طباعة هذه الصفحة

رغــم إنتاجهـا أزيـد مـن 40٪ مــن المحصـول علـى المستوى الوطنــي

شعبة العنب ببومرداس رهينة السماسرة والمستهلك يدفع ثمن التّلاعبات

بومرداس: ز. كمال

رغم ما تمثله شعبة إنتاج عنب المائدة من محصول سنوي يفوق  مليوني قنطار، أي بنسبة 45٪ من مجموع الإنتاج الوطني، إلا أن أسعار هذه الفاكهة الموسمية تشهد، كغيرها من المواد الأخرى، بما فيها المستوردة، ارتفاعا كبيرا في الأسواق المحلية ومختلف نقاط البيع ببلديات بومرداس مقارنة مع السنوات السابقة، في ظل هيمنة السماسرة على النشاط وقصر يد مديرية التجارة.
على بساط أخضر يغطي نسبة 38٪ من مجموع المساحات الفلاحية الصالحة الزراعة المقدرة بـ٥. ٦٥ ألف هكتار، تنتشر مساحات واسعة لأشجار الكروم أو عنب المائدة أغلبها مترامية على ضفتي وادي يسر ووادي سيباو بالبلديات الشرقية، أبرزها بلديات لقاطة، سيدي داود، بن شود وبغلية، حيث شكّلت في السنوات الأخيرة هذه الشعبة أحد أهم المقومات الفلاحية بولاية بومرداسر بالنظر إلى أهميتها كنشاط منتج ومربح استقطب عشرات الفلاحين والمستثمرين الذين لجأوا إلى استصلاح الأراضي وحتى تغيير نشاط بعض المساحات والمستثمرات التي كانت فيما مضى مخصصة لزراعة الحبوب وبعض الأشجار المثمرة.
بالنظر إلى كمية المنتوج المقدم سنويا من طرف هذه الشعبة، التي تزيد على مليوني قنطار، ٩٩٪ منه موجه للاستهلاك المباشر، بسبب غياب الوحدات الصناعية المتخصصة في الصناعات الغذائية التحويلية بالولاية، لم تساهم هذه الكمية المعتبرة في تقليص حجم الطلب المحلي على الأقل وعرض منتوج في متناول الجميع، حيث تشهد أسعار عنب المائدة ارتفاعا كبيرا، لا فرق بينها وبين ما هو موجود في باقي نقاط البيع الأخرى خارج الولاية، إذ يتراوح ما بين 100 دينار بالنسبة للنوعية الرديئة و300 دينار بالنسبة لبعض الأنواع المعروفة بجودتها مثل “راد قلوب” و«موسكة” وحتى”صابال” المهيمن على المحصول، وبالتالي تجاوز سعره سعر الموز والتفاح المستوردين.
 أسواق ظرفية وغياب الرّقابة
 أرجع بعض الفلاحين والمختصين في النشاط التجاري لهذه الشعبة أسباب هذه الوضعية، “إلى حالة الفوضى التي يعرفها قطاع الفلاحة وعملية التسويق التي يتكفل بها الفلاح المنتج والسماسرة الموسميون المتحكم،ن في مختلف المنتجات الفلاحية الأساسية، الذين يبيعون ويشترون خارج كل الأطر القانونية ورقابة مصالح مديرية التجارة. فبمجرد بداية نضج المحصول منتصف شهر أوت، حتى تبدأ قوافل الشاحنات والمركبات المتنقلة تطوف حقول العنب وبعض النقاط المعروفة في مجال التسويق من أجل البزنسة وشراء عشرات الحقول بأكملها مباشرة من الفلاحين، ثم تركها متكدسة إلى غاية ارتفاع الأسعار أو تسويقها بأثمان مضاعفة إلى الولايات الداخلية”.
وقد ساهمت هذه الوضعية التي تعيشها شعبة عنب المائدة في ازدهار تجارة السماسرة على حساب حقوق الفلاحين، الذين فقدوا كثيرا من حقوقهم نتيجة اضطرارهم لبيع محصولهم سريعا خوفا من الخسائر الناجمة عن التقلبات الجوية وارتفاع درجة الحرارة رغم التكاليف الباهظة للأدوية، السقي الفلاحي وعتاد العمل ونفس الشيء بالنسبة للمستهلك الذي يدفع ثمن تعفّن نشاط هذه الشعبة التي لا تساهم في ترقية الاقتصاد المحلي ودعم النشاط الضريبي للبلديات، بقدر ما ساهمت في انتفاخ جيوب المضاربين من التجار الذين لا حديث لهم إلا عن المليارات واقتناء أفخر ماركات السيارات بدون رقيب ومنهم شباب مراهقون فضلوا السمسرة على الدراسة.
 ”أولاد خـــداش”... فضاء يجمع الشّركاء واليد العاملــة
 قد يتفاجأ المار عبر الطريق الوطني رقم 25 الرابط بين دلس وتيزي وزو بتجمع عشرات العمال من شباب وكهول وحتى أطفال وتلاميذ وطلبة جامعيين تأخروا ظرفيا عن مقاعد الدراسة لجني المال، متجمعين في منطقة “أولاد خداش” التابعة إداريا لبلدية بن شود المعروفة وطنيا، وهم يحدّقون في الشاحنات والمركبات القادمة للمنطقة، لوحات ترقيمها من مختلف ولايات الوطن، للحصول على فرصة عمل في جني المحصول براتب جزافي يصل إلى 1500 دينار عن كل 30 كيسا من العنب، وأحيانا بأسعار مضاعفة حسب الوضعية والظروف الطبيعية، مثلما كشف عنه لـ “الشعب” بعض الشباب الذين ينشطون في مثل هذه المناسبات، منهم حتى عمال يعملون بالمناوبة أو أعوان حراسة ليلية. وهنا يبقى التساؤل مطروحا حول من يتحكم في هذه اليد العاملة الموسمية المستغلة من طرف السماسرة، بعيدا عن كل أشكال الرقابة والمتابعة، وكذا طبيعة هذه التعاملات التجارية التي تجري على أرصفة الطرق وفي المقاهي بعدما أنهكت الاقتصاد الوطني وغذت التجارة الموازية.
هي أيضا فصول من خبايا شعبة فلاحية رئيسية بولاية بومرداس تنشط خارج التأطير، حتى لا نقول القانون، بمساحة تزيد عن النصف من المساحة الصالحة للزراعة، لكنها من مقياس الريع والرسم على النشاط لا تقدم حتى فلسا واحدا للخزينة العمومية، إذا اعتبرنا أن أغلب الفلاحين في هذه الشعبة، إن لم نقل كلهم، برقم لا يتعدى 10 فلاحين مزارعين مؤمّنين عن نشاطهم في صندوق التعاون الفلاحي، بحسب مصادر من الصندوق تحدثت لـ “الشعب”، في حين يبقى التجار وبعبارة أصح السماسرة ينشطون بسجل تجاري عادي في أغلب الحالات ونسبة أكبر لا يملكونه أصلا، ليبقى المواطن المستهلك هو من يدفع فاتورة هذه السلسلة التجارية المعقدة كغيرها من باقي الشعب الأخرى المتخصصة في إنتاج الخضروات ومادة البطاطا.