طباعة هذه الصفحة

الفعالية في التّسيير المحلي

جمال أوكيلي
01 ديسمبر 2017

يشرع ابتداءً من هذا الأسبوع في تنصيب روساء المجالس الشّعبية البلدية، الذين فازوا بأغلبية المقاعد خلال انتخابات ٢٣ نوفمبر الأخيرة، وهذا بعد أكثر من أسبوع من إعلان النّتائج من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتّهيئة العمرانية قصد البدء في عهدة جديدة المقدّرة بـ ٥ سنوات، وتطبيق ما التزم به هؤلاء خلال حملاتهم الانتخابية، من وعود ينتظر كل من منحهم الثّقة أن يكونوا في مستوى الآمال المعلّقة عليهم، في إعادة الاعتبار لهذه المؤسّسات من ناحية مفهوم التّسيير النّاجع.
وينتظر الوافدون الجدد على هذه المجالس مهاما ليست بالهيئة كما يعتقد البعض بل أنّ الفترة القادمة ستكون ثريّة من حيث العمل النّوعي المطلوب من أجل الارتقاء إلى التّطلّعات المأمولة وفق الخطاب الجديد في هذا السّياق.
ولا يطلب من البلدية أكثر ممّا منحها القانون من صلاحيات، حتى لا تتحوّل إلى “شيء آخر” لا يمكن التحكم فيه إذا أضفنا لها نشاطات ثانية هي في غنى عنها نظرا للتّسمية التي تحملها، أي أنّها تبقى في إطارها التّشريعي والخط الذي رسمه الأوّلون في نهاية الستينات. وبالرّغم من التحولات الجذرية التي طرأت منذ ذلك التّاريخ إلى يومنا هذا، فإنّ البلدية سارت على هذا المنوال طيلة عشريات من الزّمن، كان العمل بها بالقلم واليوم بالإعلام الآلي (الرّقمنة)، أي نقلة نوعية في الموارد المادية والبشرية.
وما هو مطروح على البلديات مسايرة الحركية الاقتصادية على أن تكون كيانات قادرة على التّكيف مع المستجدّات الرّاهنة، من خلال إرساء قواعد عمل جديدة، تسمح حقا بتثمين أملاكها على الأقل واستغلال امكانياتها حسب نظرة تجارية بمعنى دخول مجال المنافسة في إدارة شؤونها باتجاه مداخيل جديدة لتعزيز أدائها في الميدان، وتغطّي كل مصاريفها بدون العودة في كل مرّة إلى السّلطات العمومية.
هذه العيّنة المذكورة هي الشّغل الشّاغل لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية التي ما فتئت تدعو هذه المجالس إلى الانتقال إلى مواقع تسيير غير التي هي عليها الآن، أي البحث عن مصادر دخل في متناولها، يكفي فقط التحلي بروح المبادرة. وفي هذا السياق فإنّ ما تحصّلت عليه البعض من الولايات السّاحلية من موارد كان معتبرا إجراء كراء الشّواطئ، أثار ارتياح المنتخبين وحتى المسؤولين، وهناك فرص أخرى متاحة لدعم البلديات مستقبلا إذا ما نظرنا إلى ما تحوز عليه من قدرات هائلة.
وعلى المجالس المحلية الجديدة، أن تتفاعل مع هذه السياسة المتبعة من قبل الوصاية، في مرافقة المنتخبين من كل النّواحي خاصة التّكوين في تخصّصات معقّدة كالجباية المحلية، الصّفقات، التّسويق، الاتصال، والتكنولوجيات. هذا لا يعني إخراج البلدية عن مهامها المنصوص عليها بل أنّ متطلّبات المرحلة تستدعي ذلك.
والقوائم الجديدة الفائزة في حاجة ماسّة إلى من يرافقها في هذا المسار المحلي، خاصة من ناحية التّسيير لتفادي أي اختلال يذكر عند توزيع المهام، وتكليف هؤلاء الأعضاء بالإشراف على قطاع معين ليس من السّهل القيام به، إن لم تكن هناك مساعدة. وفي هذا الصّدد يرى منتخبون سابقون بأنّ المجالس القادمة تحتاج إلى خبرة من أدار قطاعات معيّنة، لمساعدتهم في استمرارية وديمومة الخدمة في هذه المصالح، وعدم تعطيل أي مسعى في هذا الشّأن. وبالتّأكيد فإنّ متصدّري القوائم الذين فازوا يدركون جيدا هذا الأمر، ويبدون استعدادا للعمل في هذا الإطار لكن بعد عملية فرز دقيقة حتى لا يجتروا الإخفاق الذي سبق لأنّ الأمر ليس بهذه السّهولة انطلاقا من مضمون القاعدة الذّهبية القائلة: “أصعب شيء بدايته”.