الحرة خاصة».
أبرز بن صالح في هذا الشأن، أن السلطات العمومية وفرت هذه المرة كافة شروط وظروف إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الهام، الذي سيحفز المواطن على الذهاب بقوة إلى صناديق الانتخاب والمساهمة في إنجاح العملية وجعلها إضافة قوية في الممارسة الديمقراطية وخطوة أخرى هامة ودالة تثبت للقريب والبعيد أن الجزائر تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد رسخت قدميها في صميم دولة المؤسسات، دولة الحق والقانون ودولة الخيار السيد للشعب.
أعرب بن صالح عن أمله في أن تسود أجواء التنافس الديمقراطي الشريف، وأن يكون هذا التنافس قائما ما بين البرامج والأفكار الكفيلة بدفع التنمية المحلية للأمام عبر اقتراح أساليب تسيير ناجعة لترقية الموارد والثروات الكامنة وتسخيرها لخدمة المواطنات والمواطنين في المدن والقرى والأرياف، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن أعضاء المجلس باعتبارهم كانوا بالماضي أعضاء في المجالس المنتخبة المحلية ستكون لهم هذه المرة مساهمات ايجابية في إبراز مكامن ومصادر خصوصيات المناطق التي ينتمون إليها والاستثمار فيها.
بحسب رئيس مجلس الأمة، فإن هذا يدل على الجدية التي تتعامل بها الدولة في مجال تطبيق النصوص القانونية التي تضعها لتشكيل هيئاتها المنتخبة، وتبرهن بنفس الوقت على صلابة بنائها المؤسساتي المثبت للاستقرار السياسي والمؤسساتي، والذي مافتئ يتعزز بفضل السياسة الحكيمة التي انتهجها رئيس الجمهورية طيلة الفترة، وبفضل سياسة المصالحة الوطنية التي تبناها الشعب بأغلبيته الساحقة، وهو نفس الاستقرار الذي تعزز كذلك بفضل اعتماده الخطط التنموية الطموحة التي حققت نتائج محمودة على كافة الأصعدة.

نعلق آمالا عريضة على اجتماعات الثلاثية القادمة

قال بن صالح: «منطلقين من هذه الرؤية وللأوضاع العامة في البلاد ومدركين لمستوى الوعي الذي تحلى به باستمرار الشركاء الاجتماعيون، فإننا نعلق آمالا عريضة على اجتماعات الثلاثية القادمة، والتي أصبح منهج عملها يشكل طريقة ناجحة وناجعة في توفير الأجواء المساعدة لحل المشاكل المطروحة في الساحة».
أضاف بن صالح، أن تبني مبدأ الحوار ما بين الشركاء هو بالتأكيد الخيار الأسلم والذي يتوجب انتهاجه، كونه يساهم خاصة في تقوية النسيج الاجتماعي في البلاد، ويعزز اللحمة ما بين أبناء الوطن الواحد، مشيرا إلى أن الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية في ذكرى 20 أوت إلى الحكومة والشركاء الاجتماعيين للتجند من أجل رص الصفوف والتضامن، لهي رسالة قوية ذات دلالات عميقة يتوجب على الشركاء الاجتماعيين مع الحكومة الأخذ بها، من أجل التوصل إلى صياغة وثيقة تفاهم من شأنها المساعدة على التغلب على التحديات الكبرى التي تواجه البلاد لكسب معركة التنمية.
قال أيضا: «إننا ندرك صعوبة المرحلة ونعرف تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية على اقتصاد بلادنا، لكننا نعتقد أن هذه الأزمة قابلة للحل متى توفرت النية الحسنة لدى الفاعلين السياسيين والشركاء الاجتماعيين والحكومة، ومتى استعملوا الذكاء والواقعية في معالجة المشاكل المطروحة».
أضاف بن صالح، أن الجزائر اليوم مقدمة على تنظيم الانتخابات المحلية، بعد أن حققت بنجاح استحقاقات دستورية سابقة، هي دولة مؤسسات تستمد شرعيتها من إرادة الشعب، أما شرعية رئاسة هرم الدولة فقد تم الحسم فيها في انتخاباتها الرئاسية لسنة 2014، مؤكدا أن صحة الرئيس بخير وهو يمارس صلاحياته الدستورية عاديا، وأن ما هو مطلوب في هذا الظرف تحديدا هو الالتفاف حوله للدفاع عن الشرعية الدستورية وتثبيت الوحدة الوطنية وتعزيز البناء المؤسساتي وتقوية أركانه والانصراف نحو معالجة المشاكل الحقيقية للبلاد والمتمثلة في تحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة التحديات الأمنية والاهتمام بقضايا المواطن الاجتماعية الأساسية.
على صعيد آخر، قال رئيس مجلس الأمة إنه في المدة الأخيرة توالت مواقف وممارسات صادرة من الخارج تروج لها أطراف في الداخل في سياق حملة إعلامية وسياسية ممنهجة ومغرضة تغذيها أوساط معروفة، تظهر مرة أخرى عن سوء نية تلك الجهات التي دأبت على اتباعها بالماضي منظمات غير حكومية وأوساط إعلامية وسياسية معروفة بعدائها للجزائر، جهات تروج لأفكار مغرضة في الداخل والخارج متحججة بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير مرة، وبحرية المعتقد والممارسة الدينية مرة أخرى.
أبرز في هذا الإطار، وعي الجزائر لدورها والثابتة في مواقفها المكرسة في نصوصها القانونية الأساسية، على الرغم من كل ما يقال عنها هنا وهناك، لا تعطي أهمية كبيرة لهذه الأقاويل، لأنها منافية للحقيقة ولأنها متأكدة من سداد مواقفها وصحة توجهاتها، مضيفا أن الحملة العدائية الخارجية التي تطالب بتفعيل أحكام محددة من الدستور ترمي للترويج لتأويلات خاطئة صادرة عن أشخاص لديهم أفكار نابعة من رغبات ذاتية غير بريئة.
بحسب بن صالح، فإن عودة هذه النغمة المستهلكة في التعاطي السياسي، والمنطلقة من تحاليل مغالطة للحقيقة تخل بمصداقية الأداء السياسي لأصحابها وتفتقد للنزاهة والفهم الصحيح لمضمون الدستور، وتتنافى مع المسار الديمقراطي التعددي الهادف لترسيخ النظام الجمهوري وتثبيت شرعية المؤسسات، يجعل من تلك التخريجات نشازا غير مقبول قانونيا ومرفوض قضائيا، على حد تعبيره.

التسلح باليقظة لإحباط المناورات التي تحاك ضدنا
وخلص رئيس مجلس الأمة للقول، إنه لمواجهة مثل هذه الحملات علينا التسلح بالوعي واليقظة لإحباط كافة المناورات التي تحاك ضد بلادنا، من خلال توحيد الصفوف وتعزيز الوحدة ما بين أبناء الشعب الجزائري على اختلاف أطيافه السياسية، موجها تحية لكل الذين يعملون على إبقاء الجزائر واقفة وموحدة من شباب وإطارات في الدولة وعمال وعاملات وقوات الجيش الوطني الشعبي وكافة أسلاك الأمن، لما يقومون به من عمل جاد ومخلص من أجل توفير الأمن والأمان في ربوع الوطن وسهرهم على تحقيق التنمية الضامنة لتقدم ورفاه أبناء الشعب الجزائري.