طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

مقاربة الفرز

جمال أوكيلي
04 ديسمبر 2017

ما هي وضعية ما يعرف بالمقاولاتية الشبانية على ضوء التصريحات الأخيرة، التي أشارت صراحة إلى تخبّطها في تجاذبات مع المؤسسات المالية التي منحت لها القروض لتمويل المشاريع في هذا الشأن؟.
إستنادا إلى هذه المعاينة نحاول من خلال مراسلينا عبر الولايات الاطلاع على عدد من النماذج الحاضرة في الميدان والناشطة في هذا المجال عقب الرقم الهائل الصادر عن الجهات المتبعة لمسار هذه «التجارب» والتي قدرتها بـ ٨ آلاف حالة مطالبة بأن تسدّد ما  عليها من ديون.
ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ بل أن هناك عينات مُعرّضة لمتابعات قانونية بعد ما تبين بأن العتاد أو الأجهزة المتغيّرة أو الثابتة، لم يظهر لها أثر أو توجد عند أطراف أخرى أو متوقفة عن العمل.
لابد من تقييم هذه العملية، ليس من زاوية القمع والردع وإنما وفق مقاربة الفرز بين ما هو مصالح وطالح.
أي دعم كل المبادرات ذات القيمة المضافة، التي كانت بمثابة مرجعية في هذا الإطار، اندمجت مباشرة في النسيج الاقتصادي واقتحمت المنظومة الإنتاجية في تنافسها الحاد.
وما ورد من إحصاء للمؤسسات المصنّفة في الخانة الحمراء، لا يعني بأن ذلك يعدّ مساسا بالمبدأ.. لا ليس الأمر بهذا الشكل، ما قامت به السلطات العمومية تجاهها إنما هو دق ناقوس الحذر،  الأوضاع لا يمكن أن تتواصل على هذه الصفة، زيادة على أنها رسالة واضحة المعالم لكل من يريد خوض عالم المقاولاتية، بأن يحضّر نفسه تحضيرا جيّدا، لدخول هذا الامتحان كونه صعبا ومعقّدا عليه إن لم يكن في مستوى هذا التحدّي.
وعليه، فإن البنوك ليست جمعيات خيرية تمنح الصدقات والهبات، هكذا بل هي مطالبة بأن تسترجع أموالها آجلا أم عاجلا، مهما كان الأمر سواء كرأسمال ثابت أو متحرّك، وليس غريبا أن تراسل هؤلاء الشباب هذا من جهتها كي تعرف ما مدى التزام كل من أخذ سنتيما في إنجاز مشروعه على الواقع طيلة المدة التي استفاد منها من القرض.. لأنه اتضح أن الميدان شيء آخر.. لا يستدعي الأمر اجتراره، بالإضافة إلى وجود «عقد ـ تعهد» بين الشاب والبنك.. عبارة عن دفتر شروط، ووثيقة نجاعة.
غير أن أمام هذا الفراغ الملاحظ اضطرت البنوك إلى مطالبته بتسوية وضعيتهم، وإنما السعي لإيجاد الحل المطلوب وعدم بقاء تلك الأموال محل تلاعب أو العبث بها في كماليات الحياة اليومية.
وعليه، فإن الطرفين أي الشباب والبنوك مستعدان لاقتراح صيغ عملية، من أجل التقدم في هذا الملف، وعدم بقاء هذا الوضع سيد الموقف إلى مالا نهاية من بينها جدول الديون، أو استرجاع الأملاك التي بحوزة المدانين لإعادة بيعها في المزاد العلني، للاستفادة على الأقل من مبالغ مالية معتبرة مع التزام هؤلاء الشباب بعدم إرتكاب أخطاء أخرى تدوّن في سيرتهم المهنية لدى هذه المؤسسات.
هذا كله من أجل أن تكون المقاولاتية حقا حلقة قوية ورافدا من روافد المساهمة الفعّالة في صناعة المؤشرات الاقتصادية وخاصة تقليص نسبة البطالة في أوساط الشباب.