طباعة هذه الصفحة

رئيسة جمعية ترقية الشباب الثقافية سامية غضبان تؤكد لـ«الشعب»:

السرقات الأدبية في الفضاء الافتراضي فيروس قاتل يجب استئصاله

باتنة: لموشي حمزة

تعود في كل مرة قضية السرقات الأدبية إلى الواجهة، وتصبح موضوع سجال بين النخب بالجزائر والعالم العربي، خاصة في الأوساط الجامعية التي تضررت كثيرا من هاته الظاهرة الخطيرة، حيث يشتكي أغلب الأستاذة بجامعة باتنة مثلا من سرقات تطال أبحاثهم ومداخلاتهم خاصة على الشبكة العنكبوتية التي لم يعد مع قوتها وطفرتها التحكم في كل ما يبث وينشر.
حاولت «الشعب» خلال إجراء هذا الاستطلاع البحث عن بعض ضحايا السرقات الفكرية والأدبية والثقافية بصفة عامة، غير أن التحفظ كثيرا في الحديث عن الموضوع رغم حساسيته كان حاضرا بقوة لدى أغلب من تحدثنا عليهم وإن شرحوا لنا الظاهرة واشتكوا منها إلا أنهم يرفضون «فضح لصوص الأدب»، لاعتبارات اجتماعية محضة وخوفا من المتابعات القضائية وتأثيرها على سمعتهم رغم أنهم هم من تضرروا من السرقة وليسوا سوى ضحايا فقط.

ضحايا السرقات الأدبية يرفضون اللجوء إلى القضاء بسبب الهاجس الاجتماعي
كشفت مصادر من مجلس قضاء باتنة، عدم تسجيلها لقضايا سرقات أدبية إلكترونية رغم أهمية هاته الجريمة وخطورتها، حيث أرجعت مصادرنا الأمر إلى «نقص الوعي» و»الطابوالاجتماعي» للموضوع، الذي أصبح ظاهرة في وقت تغيب فيه الرقابة والمتابعة، وترى سامية غضبان رئيسة جمعية «ترقية الشباب الثقافية» بولاية باتنة، أن السرقات الأدبية ترجع بالأساس إلى غياب الحقوق الفكرية وحمايتها خاصة المثقفين الذين يفضلون الانترنيت لنشر أفكارهم وأرائهم في عديد القضايا الراهنة أو حتى عرض ملخصات لأعمالهم معتقدين عن حسن نية أن هذا الفضاء الإلكتروني أكثر قدرة على نقل أفكارهم وإتاحتها لأكبر قدر ممكن من الجمهور، لذلك تجدهم يلجؤن ـ حسب رئيسة جمعية ترقية الشباب الثقافية - للنشر الإلكتروني هروبا من معايير القبول والرفض التي تفرضها عليهم بعض المؤسسات المختصة في الشأن الثقافي على غرار الجرائد أوالمجلات الثقافية.
كما ترجع ضيفة جريدة «الشعب» سامية  السرقات الأدبية والفكرية على شبكة الإنترنيت إلى البحث عن الأضواء والشهرة، والنجومية أو حتى الحصول على مبالغ مالية معتبرة، من خلال المشاركة في مختلف المسابقات الثقافية والفكرية التي تنظمها الجزائر وغيرها من الدول والتي تسيل لعاب لصوص الأدب، لاسيما أن كثيرا من الكتّاب خاصة المبتدئين منهم والجدد يعيشون ظروفا اجتماعية ليست مريحة تدفعهم إلى إتباع هذا الطريق السهل لجني الأموال وتحقيق الشهرة.
وهناك سبب آخر نجده عند الباحثين في الجامعات خاصة أولائك المقبلون على مناقشة أطروحات الدكتوراه أو مذكرات الماستر مثلا أو الذين ينتظرون ترقيات في التخصص أو التدرج من خلال سرقة مجهود غيرهم واستغلاله لصالحهم، إضافة إلى أن هناك الكثير من الباحثين الذين يتقنون بعض اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية وغيرها فتجدهم حسب السيدة غضبان يترجمون كتبا من لغات أخرى ويغيرون فيها بعض الشيء المتعلق ببحثهم ويتلاءم مع طبيعة تخصصهم أوالمنطقة التي يعيشون فيها أوالتي تتعلّق بموضوع البحث ثم ينسبونها لأنفسهم.

السعي وراء الشهرة والمال دافع رئيس للسرقة الفكرية
وفي هذا الصدد، فترى محدثتنا أنه لا حرج من اقتباس فكرة أو رأي أو نقل موضوع معين لفائدة رواية أو بحث أو غير ذلك، ولكن لا بد من الحفاظ على الأمانة العليمة الأدبية ونسب الموضوع أو الفكرة لصاحبها الأصلي، وهذه ليست سرقة بل السرقة الفكرية بالمفهوم العام هي اقتباس أو نقل منتوج علمي، إعلامي، أدبي، أو ثقافي من شخص إلى آخر بدون ذكر صاحب الملكية خاصة مع توفّر وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وتوضح غضبان أن الخطير في هذه الظاهرة تجاوزها لكل المألوف فبعدما كانت إلى وقت ليس بالبعيد تقتصر على سرقة مفردات أو فقرات تحوّلت إلى سرقة مؤلفات وفصول وروايات بكاملها لم يتم فيها مراعاة أي قانون أخلاقي أو وازع ديني، فتراهم حسب محدثتنا يمازجون بين العديد من المذكرات مثلا من أجل تفادي كشف أمرهم، بالنسبة للبحوث الجامعية وبالتالي أصبحت العديد من المواضيع تعاد كل سنة، ونفس الشيء بالنسبة للرواية والمسرح والأدب وحتى الديكور وغيرها كثير في قطاع الثقافة على شبكة الانترنت.
كما رافعت محدثتنا عن دور الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة «أوندا» في هذا الشأن والذي يبق ـ حسبها ـ رغم مجهوداته الجبارة نسبيا وغير قادر على مواجهة الاختراقات التكنولوجية في مجال السرقات الأدبية في الفضاء الافتراضي، حيث يعمل ـ حسبها - على حماية كل منتوج يصله من الكتابات الأدبية، ويضمن لصاحبه كيفية الحفاظ على ملكيته الفكرية، غير أنه ليس مسؤولا عن ما لا يصله وبالتالي فأغلب السرقات الأدبية يكون أصحابها إعلاميون ومفكرون لأنهم لا يسجلون ذلك في ديوان حقوق المؤلف.  وتختم محدثتنا لقاءنا معها بالتأسف على الغريب في مرض وفيروس السرقات الأدبية بالجزائر يوجد في مجتمع ثقافي، فبغض النظر عن المعالجة القانونية للسرقات الفكرية لا يوجد للمثقفين والكُتًاب ـ حسبها- موقف موحد وصارم للتصدي ومواجهة الظاهرة.