طباعة هذه الصفحة

الجزائر تحتفل بيوم الدبلوماسية

ثبات على عقيدة السياسة الخارجية رغم المتغيرات الدولية

المركز الدولي للمؤتمرات: حمزة محصول

 دعم للقضايا العادلة.. ومساهمة فاعلة في صناعة السلم الدولي
 مرجعية في مكافحة الإرهاب والمصالحة الوطنية

جددت الجزائر تمسكها بالعقيدة التي تحكم سياستها الخارجية رغم المتغيرات الدولية والإقليمية، وأكدت دعمها للقضايا العادلة وحقوق الشعوب في تقرير المصير وتصفية الاستعمار من القارة الإفريقية، وشددت في الوقت ذاته على صياغة استراتيجية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف.
احتضن المركز الدولي للمؤتمرات، عبد اللطيف رحال، احتفالية “يوم الدبلوماسية” المصادف لذكرى رفع العلم الوطني على مبنى الأمم المتحدة في 08 أكتوبر 1962، من قبل الرئيس الراحل أحمد بن بلة.
وربطت وزارة الشؤون الخارجية، باختيارها لمكان إحياء الحدث السنوي، بين رمزية الصرح الحضاري كمركز إشعاع لمكانة البلاد إقليميا ودوليا في الظروف الحالية المتقلبة وبين تاريخ حافل للدبلوماسية الجزائرية كركيزة دعم للكفاح المسلح أثناء الثورة التحريرية ومنبر لتكريس السلم والأمن الدوليين.
واستحضر وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، في كلمته بالمناسبة، أبرز محطات الدبلوماسية الجزائرية، مؤكدا أن “ثورة نوفمبر المجيدة أسست العمل الدبلوماسي، وكانت مصدر إلهام للإخوة الذين قادهم نضالهم الوطني لخوض معترك العمل الدبلوماسي من قمة باندونغ إلى مفاوضات إيفيان”.
وقال مساهل إن “مرجعية الدبلوماسيين الثوريين، كانت حب الوطن وإيمانهم بعدالة قضيتهم وقيمهم السامية التي رافعوا عنها واسمعوا من خلالها صوت الجزائر في مختلف مناطق المعمورة”، خاصا بالذكر، حسين آيت أحمد، كريم بلقاسم، محمد يزيد، الطيب بولحروف وسعد دحلب ولمين دباغين.
محطات مضيئة
وذكر وزير الخارجية، بأبرز منجزات الدبلوماسية الجزائرية، “كاحتضان القمة الرابعة لحركة عدم الانحياز في سبتمبر 1973 التي أحدثت نقلة نوعية في كفاح الدول النامية، ووضعت المفاهيم الأولية لتأسيس نظام اقتصادي عالمي عادل يراعي مصالحها”.
وأشار إلى نجاحها سنة 1974، عندما ترأس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة آنذاك الدورة الـ29 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في اتخاذ قرارين تاريخيين “إعطاء الرئيس الراحل ياسر عرفات الفرصة لمخاطبة قادة العالم من منبر الهيئة الأممية وطرد ممثل الأبرتايد بسبب ممارسته للتمييز العنصري”.
وأكد الوزير، ارتباط الجزائر “بالمساعي السلمية والجهود الرامية لتكريس السلم ومعالجة الأزمات عبر الحوار في ظل احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وتابع قائلا “هذا الأمر مكنها من تبوأ مكانة مرموقة في المجتمع الدولي وجعل من الوساطات التي قادتها تكلل بنجاحات دونها التاريخ”، ذاكرا “ فض النزاع الحدودي بين العراق وإيران سنة 1975 وإنهاء أزمة الرهائن الأمريكيين سنة 1981، ووضع حد للنزاع بين اثيوبيا واريتيريا سنة 2000، وكذا اتفاق السلم بين أطراف النزاع في مالي”.
وأوضح مساهل، أن مجال عمل الدبلوماسية الجزائرية لم يقتصر على قضايا السلم والأمن، حيث ساهمت “وبدور رائد في إعادة بعث نهضة القارة الإفريقية من خلال المبادرة الجديدة للشراكة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) التي جاء بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبعض من زملائه”.
وقال أن القارة الإفريقية تختلف حاليا عما كانت عليه قبل عقدين من الزمن، سواء في زيادة نسبة النمو أو دمقرطة الحياة السياسية والحكم الراشد وحل النزاعات.
استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب
وجدد عبد القادر مساهل، في كلمته، مطلب الجزائر بشأن “وضع استراتيجية دولية شاملة لمحاربة ظاهرة الإرهاب وتفكيك شبكات دعمها اللوجيستي وتجفيف مصادر تمويلها”.
وذكر الوزير بمعاناة الجزائر من الإرهاب “أمام صمت ولامبالاة المجتمع الدولي، واستطاعت بفضل حكمة رئيسها وصمود شعبها ومؤسساتها العسكرية والأمنية في التغلب على الآفة”، مضيفا أن “العالم لم يكن يدرك خطورة الظاهرة على السلم والأمن الدوليين”.
وأكد امتلاك البلاد لتجربة رائدة جعلتها مرجعا دوليا محوريا في مكافحة الإرهاب ومثالا يحتذى به في ميدان المصالحة الوطنية، مشيرا إلى القفزة النوعية التي عرفها العمل الدبلوماسي منذ سنة 1999.
وقال إن الرئيس بوتفليقة استطاع ترسيخ المبادئ التي بنيت عليها الدبلوماسية الجزائرية، بعدما “انتهج سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية التي فكت ألغام الوضع الداخلي، ووضعت البلد على طريق الوئام الاجتماعي والتنمية الاقتصادية”.
هذه السياسة، بحسب الوزير، عززت مكاسب الجزائر ودوى صوت دبلوماسيتها من جديد في المحافل الدولية، واسترجعت مكانتها كشريك موثوق به في معالجة كل القضايا الدولية والإقليمية.
دعم القضايا العادلة
في سياق حديثه عن دعم البلاد للعديد من قضايا التحرر خاصة في القارة الإفريقية، أكد الوزير “دعم الجزائر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في التحرر وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس”.
وأفاد بمواصلة جهود تصفية الاستعمار من آخر منطقة في إفريقيا من خلال دعم حق الشعب الصحراوي المشروع في تقرير مصيره عبر استفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة طبقا للشرعية الدولية واللوائح الأممية ذات الصلة.
حل الأزمة الليبية سلميا
وبشأن الأزمة السياسة والأمنية التي تمر بها الجارة ليبيا، أكد مساهل دعم الجزائر لجهود الأمم المتحدة من أجل حل سياسي دائم يحفظ وحدة البلد وسلامته الترابية وانسجام شعبه.
وأكد أن الجزائر لم تدخر أي جهد منذ اندلاع الأزمة من أجل التوصل إلى حل سياسي عبر الحوار الشامل والمصالحة والوطنية ومرافقة الليبيين من خلال عديد الزيارات التي أدتها مختلف الأطراف الليبية إلى الجزائر أو زيارته (مساهل)، إلى مدن الشرق والغرب والجنوب الليبي بتوجيه من الرئيس بوتفليقة.
وزار مساهل الربيع الماضي مدن البيضاء، بنغازي، الزنتان، مصراتة، طرابلس، غات وغدامس.
شهداء الدبلوماسية
وخصص وزير الشؤون الخارجية، حيزا معتبرا في كلمته، للدبلوماسيين الجزائريين الذين دفعوا حياتهم أثناء تأدية مهامهم النبيلة، مشددا على أنهم “كانوا مثالا للوطنية والكفاءة والتفاني في أداء الواجب”.
واستحضر مساهل بتأثر ذكرى بعض الدبلوماسيين اللامعين، على غرار وزير الخارجية الراحل محمد الصديق بن يحيى ورفاقه أحمد بغلي، سعد الدين بن ونيش، محند لونيس وعبد القادر بلعزوق أثناء سعيهم لحل النزاع بين العراق وإيران.
وحيا أرواح كل من بلعروسي علي وعز الدين بلقاضي اللذين قضيا في العراق، وتواتي الطاهر وبوعلام سايس في مالي الذين اغتالتهم يد الإرهاب انتقاما من مواقف الجزائر ودورها في إفشال مخططات المجموعات الإرهابية وعدم الرضوخ لمطالبها.
وترحم الوزير على عمداء الدبلوماسية الجزائرية، الذين شاركوا في معركتي التحرير والبناء وتركوا بصمات خالدة على غرار، رضا مالك، عبد اللطيف رحال، بوعلام بسايح، اسماعيل حمداني عبد القادر الحاج عزوط، عبد الحميد عجالي، نور الدين حربي، لمين علوان وعمور بن غزال.
يذكر أن احتفالية “يوم الدبلوماسية”، عرفت حضور أعضاء الطاقم الحكومي، وممثلي السلك الدبلوماسي الأجنبي، وعدد من الإطارات، وافتتحت بشريط مصور لعمداء الدبلوماسية الجزائرية، كما نظم معرض صور للشخصيات التي حرصت على تنفيذ مبادئ السياسة الخارجية للبلاد.
اعتذار الأمم المتحدة
أكد وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، نشر مصلحة الصحافة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لتقارير خاطئة حول الصحراء الغربية، بـ«السابقة الخطيرة جدا”.
واعتبر مساهل على هامش الاحتفال بمناسبة يوم الدبلوماسية الجزائرية، أن التلاعب الذي وقع في مصلحة الصحافة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، يؤثر على “مصداقية الأمم المتحدة”، مضيفا “نسب كلام لمتدخل قبل تدخله شيء عجيب”.
وأضاف الوزير، أن الأمانة العامة للهيئة الأممية “قدمت اعتذارها وأمرت بفتح تحقيق في القضية ونحن ننتظر نتائج هذا التحقيق”.
وكانت مصلحة الصحافة التابعة للمنظمة الأممية نشرت تقارير خاطئة حول الصحراء الغربية نسبت إلى موقعين على عريضة حول الصحراء الغربية.
وعقب طلب اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار لمنظمة الأمم المتحدة بنشر مذكرة حول التصريحات المحرفة، قدمت ممثلة أمانة منظمة الأمم المتحدة اعتذارها للجزائر، مشيرة إلى أنه تم بالفعل تصحيح البيانات الصحفية المعنية.

الجزائر بلد آمن

كذب الوزير عبد القادر مساهل، كل الأخبار المتدوالة بشأن رفض الجزائر منح التأشيرة للسياح الأجانب وقال “نحن بلد آمن وصنفنا من قبل أحد المراكز الدولية في المرتبة الثالثة عالميا من حيث الأمن”.
وأضاف “أنه طلب من وزير السياحة فتح تحقيق بشأن الأخبار المغلوطة عن التأشيرات”، مؤكدا ترحيب الجزائر بالسياح الاجانب لزيارة مختلف مناطق الوطن.
في سياق آخر، أكد وزير الشؤون الخارجية، أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بات ضروريا أكثر من أي وقت مضى، وقال إن دمشق تغلبت وستتغلب على معركة الإرهاب وسيجعل تجربتها مفيدة لعدد من الدول العربية.